أشرف العشري

أعتقد أن الغالبية منا مازالت غير راضية أو مقتنعة بمنسوب وتيرة أداء سياستنا الخارجية واستعادة دور ومكانة مصر فى المنطقة العربية والأقليم، ومازال يراودنا الحلم ونطمح أن تكون مهمة الرئيس السيسى القادمة الاستثنائية والعاجلة هى الأسراع بعودة وتيرة حظوظ الدور المصرى وتمدده وتغلغله فى المنطقة ولتكن البداية فى العالم العربى بنفس الاهتمام والأداء بملف الأوضاع الداخلية وإحياء وانتشال الدولة المصرية كما يفعل حاليا بهمة ونشاط لتجاوز الزلزال المدمر الذى ضربنا بسبب سوء وفساد سياسات مبارك وفشل وخيبة محمد مرسى وجماعته.

ولذا فإننى أرى أنه بات على الرئيس خاصة أن الوقت أصبح مناسبا أن يبدأ من الآن فى توسيع دائرة الحركة والرؤية لصياغة مشهد جديد ديناميكى لسياستنا الخارجية وليكن مجمل رؤيته وحركته من البداية فى نطاق دائرة المحيط الخليجى أولا بدون قطر بالطبع باعتبار أن هذه الدول خاصة ثلاث منها فى المقدمة الكويت والإمارات العربية والسعودية يمكن الاعتماد عليها لعدة سنوات قادمة فى توفير الظهير الاقتصادى والمالى والتنموى لمصر فى معركة البناء والانقاذ واقامة دولة مصرية عصرية جديدة وليكن الاهتمام المباشر ـ بعد دعم وسواعد المصريين فى بناء دولتهم ـ هو ضرورة توفير حاضنة خليجية من هذه الدول الثلاث التى تملك الوفرة المالية والاقتصادية لتكن السند وشبكة الأمان لتحقيق معجزة السيسى فى بناء المارد المصرى القادم فى المنطقة كما يحلم ويحلم معه ملايين المصريين.
ولتكن البداية قيام السيسى بزيارات مماثلة لكل من الكويت ودولة الإمارات العربية كما فعل بزيارة السعودية حيث إن هذه الزيارات وتتابع اللقاءات الدورية سيكون لها أبلغ الأثر إيجابيا فى أوساط قادة وملوك وشيوخ الخليج من ناحية، وأيضا نسج علاقات إضافية برصيد من المحبة والتضحية والمساندة والتكاتف من قبل شعوب هذه الدول باتجاه الدولة والشعب المصرى وتحفيز قادتها على ضرورة تكثيف المساندة والعون والتآزر باتجاه مصر فى المرحلة الحيوية القادمة.

أى بصريح العبارة نحن نحتاج إلى أموال الكويت والإمارات والسعودية سواء عبر المساندة أو التوظيف فى مجالات الاستثمار والتنمية والاسراع بتوظيف فائض القدرة المالية لهذه الدول فى مشروعات محور قناة السويس وخدماته اللوجستية أو الطرق والمدن الجديدة وإنشاء العقارات التى نراهن عليها لانهاء مأساة العشوائيات وإنقاذ حياة أكثر من 16 مليون مصرى يعيشون فى أقبية المقابر مع الموتى والأكواخ وعشش الموت والضياع.

ولا يحدثنى أحد على الرهان على الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبى فى مساندة مصر فى معركة بناء الدولة القادمة فهؤلاء لهم أجندات خبيثة وقذرة تجاه مصر ولغة المصالح والمنافع هى الإطار الحاكم لأى تطور باتجاه مصر.

بدليل أن الاتحاد الأوربى حجب منذ أيام مبلغ خمسة مليارات دولار مساعدات لمصر فى الفترة القادمة بحجة عدم اتضاح الرؤية الديمقراطية فى مصر وغموض المشهد السياسى هنا حاليا وهذا يعكس سوء النوايا الأوروبية ومن قبلها الأمريكية تجاه مصر.

ومن أجل ذلك ليدعم الرئيس السيسى رهاناته على الظهير الاقتصادى الخليجى فذاك أفضل لنا عبر فرصة مواتية حاليا لمصر الجديدة والرئيس الجديد بشعبيته وإرادة جماهيرية كاسحة لاستنساخ النسخة المنقحة لسياسة مصرية خليجية استثنائية غير مألوفة من تلك التى كانت قائمة لمصر أيام حكم مبارك، ومرسى الاقصائى الفاشل.

وأكرر لتكن البداية بزيارة عاجلة للكويت والتلاقى مع أميرها الشيخ صباح الأحمد رجل الخبرة والوعى والادراك والحكمة بملفات المنطقة والأقليم والعالم لسنوات خبرة طويلة وصاحب جائزة رجل وزعيم الإنسانية المهداة له فى الأيام الماضية من الأمم المتحدة فى احتفالية عالمية شهد له العالم بحكمته وعطائه ورؤيته الثاقبة ودوره فى تخفيف آلام ومأسى دول وشعوب عديدة فى العالم.

وعندئذ ليكن للكويت وأموالها واستثماراتها دور بارز فى المشهد الاقتصادى والتنموى أسوة ببقية دول الخليج الشقيقة لمصر، ومن ثم يستكمل الرئيس جولته بزيارة الإمارات العربية المتحدة لتعزيز وتوطيد ركائز هذه العلاقات الأخوية الضاربة بجذورها فى الأرض منذ الأب المؤسس الشيخ زايد آل نهيان مرورا بالشيخ خليفة وكذلك محمد بن زايد حتى تكتمل دائرة الرهان على الدور الخليجى مع دول أخرى مثل البحرين وسطنة عمان.

حيث يجب ألا ينسى الرئيس أن معارك مصر القادمة اقتصاديا وتنمويا لن تنتهى بمشروعه العملاق فى محور قناة السويس فقط بل مازالت أزمات ومشاكل مصر السيئة تحتاج إلى مئات المشروعات من قبيل مشروع قناة السويس وأموال المصريين فى الداخل لن تكفيها وهنا يأتى دور رئيس الجمهورية فى صياغة العلاقات الفريدة مع دول الخليج الثلاث حيث تقاطع المصالح المصرية الخليجية سيبلغ ذروته فيما هو قادم من سيناريوهات الإرهاب والتصدى لمشاريع التقسيم والتفتت، وسيناريوهات السوء والمؤامرات من قبل تركيا وإيران.. فهل يقدم الرئيس السيسى على هذه الخطوة الآن قبل الغد.. إنا لمنتظرون!.
&