ريما شري&

لم تكن الطالبة البريطانية أقصى محمود تعرف كيفية إستخدام وسائل النقل العام للتنقل في وسط مدينة غلاسكو ولكنها، في ليلة وضحاها، جمعت كل ما لديها من شجاعة وعبرت الحدود التركية إلى سوريا لتلتحق بصفوف داعش. «لا أعرف متى أصبحت ابنتي بهذه الشجاعة». تقول والدتها خالدة مستعيدة آخر لحظات رأت فيها ابنتها. «كان هناك شيء ما حول الطريقة التي ودعتنا بها، حتى أن والدها سألني بعجب إن كانت ابنتنا على ما يرام وأكدت له حينها أنها بخير». إستغرق الأمر أربعة أيام حتى عرف الوالدان أن أمور ابنتهما لم تكن، بالفعل، على ما يرام، وهي الفترة الزمنية التي استغرقتها أقصى للوصول إلى الحدود السورية، المنطقة التي أجرت منها آخر مكالمة هاتفية مع والدها لتعلمه بقرارها: «سأراك يوم الحساب، أريد أن أصبح شهيدة». هكذا مضت أقصى في شهر تشرين الثاني/نوفمبر من العام الماضي تاركة خلفها والدين غارقين في بحر من الأسئلة يحاولان من خلالها إسترجاع أي تفصيل عن حياة ابنتهما قبل ذهابها إلى سوريا، ليفسر به السبب الذي دفعها إلى هذا المصير، ولكن دون جدوى. فما من إشارة في حياة إبنة العشرين ربيعا المدللة، عاشقة سلسلة «هاري بوتر» الشهيرة وموسيقى فرقة الروك البريطانية الشهيرة «كولدبلاي» تنذر بمصير كهذا. بعد مرور شهر على رحيلها، قيل أن أقصى تزوجت من أحد مقاتلي ما يسمى بتنظيم الدولة الإسلامية، واستخدمت حسابها على «تمبلر» لحث النساء البريطانيات على الانضمام الى داعش. بعد أقل من عام، وجد الإعلام البريطاني أن جهود أقصى، التي أطلقت على نفسها فيما بعد لقب «أم ليث» لاقت رواجاً كبيراً بين البريطانيات. و«أم ليث» ليست الفتاة البريطانية الوحيدة التي انضمت إلى داعش، بل هناك أخريات مثل «أم حسين» و «أم جعفر» من اللواتي لحقن بتنظيم داعش وحرضن أخريات على الإلتحاق به. وبحسب المركز الدولي لدراسة التشدد والعنف السياسي هناك 25 فتاة بريطانية سافرن إلى سوريا معظمهن في سن ما بين 18- 24 عاما، نذكر بعضهن في هذا التحقيق.

«أم حارثة» و«أم عبيدة»

و«أم وقاص» مشروع زوجة شهيد

ما إن وصلت «أم ليث» إلى سوريا حتى وضعت عدة صور لها على حسابها في «تويتر» متلفحة بسواد الزي الشرعي الذي يفرضه داعش تثبت أنها أصبحت في الرقة حيث «الدولة الإسلامية» كما تسميها، وتظهر في إحدى هذه الصور بجانب صديقتيها «أم حارثة» و»أم عبيدة» اللتين هربتا أيضاً نحو سوريا للزواج من مقاتلي داعش. «هذه المشاق لن تذهب هباء، فالثمن الذي ستحصلين عليه كبير جداً بعد «هجرتك»، ستصبحين أخيراً زوجة لشهيد، وستتملكك مشاعر يعجز اللسان عن وصفها، إذ «لا توجد طريقة لوصف شعور الجلوس مع الأخوات في انتظار أخبار عمّن منكن سيحظى زوجها اليوم بالشهادة»،حسب إحدى تغريدات «أم ليث».
وربط المركز الدولي لدراسة التشدد والعنف السياسي أقصى محمود «أم ليث» بـ «أم حارثة» و»أم عبيدة» وأم «وقاص» وكلهن من بريطانيا. ويعتقد أن «أم عبيدة» لها روابط في السويد وتدير حسابا خاصا لكتيبة «الخنساء». وفي رسالة على موقع للتواصل الإجتماعي وصفت «أم وقاص» بقية النسوة بـ»أخواتي». ووصلت للرقة في شباط/فبراير ووضعت صورة لها على الإنترنت وهي ترتدي الحزام الناسف. ويقدر عدد الجهاديين البريطانيين الذين يشاركون في العمليات القتالية في سوريا بحوالي 500 مقاتل، منهم عدد من الفتيات، وفي هذا الإطار كشفت صحيفة «صندي تلغراف» عن كتيبة تترأسها جهاديات بريطانيات.
وكانت تقارير صحافية كشفت أن فتيات بريطانيات يتدفقن على سوريا للزواج من جهاديين يقاتلون نظام الرئيس بشار الأسد، بعد التعرّف عليهم على شبكة الإنترنت، ويسافرن في رحلات جوية إلى وجهات سياحية في تركيا أولاً لتجنّب الشكوك، في حين تتزوج بعضهن عبر موقع (سكايب) قبل السفر.

