فاتح عبدالسلام

صدمة في كل المعايير كان كلام الرئيس الأمريكي باراك أوباما حول سوء تقدير أجهزة الاستخبارات الأمريكية في تقدير قوة وخطر تنظيم داعش من جهة، ومبالغة الجانب الأمريكي في النظر الى قوة الجيش العراقي الذي انهزم في بضع ساعات أمام قوات تنظيم داعش .


الظاهر في كلام رئيس الدولة الأعظم مخيب للآمال ومحبط ويحيل الى عبارة سهلة ثمنها ألاف الأرواح وخسائر بالمليارات من السهل اطلاقها دائما كمال حدث عندما غزا الجيش الامريكي العراق عام تحت ذريعة وجود سلاح دمار شامل استناداً الى كلام سياسيين ما لبث أن اتضح أن الجميع يكذب على الجميع . هل نشهد تكراراً للكذبة في بداية كل حرب دولية في الشرق الاوسط أو عند انتهائها.


كلام أوباما غير مقنع تماماً ،لكنه في الوقت نفسه ليس كلاماً جزافياً يقوله رجل لا يعرف من بواطن الامور أو ظواهرها شيئاً كما يبدو في التصريحات الأخيرة.


الكلام غير مقنع لأن أبسط المصادر الاستخبارية العادية كانت تستطيع أن تعطي صورة واضحة عن سيطرة تنظيم داعش على نصف مساحة سوريا تقريبا وعلى مساحات شبيهة بحجمها احيانا في العراق وحتى قبل ان يغزو التنظيم العراق كان واضحاً انه يقدر على فعل ذلك. لذلك ليس مقنعاً تماماً أن لا تستطيع معرفة من القوي ومن الضعيف تلك الاجهزة الاستخبارية الامريكية التي تصب معظم جهودها وعيونها على سوريا طوال ما يقرب من أربع سنوات. لعل هناك حاجة أكيدة لتغطيى تغيير السياسة الامريكية في عدم الحسم العسكري في سوريا، وانه أمر بات مرجحاً ولن ينجو منه أحد، إلا إذا كان هناك حل سياسي حقيقي وشجاع ،أعلم أن رجاله غير متوافرين الأن. في ضوء ذلك يبدو مفهوما أن يستند الرئيس الامريكي الى خلاصة رئيس الاستخبارات في انهم لم يحسنوا تقدير ان التدهور في سوريا سيفضي الى نشوء المنظمات الارهابية . لم يكن أحد غائباً لكن الجميع يحتاج الى مبررات لاستدراك الاخطاء.


أما المبالغة في تقدير القوة للجيش العراقي فذلك أمر مضحك حقاً حيث الصحافة الامريكية والبريطانية مليئة بتقارير حول بناء ذلك الجيش على أسس طائفية ورفعه أعلاماً سوداء وخضراء لها شعارات مرتبطة بفئة دون أخرى بدل العلم الوطني العراقي الذي يكون دائما في الخلف على استحياء. هكذا جيوش مفككة أصلاً والأمريكان كانوا يعرفون ذلك لكنهم عن دراية بالغوا في اطلاق صفة القوة على هذا الجيش ليبرروا انسحابهم من العراق وخلاصهم من ذلك المستنقع الذي يبررون الأن أيضاً من خلال باب آخر للعودة اليه بمهمات جديدة تتجاوز العراق الجغرافي حتماً تحت هاجس عدم تكرار الأخطاء.


مضى أكثر من عقد على تلك الحرب التي كانت فاتحة كل هذا الخراب في الشرق الأوسط فياترى هل تستطيع الحرب الدولية الجديدة اصلاح هذا الخراب؟..