& إيليا ج. مغناير&

سقطت الموصل بيد «الدولة الاسلامية» (داعش) فسقطت صنعاء بيد «أنصار الله» (الحوثيون)، ما دفع الجمهورية الاسلامية في ايران والمملكة العربية السعودية الى أحضان بعضهما من جديد للتعاون الذي أصبح فرضاً واجباً على الاثنين نتيجة التحدي الذي يرابض على حدود كلا البلدين في العراق واليمن وفي ملفات اخرى.

وقال مصدر ايراني رفيع المستوى لـ«الراي» ان «اللقاء الذي حصل بين وزيريْ خارجية المملكة العربية السعودية الأمير سعود الفيصل وايران محمد جواد ظريف في نيويورك كان مهماً جداً، اذ انه الاول الذي يتم على هذا المستوى منذ انتخاب الرئيس حسن روحاني وقد سجل فتح صفحة جديدة في العلاقة كان مهّد لها نائب رئيس الوزراء حسين عبد اللهيان الذي سبق ان زار الرياض».

أضاف: «تتجه هذه العلاقة بعد لقاء نيويورك نحو التنسيق مع الاستعداد للقاء قريب في السعودية الشهر المقبل، أي بعد عيد الاضحى. وقد وجهت المملكة دعوة الى الرئيس روحاني للحج، فيما يمهّد التنسيق لجدول أعمال يشمل اليمن والعراق ولبنان وسورية والعلاقات الخليجية ونقاطاً اقتصادية مهمة للبلدين، وتم التوافق داخل الجمهورية الاسلامية على ان تكون العلاقة مع المملكة متوازنة ومنفتحة لان التعاون الخليجي والاسلامي مهم جداً امام التحديات التي تصيبنا جميعاً - خصوصاً الامنية - والتي تعصف بالمنطقة حيث لا مجال الا للتعاون على الصعد المختلفة في ما بيننا، ولكل بلد اولوياته الخاصة التي ستُطرح، وستكون الاسابيع المقبلة دليلاً على تطور العلاقات بين البلدان الاسلامية كافة في المنطقة».

وعن أحداث اليمن الاخيرة، قال المصدر المسؤول ان «انصار الله كانت لديها مطالب وحصل اتفاق سابق لم يُحترم، ما دفع الوضع نحو تدهور سريع، بدأ في صعدة وانتهى في صنعاء ولكن الامور ستعود الى مجاريها مجدداً مع حكومة جديدة وحلة جديدة تضع حداً للتدخل الخارجي»، مضيفاً ان «لايران علاقة جيدة مع الحوثيين وتدعم ما يطالب به غالبية الشعب اليمني وستستخدم علاقاتها الطيبة مع الاطراف في اليمن، وكذلك ننتظر ان يحذو جميع مَن لديهم نفوذ في اليمن ومناطق اخرى ليفعلوا الشيء عينه في مناطق اخرى في الشرق الاوسط لتُحل المشكلات العالقة ونتفرغ لحل أمورنا في ما بيننا دون اي تدخل خارجي لا ينفع بل يضرّ اكثر مما يفيدنا جميعاً».

ولكن ماذا يحصل في اليمن؟

هدأت الامور في شوارع صنعاء بعد معارك الايام الماضية، فعاد الاستقرار الى الجهة الجنوبية من العاصمة حيث خلت الشوارع من أي مظاهر مسلحة وبقيت بعض نقاط التفتيش المنتشرة في المنطقة التابعة لـ «أنصار الله»، كما خلت من أي عنصر من الشرطة او القوات الامنية او الأمن الخاص بعدما اصدرت وزارة الداخلية بياناً اعتبرت فيه ان «قوات انصار الله هم أصدقاء للشرطة والقوات الامنية».

وقال شاهد عيان في صنعاء لـ «الراي» ان «الجهة الشمالية في صنعاء كشمان والنهضة والحبة والزبيري تشهد حركة طبيعية جداً حيث خرج الناس الى الشوارع وفُتحت المحال التجارية وانتشرت قوات انصار الله حيث حلت مكان الشرطة وتراجعت المظاهر المسلحة التي كانت انتشرت في الايام الماضية».

وبرعاية الأمم المتحدة أعلنت البنود الـ 18 (الاتفاق الذي وقعه الحوثيون مع الرئيس عبد ربه منصور هادي) التي فرضتها الاحداث الجارية واعطيت ضمانات لإعادة الثقة بين الاطراف كلها على ان تتوقف الحملة الاعلامية التي اعتبرها «انصار الله» مهددة لوجودهم، وكذلك اتُفق على تجفيف منابع الفساد وخفض سعر البترول اضافة الى نقاط اخرى عدة، الا ان ملحقاً اضيف لاحقاً يطول الوضع في الجوف ومأرب وعمران تحفّظ عنها الحوثيون لطلبهم ان تشمل التسوية كل المناطق وليس فقط تلك التي ذكرها الملحق. وتعد هذه المطالب كلها انتصاراً لـ«أنصار الله» الذي يترأسها عبدالله الحوثي المقرب من ايران، وتالياً فان الجمهورية الاسلامية استطاعت استعادة زمام الامور في المنطقة وأظهرت انها تملك أوراقاً في جعبتها كشفتها في اللحظات الاخيرة.

وأكد المصدر ان الحوثيين فرضوا اسم رئيس جديد للحكومة في الجنوب سيعلن خلال اقل من 24 ساعة وهو مقبول من الجميع.

وكان تقدم «الدولة الاسلامية» الى الموصل وبقية المدن العراقية التي احتلها التنظيم، وما ادى اليه من فرض سقوط رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي، قد اعتبر نكسة لإيران في العراق بعد اكثر من عقد على النفوذ الذي تمتعت به منذ الغزو الاميركي الذي انتهى برحيل القوات الأميركية عن البلاد في العام 2011.

&