فاتح عبدالسلام

مؤتمر باريس لمكافحة الإرهاب قضية كبيرة ، هو ليس كغيره من المؤتمرات التي تركن مقرراتها على الرف وتضيع في اللجان الفرعية. قرارات هذا المؤتمر أو مجرد كلماته ومؤتمراته الصحافية تتحول الى طائرات قاصفة وقوات من دول ذات جيوش لا تقهر واستخبارات دولية وأقمار تجسس ودول للدعم اللوجستي وحرب اعلامية وتصفيات لمنابع التمويل والتصدير والتثقيف. هذا مؤتمر جاء لينفذ أية كلمة ينطق بها أي عضو فيه تطبيقاً جزئياً أو كلياً.


غير إنّ هذا المؤتمر مرتبط بظهور تنظيم ارهابي واحد هو الدولة الاسلامية أو ما يعرف عالمياً ومحلياً باسم داعش. ويوحي بأنّ القضاء على هذا التنظيم متشعب الإرتباطات الإقليمية هو نهاية الارهاب وإن لم يقولوا بذلك صراحة. وكأن العراق كان صافيا دافئا ينعم بالاستقرار فلا مليشيا تذبح فيه ولا فرق موت تصفي على الهوية الطائفية في مركز العاصمة وحولها وكأن لا دعوات يفوح منها الارهاب المنظم والمبعثر انطلقت من أفواه مقيحة لكنها مجازة للوقوف خلف المايكروفونات كونها ليست القاعدة سابقاً وليست داعش حالياً.


العراق بلد ممرق متهتك منهك مفتوك به وبثرواته ينخره الفساد المغطي بالأحزاب والرؤوس الحاكمة والاحزاب ذات الايديولوجيات المستوردة أو على الأقل ذات التحديث الخارجي دائماً.


مع الطلعات الجوية الأولى سيكون تنظيم داعش في خبر كان ، سينكفيء أو يهرب أو يتدمر أو ينحر نفسه بنفسه أو يكون خارج معادلات التأثير في الأقل بالعراق ومن ثم سوريا موطنه الأصلي ومرابع صباه. وسوف تظهر مليشيات معروفة تقاتل في انحاء العراق اليوم بما يتفوق على انتشار الجيش الرسمي لتستعرض قواها بأنها انتصرت في المعركة ضد داعش وتستغل هذا الانتصار الدولي ليكون في جيبها محلياً ما دامت أركان العملية السياسية تسير في ذلك الطريق الذي سمح لسرطانات المليشيات تتمدد وتنتشر من دون تحريك ساكن بل جرى تشجيعها بفتاوى دينية نحرت ما تبقى من النسيج الاجتماعي في البلد المنحور بسكين داعش وقبله سكاكين المليشيات.


الألعاب البهلوانية القديمة قد تنطلي على مؤتمر دولي في انهاء مسميات المليشيات ودمجها بالقوات المسلحة بنفس عقليتها التي استباحت الدم العراقي على الشبهة أو الهوية أو الاسم لكنها حتماً لا تنطلي على العراقيين مختبر التجارب الدموية من كل انواعها.


هناك من يقول أن العراقيين سمعوا في البرنامج الوزاري فقرة تقول بوجوب وضع السلاح تحت تصرف الدولة . وهل تعترف المليشيات أصلاً انها تتعامل مع اسلحة الدولة . هل سمعنا ارادة بحل المليشيات ومحاربة من يمولها ويغذيها مثل ما يجري التعامل مع داعش والقاعدة من قبلها.


سينجح مؤتمر باريس لكن من المرجح، ستثبت الأيام أنه مؤتمر أعور،يرى جانباً من دون الآخر، يرى بعين واحدة.