فاتح عبدالسلام

قصف مدينة الكاظمية ليلة الخميس أعاد أمامي شريط المآسي الذي لم ينقطع يوماً في تصوير بشاعة خضوع العراق لمنطق الحرب وحماقة السياسيين الموهومين بالعظمة الفارغة الذين أوصلوا بلاد الرافدين الى قطعة أرض تمارس فوقها أنواع الفظاعات بأسماء مختلفة منها اسم الله ومنها اسم رسوله الكريم ومنها أسماء آل بيته الأطهار ومنها باسم الدستور والشرعية .


قصف المدن هو أقذر أنواع الحروب ، وكانت البصرة أول مدينة عراقية ذاقت هذه النوع من الحروب القذرة في خلال الحرب العراقية الايرانية ما بين و . وسبقتها في ذلك المذاق المر مدن صغيرة في كردستان العراق في فترات الصراع مع الحكومات العراقية منذ منتصف القرن الماضي. ومنذ حزيران تتجرع مدن الموصل وتكريت القصف الجوي الذي أباد عوائل كاملة ولم ينل من داعشي واحد ، حتى جاء قرار وقف قصف المدن وكأنه مكرمة وليس خلاصاً من جريمة حرب ترتكب تحت الصلاحيات الحكومية.وكنا سمعنا ان الحكومة تحقق في الغارة الجوية التي ضربت مدرسة تأوي نازحين قرب تكريت في 1 سبتمبر»أيلول 2014. أسفر الهجوم عن مقتل 31 مدنياً على الأقل بينهم 24 طفلاً، وجرح 41 آخرين. ولم يكن هناك مقاتلون من تنظيم الدولة الإسلامية أو أي أهداف عسكرية أخرى في المدرسة أو حولها في ذلك الوقت، وفقاً لثلاثةٍ من الناجين نشرت الصحافة شهاداتهم.


حين قررت الحكومة السابقة انهاء كل مظاهر الاحتجاجات السلمية التي أقرها الدستور الذي كتبته أيديهم ذاتها، تحول المعتصمون الى فصائل مقاتلة كانت موجودة من قبل ولكنها أخذت حيز مظلومية اغتصاب حقها من التعبير عن مطالبها بطريقة سلمية . فوقعت مجزرة الحويجة وسجلت ضد مجهول وجاءت بعدها صفحة الانبار التي اندلعت فيها حرب المدن الأولى عبر قصف الفلوجة والكرمة وما تسبب من جراء ذلك من نزوح هائل كان يمثل الدفعة الأولى التي تلتها دفعات بمئات الالوف بعد سيطرة تنظيم الدولة الاسلامية على الموصل وتكريت وقسم من الأنبار.


القصف الجوي لم يكن دقيقاً على قوات غير نظامية تنتهج حرب العصابات على الارض ، كان دائماً يصيب مدارس ومستشفيات ومستشفى الفلوجة شاهد على ذلك.


هاجس حرب المدن يخيم على المدن الختضعة لتنظيم داعش لأنها ستنال الضربات الجوية الأمريكية والأوربية الموجهة الى داعش القادر على الاحتماء بالمدن ومن الصعب النيل منه بمجرد ضربات من الجو ، حتى أن ايران المفترض انها لا تشجع على مجيء قوات أجنبية الى العراق طبعاً قواتها غير مصنفة أجنبية وجدنا رئيسها حسن روحاني يجزم بأن دحر تنظيم داعش يحتاج الى قوات برية ، ورب قائل يقول انه كان يقصد الاستعانة بقوات رسمية ايرانية لتؤدي هذا الدور الناقص بوجهة نظر روحاني في العراق.


صوت القذيفة وانفجارها من دون قتل أحد يكفي ليكون مروعاً للأطفال والنساء، وهو كفيل بشل الحياة وتعطيل حركة الشوارع والمدارس والمصالح واعلان أن صوت الفوضى ارتفع فوق صوت العقل. لكن للسيف أحكاماً لابد أن تجري مجرى العقل أحياناً.