حسن عبدالله عباس&

&

التحركات الأميركية الجديدة في المنطقة ليست مستغربة لأنها تعمل وفق استراتيجيتها ومصالحها، لكن الموقف الذي وجد العبادي (رئيس الوزراء العراقي) نفسه فيه هو بحق صعب ولا يُحسد عليه.

لا أحد ينكر تحركات وخطط الاميركان تجاه المنطقة سواء علاقتها الحميمية مع الاسرائيليين أو تأمين مكامن وتنقل النفط أو انزعاجها من التحدي الايراني أو غيرها من الامور، فهذه كلها حقائق على أرض الواقع الخليجي والشرق أوسطي ومعلومة جيدا بالنسبة للمخططين الاميركان على مدار عقود الآن.

ما يستحق عناء المتابعة والمراقبة عن كثب ويوضع على طاولة المناقشة والتحليل والدراسة هو الموقف العراقي بإدارة رئيس وزرائه الجديد الدكتور حيدر العبادي. فقد ورث العبادي دولة مفككة باقتصاد متهالك وبنية تحتية فقيرة جدا وحكومة مركزية ضعيفة الى حد كبير. العبادي ليس بغافل عن أن عراق اليوم يعيش وضعا مأسويا بسبب هذا التراث الضارب في التناقضات والصراعات الفكرية والسياسية والعرقية، ومضافاً لذلك عوامل خارجية كثيرة ساعدت في تعميق الازمة، اهمها حرب الاستنزاف السورية الى جانب موقعها الجغرافي بحيث يعيش على طرفيها السنة العرب والشيعة العجم. فالعراق يعيش في ظل هذه الارضية التي وفرت ومهدت كي يتمدد فيها الارهاب ويستحل الدواعش اراضي شاسعة منه بهذه السرعة.

من هنا أقول إن العبادي في موقع محرج لا يُحسد عليه، وبالتالي حركاته الديبلوماسية ستكون بالتأكيد مؤثرة لدرجة كبيرة ويمكنها أن تقلب الموازين. فالخطة الاميركية أبعد من «داعش» بكثير، فهم مازالوا يرون أن الخطر الاستراتيجي يأتي من المحور الإيراني بأضلاعه الثلاثة (ايران وسورية وحزب الله). لذلك تصريحات المسؤولين الاميركيين بضرب الإرهاب في المنطقة وتهديد السوريين بعدم تعرض الدفاعات الجوية لهم إلى جانب تدريب وتسليح الجيش الحر، يعني أن اميركا دخلت الحرب علنا من بوابة «داعش» ومحاربة الارهاب، فهي لا تخفي وجودها بهذا الشكل لهذين السببين معا.

في المقابل يوجد المحور الايراني الذي حتما لن يقف مكتوف الايدي وسيُكمل مشواره في افشال الخطط الاميركية بتفعيل الاوراق المتاحة لديه كتسليح النظام السوري وتوتير الحدود مع اسرائيل الى جانب التحرك على المستوى الدولي سواء زيادة التعاون مع الروس والصينيين والتهديد بإيقاف التعاون بالنسبة للملف النووي، وبالتالي ستكون للإيرانيين خططهم الخاصة في التصدي لهذه التدخلات.

في هذه المعمعة أرى أن العبادي سيعاني الأمرين ويصعب أن يرضي جميع الأطراف، وأظن أن بوادر هذا الضغط المزدوج بدأت تطفو سريعاً فقد علّق سريعا العبادي حول مؤتمر «اصدقاء العراق» بأنه لن يوقع للمجتمع الدولي على بياض بالتصرف كيفما يشاء في الحرب على «داعش»، ولن يسمح باستخدام القوات البرية إلا بعد موافقته! لذا أقول المنطقة مُقبلة على عدم استقرار طويل الأمد وسيكون بيد العراقيين بعض مفاتيح الحلول.


&