يوسف الكويليت

وزن المملكة إقليمياً ودولياً يتأكد ثقله كل يوم، فهي محور أمتها العربية وعالمها الإسلامي وقد اتضح ذلك حين رأينا كيف تقاطر زعماء من كل أنحاء العالم أو من ينوب عنهم معزين في فقد الملك الجليل عبدالله بن عبدالعزيز غفر الله له، ومهنئين بقدوم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، حتى إن الرئيس الأمريكي قلص مهمته للهند ليصل الرياض يوم الثلاثاء القادم ليقوم بالعزاء في فقيد الوطن والأمة..

أيضاً لا ننسى كيف غطت وسائل الإعلام العالمية الحدث وتفاعلت معه، وإبرازه كأهم خبر، والمعنى أن المملكة بثقلها الروحي والاقتصادي ودورها السياسي تثبت أنها في القوائم الأولى العالمية، ولعل مسارها السلمي وضربها للإرهاب والتأكيد دائماً على أن الحوار هو طريق الحلول لأزمات العالم المعاصر وضعها كدولة وشعب في مركزها المؤثر والطبيعي في مختلف شؤون وقضايا العالم..

لم نفتعل خصومات مع أحد، ولكن نرفض أن يأتي أي طرف ليتدخل بشؤونا ولذلك حين نرى تصورات وآراء حول نظم المملكة الحكومية والإدارية وكيف تعطى أهمية كبيرة حتى من يأخذ بالاستنتاجات الخاطئة فإننا لا نذهب للمبالغة إذا قلنا إننا في قلب الحدث وفي حضور دائم ومستمر..

ومثلما جرى في انتهاج سياسة الاعتدال فقد كسبنا الكثير حكومات وشعوباً تبادلنا نفس المشاعر، وقد سعت المملكة في كل عهودها لأن تكون طرف اعتدال في المصالحات ومقاربات وجهات النظر، وفي الأزمات الصعبة لانراها تندفع بالاتجاه الخطأ، وإنما بحسم الأمور في رؤية بعيدة ومهمة، وهذا ما حدث في السنوات والشهور الماضية مع الدول العربية الشقيقة مصر والبحرين، واليمن ولبنان وغيرها بوقفات اتسمت بصدق النوايا وحماية استقلال ومكتسبات هذه الأمة، وحتى في الوضع الراهن في الدول العربية المأزومة وازنت بين كل خطوة وأخرى انتصاراً للشعب العربي على خصومه..

إسلامياً نحن من أول من أعطى وقدم ورعى شؤون هذا العالم الكبير، وعندما أصيب في عاهة الإرهاب كنا أول أهدافه، غير أن التفاعل السريع الأمني في مواجهته، كان حاسماً وحازماً، ووضعنا مختلف إمكاناتنا مع قوى العالم في مكافحته في كل مكان من المعمورة؛ لأن منطلقاتنا وأهدافنا لا تضيقان أو تتقلصان أمام حالة حرب خطيرة يقودها إرهابيون لا يفرقون بين مسلم وغيره، ولا نزال نؤمن أن عدالة وروح الإسلام لا تشوههما جماعات لا يمثلونه أو يرعون حرماته ومبادئه..

ثقل المملكة لم يأت منحة من أحد، بل جاء من ثراء طبيعتها وأصالة شعبها ونظرة دولتها إلى الرؤى البعيدة التي تحقق مصلحتها بمفهوم الأخوة والصداقات البعيدة عن الأسباب التي توترها أو تنحرف عن مسارها..

وفي العموم لم تكن نظرتنا لوزن بلدنا الكبير في كل شيء تنسينا هموم الآخرين الذين نتبادل معهم المحبة وإشاعة السلام وتثبيت الحق لكل الأمم والشعوب.
&