يوسف الكويليت

مشكلة أي تغيير في الحكم بالدول العربية، سواء بالانقلابات أو الاحتلال والاغتيالات هي أخذ البريء في ذمة المجرم، وقد حدث هذا مع إقطاعيين ورأسماليين عندما اجتاحت الاشتراكية مبادئ التأميم، وهي في الواقع لا يصدق عليها هذا المصطلح حتى لو امتلكت تلك البيوت حيازات لأراض كبيرة بعض الشيء أو امتلاك شركات ومصانع بأجور للعمال زهيدة؛ لأن إمكانات الإصلاح سهلة وأقل خسارة من تلك المصادرات التي جاءت بعائد أسوأ من الرأسمالية والإقطاع..

في العراق، مثلاً، أزيل صدام من المحتل، وحُل الجيش والذي كان يمثل الطوائف كلها، ولأنه مركب حزبيّ للبعث طورد الجميع، واتخذت كل وسائل التنكيل عليهم، رغم ان الأغلبية دُفعوا لصدام وجيشه وحزبه بدواعي السلامة الذاتية لا الإيمان بأفكاره وطروحاته فجاءت سياسة الانتقام في الاتجاه الذي لم يكن يفكر به أي فرد من السلطة التي رأسها المالكي، ومثلت أسوأ الأدوار في السنوات الماضية..

فالمطارَدون درسوا مواقع ضعف النظام الذي لجأ إلى سلوك الفصل الطائفي، إن صح التعبير، وكأي حلف للمغبونين ولدت داعش وتضخمت بفعل مجريات الأحداث عندما انضمت لها العشائر السنية، وبقايا جيش صدام وفئات ظلت مستقلة عن الصراعات ولكنها وجدت نفسها ضمن المحاصرين والمهجرين، فلجأت إلى الدفاع عن النفس بالانضمام إلى الإرهابيين ليس حباً وانسياقاً لقبول أفعالهم وأفكارهم وإنما لقبول «الشيطان والتعاون معه، كما في عقيدة «تشرشل» في سبيل الحماية الذاتية.. وأسلوب التهميش والإقصاء واستخدام العنف من قبل الدولة، ولّد شعوراً مضاداً لجأ لمفهوم الطائفة المضادة، وهنا يجب أن نفرق بين الطائفتين السنية والشيعية في العراق، هل هما على إجماع على العداء، أم أن فئات انضمت لسلطتيْ الحكومتين هي من غذى الطلاق المؤقت، ولكنه الدامي؟ وهل يجب نسف فكرة أن الأغلبية في الطائفتين هي من عمق شعور التنافر والتناحر، أم أن الشعور بعدم الأمان هو السبب في حالات الانفصال؟

لذلك لا يجوز التعميم بأن شيعة العراق والمكوّن الوطني الأكثر يعادون التعايش ونسيان فصول طويلة من التاريخ عرفتها الأجيال السابقة ودونتها المصادر العديدة التي لم تكن تفصل بيتاً، ولا جماعة، ولا أبناء عم أو عشيرة البعض منهم سنة، وآخرون شيعة، لأنها نتاج تاريخ طويل وظروف تسلسلت وأعطت لكل فئة مذهبها وطائفتها دون إنكار أو تنافر..

نفس الأمر في سورية، لم يكن الحكم يخضع لشريحة اجتماعية أو طائفية فقد عرفتْ قادة عظاماً من الدروز والعلويين، ودعاة وحدة من المسيحيين، وظلت الخلافات والصراعات حزبية ذات انتماءات مختلفة لم يرفع أي منها شعار الطائفية لا في الحكم، ولا الجيش والأمن، لكن بعض العلويين، وبتشجيع من عائلة الأسد، هم من قادوا الفصل الطائفي، وكالعراق مع أغلبية سنية لجأت في سورية، وشيعية في العراق لإلغاء الوطنية لصالح النظام العائلي، لتكون البدائل الحرب الطويلة وعواقبها المأساوية.
&