« أم حسين» صاحبة التنورة القصيرة

ومغنية الروك تتوعد بقطع رقاب الكفار

بعد نشرها تغريدة لها عبر موقع التواصل الإجتماعي «تويتر» قالت فيها أنها ستقوم بقطع رقاب الكفار بيدها لتعلق رؤوسهم على أسوار الرقة؛ كشفت التحريات التي أجراها مسؤولون بريطانيون أن صاحبة الحساب «أم حسين البريطانية» ما هي إلا مغنية بريطانية سابقة تدعى «سالي جونز»، وعند قيام بعض المحققين بسؤال جيرانها عنها تبين أنها غادرت المنطقة بشكل مفاجئ منذ خمس سنوات، وهي الفترة التي رجح المحققون أنها تعرفت خلالها على زوجها البريطاني «جنيد حسين»، العضو بتنظيم داعش. وقالت سالي جونز (45 عاما) من «كنت» في تغريدة «كل ما يحتاجونه المسيحيون هو سكينة حادة تقطع رؤوسهم وتعلق على أعمدة الرقة… تعالوا إلى هنا وسأفعلها لكم».
وبحسب صحيفة «ميل» فإن «أم حسين» تزوجت «جنيد حسين» بعد قصة حب شهدتها صفحات المحادثة الإلكترونية، ليتفق الزوجان اللذان إعتنقا الإسلام مؤخرا على أن يسافر كل منهما على حدة إلى مدينة «الرقة» السورية ليتمكنا من الإلتحاق بمقاتلي الدولة الإسلامية هناك. وأضافت أن المحققين وجدوا لدى «أم حسين» مقطع فيديو يصورها وهي تغني في إحدى الحفلات مع فريقها الغنائي، وكانت تلبس تنورة سوداء قصيرة.

توأمتان بريطانيتان تستخدمان

القنابل اليدوية ومقاتلة

تتدرب ببندقية كلاشينكوف

إنضمت التوأمتان البريطانيتان سلمى وزهرة هالاني (16 عاما) إلى تنظيم داعش في سوريا في شهر ايار/مايو وتزوجتا من عناصر التنظيم، وسُميت إحداهما «أم جعفر» تماشيًا مع الفكرة الدينية التي يتبناها التنظيم، وتعهدتا بعدم رجوعهما لبريطانيا وأن تتدرَّبا على استخدام القنابل اليدوية والبنادق. وتخوف الباحثون في كينغز كوليج في لندن من وجود عدد كبير من نساء بريطانيا بين صفوف مجاهدي الدولة الإسلامية داعش في سوريا، وقد كان من بين المجاهدات اللاتي تم الكشف عن شخصياتهن التوأمتان سلمى وزهرة، و«خديجة دير»، 22 عاما، التي ولدت في منطقة «لويشام» في جنوب لندن، ثم إعتنقت الإسلام لاحقاً، وبعدها بدأت بمتابعة أخبار الثورة السورية عبر الإنترنت، لتتحول سريعاً إلى التطرف، وفي العام 2012 سافرت إلى سوريا لتتزوج بأحد مقاتلي التنظيم وتلتحق بالمقاتلين وتحمل السلاح.
ونشرت خديجة صوراً لها وهي ترتدي النقاب الأسود، وتحمل بندقية كلاشينكوف خلال تدريبات تشارك فيها، لكن الأكثر إثارة للجدل في بريطانيا ولفتاً للأنظار صورة ابنها الطفل ذي الأربع سنوات التي نشرتها الأم على الإنترنت له وهو يمسك بسلاح كلاشينكوف.
وبعثت خديجة بتغريدة من منزلها في سوريا إلى المواطنين من أبناء بلدها تقول «الله أكبر، بريطانيا يجب أن تستسلم، أريد أن أكون أول امرأة بريطانية تقتل الإرهابيين الأمريكيين والبريطانيين».

