حسن الحارثي

حملت الأيام القليلة الماضية عدة حوادث تعنيف جسدي يندى لها الجبين. ضحاياها أطفال. كان أولها المعلم الذي يجلد طالبه بسوط الخيل!، وثانيها الأب الذي سلخ فروة رأس ابنه وسكب عليه "الفلاش"!، وثالث الأثافي معلم تحفيظ القرآن الذي يضرب الطالب الصغير بقسوة، ويحمله ثم يرمي به داخل المسجد!.


جميعها حوادث مؤلمة، ويستحق مرتكبوها التجريم وإنزال أشد العقوبات بحقهم، غير أن الأكثر إيلاما حادثة معلم تحفيظ القرآن الكريم، ليس لأن حجم العنف فيها مرتفع، وتشعر أحيانا أن الطالب سيقضي نحبه بين يدي معلمه المتوحش؛ لكن لأنها وقعت داخل مسجد، وفاعلها شخص من المفترض أن تكون أخلاقه القرآن.


لو أن لدينا قانونا واضحا لما تجرأ هذا الوافد أن يمارس العنف والاعتداء الجسدي واللفظي على الطلاب الصغار داخل المسجد، ولما قدم للعالم صورة مصغرة للدواعش الذين يسكنون بيننا، ويقدمون أنفسهم على أنهم رجال دين ومساجد، وهم في حقيقة الأمر ليسوا سوى مرضى نفسيين يكملون مسيرة تشويه دين الرحمة والسلام أمام العالم مع الجماعات المتشددة.


ربما تكون هذه الحادثة فردية، وربما تكون أيضا الأولى من نوعها، فلم يسبق أن نقلت لنا كاميرا الجوال ممارسات من هذا القبيل في مسجد، ولكن هذا الرجل يمثل شريحة من معلمي تحفيظ القرآن الحاصلين على كامل الصلاحية للتصرف مع الأطفال، وتربيتهم وعقابهم دون أي مؤهل أو خلفية بطرق التعليم والتعامل مع النشء، ودون أي قوانين تحمي الأطفال من الإيذاء، وكل ما هو مطلوب في وظيفة كهذه أن يكون حافظا للقرآن، ويملك من العضلات المفتولة ما يكفيه لرفع الطالب ودحرجته في أرجاء المسجد، فهل هذا ما تعلمه من كتاب الله؟!