الياس الديري

مَنْ يسبق الآخر، التفاهم السعودي – الإيراني، أم هجمة التصعيد "الداعشي" التي يمهّدون لها الطرق السالكة في جرود عرسال وما يحيط بها شرقاً، بلوغاً الساحل الشمالي وامتداداته، وما هو أعظم؟

الرهانات السلبيّة كما الإيجابيّة قائمة قاعدة في سباق يكاد يكون مُحتدماً، فيما الجميع يتطلعون إلى مبنى الأمم المتحدة حيث تمّ اللقاء الأول لوزيري خارجية السعودية وإيران سعود الفيصل ومحمد جواد ظريف.
حتماً، لا بدّ من خطوة بالغة الوضوح بالنسبة إلى الفراغ الرئاسي، الذي يفرض انتخاب رئيس جديد قبل حلول "المهلة النيابيّة".


وباعتبار أن الوضع اللبناني برمّته، وبكل تركيبته وشَلَله وتعطيل مؤسساته، مرتبط إلى حدّ بعيد بـ"نوع" العلاقة بين الرياض وطهران فإن من البديهي تركيز الأنظار على "الحركة" بين الوزيرين المكلّفين مهمّة يبدو أنها ليست مستحيلة.


ولكن، ثمّة مؤشّرات بالغة الأهمية وتدفع إلى التفاؤل خرجت إلى العلن، ويكاد البعض يقول "قوموا تـَ نهنّي". فعندما يُعلن ظريف في ختام لقاء أول من أمس "إنها صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين"، فهذا الإعلان يحمل على الاعتقاد أن في الأمر بشائر. ولا بدّ من رؤية نماذج من نتائجها في دول كلبنان، على سبيل المثال، وباعتبار أن البلد محروقة بصْلَته.


وطبيعي أن تكون حصّة سوريا محفوظة في "الصفحة الجديدة"، وإن يكن من الصعب معرفة أي منحى ستتّخذ، وكيف ستكون نهاية هذا الفيلم الدموي التدميري الطويل. وقد سبق لنا أن لمسنا نجاح اللقاء الأوّل للسعودية وإيران والذي انعقد في جدّة، وكانت أولى ثماره في ساحات الوغى العراقيّة. وحين يشير ظريف إلى "أنه ينبغي تفادي الأخطاء السابقة لمواجهتها بنجاح"، فإنما يعني بوضوح الأزمة التي أثارها هجوم "داعش" في العراق.
لذا أضاف بنبرة واثقة: "نأمل أن تكون لهذه الصفحة آثار إيجابيّة لإحلال السلام والأمن في المنطقة والعالم".


صحيح أن السعودية وإيران تتمتّعان بنفوذ قويّ في المنطقة، ويتطلّع العالم العربي والمجتمع الدولي باهتمام خاص إلى "لقاءات" وزيري خارجية البلَدين، إلا أن المكتوب يُقرأ من عنوانه. وإذا كان للوزيرين اجتماعات لاحقة، فإنما هي للنظر في أدقّ التفاصيل... باعتبار أن العناوين الكبرى قد سلكت طريق التفاهم.


لبنانيّاً، لا بدّ من الاعتقاد أن أي اتفاق بين هاتين الدولتين لا بدّ أن يحفظ حقّ لبنان، آخذاً في الاعتبار التناقضات "العسكريّة" المحيطة به، فضلاً عما يعتمل في الداخل بسبب التناقضات التعدديّة، وتغلغل التنظيمات في هذه الجغرافيا شبه السائبة، والتي من السهل اختراق أمنها.


جميعهم كلّهم يعلمون أن عملية إنقاذ لبنان تبدأ من هوّة الفراغ الرئاسي، وإذا ما بقيت الساحة يحتلّها هذا الفراغ، فلا مفرّ من حساب حساب "داعش" و"النصرة" وتوابعهما.
وعلى أساس غد في ظهر الغيب...
&