بريطانيات يدرن كتيبة في الرّقة

براتب شهري قدره 164 دولارا

شكلت داعش موخراً «كتيبة الخنساء» وهي كتيبة تترأسها جهاديات بريطانيات يعملن في قوة شرطة خاصة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وبحسب صحيفة «صنداي تلغراف» فإن الفتيات البريطانيات يدرن قوة شرطة آداب تراقب تصرفات النسوة الأخريات في شوارع مدينة الرقة التي تعتبر عاصمة الخلافة التي أعلن عنها أبو بكر البغدادي في حزيران/يونيو الماضي وقتل في صحرائها الصحافيين الأمريكيين جيمس فولي وستيفن سوتلوف. وتقول تقارير بريطانية عدة أن هناك إحتمالا بأن تكون الجهاديات البريطانيات على علم بهوية القاتل البريطاني المعروف بـ»جهادي جون» والذي يعتقد أنه من سكان لندن. وبحسب المركز الدولي لدراسة التشدد والعنف السياسي فالفتاة أقصى محمود تلعب دورا محوريا في قوة الشرطة هذه. وبحسب مجموعة أبحاث الإرهاب وتحليله، وهي مجموعة بريطانية تراقب داعش، فقد تم إنشاء كتيبة الخنساء في شباط/فبراير العام الحالي وتم اختيار عناصرها من الفتيات غير المتزوجات ممن يرتدين الجلباب ويغطين وجوههن. وتتلقى كل واحدة من عناصر الكتيبة راتبا شهريا قدره 25.000 ليرة سورية (164 دولارا أمريكيا) وحددت قيادة داعش مهمة الفتيات بمراقبة السلوك العام وتطبيق الشريعة الإسلامية وتفتيش النساء المنقبات على نقاط التفتيش للتأكد من أنهن لسن من العدو.

مواقع التواصل الإجتماعي:

أسواق داعش الحرة

ينشر تنظيم داعش رسائل مفتوحة للجمهور باللغتين الإنكليزية والعربية على مواقع التواصل الإجتماعي فيسبوك وتويتر مع أشرطة الفيديو الدعائية. وبحسب مجلة «تايم» فإن النساء تنجذب لداعش من خلال هذا النوع من الحملات التي يشنها التنظيم مرفقاً معها وعود بالزواج من مجاهدين أتقياء في دولة إسلامية حقيقية، وهو ما يعطيهن فرصة لتكريس حياتهن لدينهن وإلههن.
ونقلت «واشنطن بوست» عن الباحثة البريطانية ميلاني سميث، التي تهتم بـ 21 من حالات هؤلاء النساء، بينها أقصى محمود، إن محادثاتهن على تويتر تكشف الكثير عن الدوافع التي تدفع هؤلاء النساء ليصبحن «زوجات للمجاهدين..إنهن يذهبن من أجل المغامرة..مثلهن مثل الشباب». وفي تغريدات على التويتر عبرت فتيات بريطانيات في الرقة عن رغبتهن بالانضمام للخنساء. وتعرف واحدة منهن بكنية «أم فارس». وتقول الباحثة في المركز الدولي لدراسات التشدد، والتي تراقب وسائل التواصل الإجتماعي لرصد ما إذا كان هناك نساء يذهبن لسوريا إن هناك نشاطا في السفر وعلى قاعدة يومية. ”رأيت في الإسبوع الماضي عددا من الحسابات على التويتر لفتيات ينتظرن العبور من تركيا إلى سوريا».
وتضيف أن ذهاب المرأة للجهاد أًصبح أسهل من الرجل بسبب عدم الشك بهن. ولدى المركز معلومات جيدة عن الجهاديات البريطانيات، وأصدر بعضهن تهديدات ضد الغرب مثل خديجة داري التي أرسلت تغريدة تحتفل فيها بقتل فولي. وتقول سميث إن وسائل التواصل الإجتماعي تمتلئ باقتراحات الزواج، فيما تزوج بعض المقاتلين أكثر من زوجة.

داعية مسلم:

أمراء الحرب في سوريا يستدرجون

ويستغلون البريطانيات جنسياً

حذّر رجل الدين المسلم الفلسطيني الأصل، هيثم الحداد الفتيات البريطانيات الراغبات في الجهاد في سوريا، من خطر التعرّض لمحتالين، قال إنهم يمكن أن يستخدموهن للحصول على جوازات سفر بريطانية.
وقالت صحــــيفة «دايـــلي ستار اون صنداي»، إن الحداد الذي وصفـــته بالمتشــدّد، قال إن أمراء الحرب في سوريا يستدرجون الفتيات المسلمات البريطانيات لإستغلالهن جنسياً واستعبادهن والحصول على جوازات سفر بريطانية من خلال الزواج منهن.
وأضافت أن الحداد، الذي يدير «المؤسسة الإسلامية للبحوث والتنمية» في حي تاور هامليتس شرق لندن وعضو مجلس الشريعة الإسلامية في بريطانيا ، نشر شريط فيديو على موقع (يوتيوب) نصح فيه الفتيات المســلمات البريطــانيات بعدم الذهاب للجهاد في سوريا من تلقاء أنفسهن لتجنّب الوقوع في حبائل المحتالين.

&
&