&حسين شبكشي

&

يجزم كل متابع للقضية السورية أن قرار الرئيس الأميركي باراك أوباما بالتدخل العسكري وتشكيل تكتل عالمي لمقاتلة تنظيم «داعش» الإرهابي، ما كان ليحدث لولا حوادث نحر الأميركيين والإنجليزي المحتجزين لدى هذه الجماعة الإرهابية، وأن قراره بأهمية «ملاحقتهم» و«القضاء عليهم» جاء نتاج حالة الغضب الشعبي الذي روج جيدا في وسائل الإعلام ورفع درجة القبول والاستعداد الشعبي العام لذلك.


ولكن أساس المشكلة يبقى نظام بشار الأسد المجرم الذي بدأ عملية «الخلاص» من الأجانب في سوريا، فالكل لا يزال يتذكر مصرع الصحافية الأميركية المخضرمة ماري كولفين، مراسلة «الصنداي تايمز» وهي تؤدي عملها في تغطية مناطق النزاع في مدينة حمص السورية، وذلك على أيدي أفراد جيش الأسد بدم بارد خلال قصف مركز على المدينة، تم فيه استهدافها بشكل خاص وشخصي، رغم علمهم بوجودها مسبقا، وذلك في منطقة بابا عمرو.
والكل يتذكر أيضا مقتل الطبيب وجراح العظام البريطاني عباس خان، الذي أتى إلى سوريا كطبيب متطوع مثل غيره ليعالج الحالات المرضية والإصابات العصبية التي تعرض لها أبناء المدن والقرى السورية، جراء القصف الوحشي والممنهج بأعتى الوسائل على أيدي نظام الأسد، وهم يستخدمون في ذلك أشرس الأسلحة الكيماوية والبراميل المتفجرة والصواريخ والقذائف، وتم اعتقاله على أيدي قوات الأسد وإعدامه في سجن خاص وتعرض لأسوأ أنواع التعذيب والتنكيل، وشوه جسده بمواد حارقة حتى قضي عليه داخل الزنزانة التي كان بها من مضاعفات وتبعات آثار التعذيب القاسي.


وكذلك هناك ريمي أوشيك الفرنسي الذي جاء لتغطية الأحداث السورية بالإعلام الغربي وقتله جيش الأسد بحمص، وهناك الكندي الإعلامي علي مصطفى الذي اغتيل على أيدي قوات الأسد في مدينة حلب، وأيضا يتذكرون جيل جاكيه الفرنسي الذي قتل على أيدي جيش الأسد في حمص وميكايا ماماتو الصحافية اليابانية التي قتلها قناصة جيش الأسد في مدينة حلب، والفرنسي أيف دوباي الذي قضى على أيدي جيش الأسد في مدينة حلب.
استثناء بشار الأسد ونظامه وحليفه التنظيم الإرهابي والتكفيري «حزب الله» من العقوبة مع «داعش»، هو نصف العلاج للمشكلة، فـ«حزب الله» سجله الإرهابي مخيف، فهو تمرس في خطف المدنيين الغربيين في لبنان ومطالبتهم بالفدية، ومقايضتهم بالسلاح كما عرف وقتها بفضيحة «الكونترا غيت»، وكذلك الأمر بالنسبة للعمليات الانتحارية بحق السفارة الأميركية ومقر قوات المارينز اللبنانية والفرنسية، والتي ذهب فيها ضحايا من اللبنانيين أنفسهم بأعداد مهولة، هذا الفكر «الإرهابي» هو الذي يقود سوريا في حربها بين نظام يرغب في إبادة شعبه وتدعمه ميليشيات خارجة عن القانون منغمسة في الإرهاب وممارسته.
هناك حقائق على الأرض لا يمكن تجاهلها، وهناك واقع يحكي عن نفسه، الحرب على الإرهاب يجب أن تكون حربا شاملة وليست حربا منتقاة ومحددة بحسب النوعية والأسماء. كل فصيل إرهابي يحمل السلاح باسم الدين يجب الخلاص منه، فهناك دول وقوانين ودساتير تحكم الأمور، ولم نعد نعيش في عالم شبيه بالغابات، مهما كانت الغايات من وراء حمل السلاح، وسواء أكان ذلك باسم المقاومة أو الجهاد أو الإمامة أو الخلافة كلها أسماء مضللة ومليئة بالكذب، ثبت ألا خير من ورائها إلا تأجيج الفتن وإراقة الكثير من الدماء.


الحرب على الإرهاب يجب أن تكون حربا شاملة ولا تستثني أحدا، وما دام لم يقم ذلك فالإرهاب باق، لأن أسبابه موجودة!