مصطفى العبيدي

&

&

&

&كان انعقاد مؤتمر باريس لدعم العراق ضد تنظيم «الدولة الإسلامية» البداية العلنية لإنطلاق حملة الحلف الغربي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية والتي سبقتها الضربات الجوية الأمريكية على مواقع التنظيم في شمال العراق. وبعد نجاح أمريكا في تحشيد عشرات الدول الحليفة للمشاركة في الحملة كل حسب دوره فقد بدأت في تهيئة ساحة المعركة في العراق وسوريا. ونظرا لاستراتيجية أمريكا المعلنة بعدم التورط مجددا في حرب برية في المنطقة، ومع القناعة بعدم كفاية الضربات الجوية وحدها للقضاء على «داعش»، كان لا بد من التحرك لإيجاد حلفاء وقوى مقاتلة على الأرض تستطيع أن تساهم مع الطيران في تحقيق الهدف.


وتشهد قاعات الاجتماعات في العراق والبلدان المجاورة لقاءات طويلة متسارعة تقودها أمريكا مع شيوخ عشائر وسياسيين وقادة تنظيمات مسلحة قاتلت قوات الإحتلال الأمريكي وحكومات بغداد سابقا وحاليا، وذلك بهدف حشد أكبر عدد من المقاتلين السنة من المستعدين للتعاون مع أمريكا في حربها ضد «داعش» مقابل مكاسب ووعود برفع الظلم عن سنة العراق وتحقيق بعض المكاسب مثل إيقاف قصف المدن ومنح صلاحيات للمحافظات المنتفضة وتأسيس حرس وطني من أبنائها يكون مرتبطا بالحكومة رسميا وليس بصيغة الصحوات السابقة التي تخلت عنها أمريكا والحكومة بمجرد أدائها دورها في القضاء على تنظيم القاعدة.

وتشير المعلومات بأن هناك شبه اتفاق بين أمريكا وحكومة حيدر العبادي على تقديم الضمانات المطلوبة للمقاتلين السنة لكسبهم في المواجهة القريبة لتحقيق أهدافهما المشتركة وأن شيوخ العشائر وقادة التنظيمات المسلحة التي تعاونت مع «داعش» في البداية واختلفت معه لاحقا يقومون بإعداد عناصرهم لبدء معركة كسر العظم وفرض السيطرة على الأرض وطرد «داعش» من مناطقهم، ويبدو أن الساحة والناس مهيؤون من الآن لإستقبال هذه التطورات في ضوء سوء ممارسات «داعش» ضد العراقيين. وقد شعر تنظيم «داعش» بهذه الترتيبات فبدأ بحملة من الإعتقالات والإعدامات في المناطق التي يسيطر عليها ضد كل من يعتقد أنه سيكون خطرا أو مشاركا في جهود طرده.


أما عن مواقف القوى في العراق تجاه الحلف فقد تباينت بين الترحيب السني كونه سيعيد لهم دورهم في مناطقهم وبين الرفض والتهديد من قبل الميليشيات والأحزاب المتعاطفة مع ايران التي أبعدتها أمريكا مع سوريا من المشاركة في التحالف الغربي كنتيجة منطقية لدورهما في رعاية الإرهاب في المنطقة. وانتشرت تسريبات بأن استمرار قصف المدن رغم قرار العبادي بوقفه يعبر عن صورة لقوى تعمد الى افشال توجهات الحكومة لاصلاح الأوضاع. وضمن هذا التوجه تأتي تصريحات رئيس مجلس النواب سليم الجبوري انه يدرس مع رئيس الوزراء حيدر العبادي سن قانون خاص لإنهاء الميليشيات في العراق، مؤكدا ان القضية تحتاج الى وقت لتحقيق ذلك بشكل تام، وهو الأمر الذي لن يروق للميليشيات التي أصبح نفوذها راسخا في الواقع العراقي وتمارس دورا داخليا وإقليميا مرسوما بعناية. وقد شهد الأسبوع الماضي صفحات جديدة من التنافس على الوزارات الشاغرة في حكومة حيدر العبادي وخاصة الأمنية الحساسة التي يتركز عليها إهتمام بعض الأحزاب ويعتبرها مصيرية في وجوده في السلطة، كما تهتم بها أمريكا حاليا كونها يجب ان تكون منسجمة مع تحركات الحلف المناهض لـ»داعش». وانعكست أهمية تلك الوزارات في قاعة مجلس النواب حيث تصاعدت فيها احتجاجات النواب ومشاداتهم وصراخهم لفرض مرشحيهم ورفض الآخرين.


ولوحظ هذا الاسبوع تزايد أعداد النازحين العائدين الى ديارهم بعد قرار وقف قصف المدن وخاصة في الأنبار وديالى والموصل وصلاح الدين وذلك بعد رحلة معاناة ومآس واجهوها في الشتات داخل الوطن. ويعتقد المراقبون أن الآتي من الأحداث سيكون مؤثرا في سير تطورات مسارات الأوضاع الأمنية والســـيــاسية ضـمــن حملة الحلف الغربي ضد تنظيم «الدولة الإسلامية» وما سيترتب عليها من تداعيات .


&