ثورتا يناير ويونيو على أجهزة التنفس الصناعي… ومطالبة بنشر الفكر الصوفي المعتدل لمواجهة التطرف


حسنين كروم

سيطرت وفاة العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز على صحف السبت والأحد، التي خرجت مجللة بالسواد، بعد أن كانت تهتم أساسا بمتابعة أخبار الرئيس السيسي في اجتماعات منتدى دافوس، والاستعدادات للاحتفال المزدوج بالذكرى الرابعة لثورة يناير/كانون الثاني وعيد الشرطة اللذين تم إلغاؤهما بسبب وفاة خادم الحرمين. كما لم تبد الصحف اهتماما بأخبار تحركات الأحزاب والكتل السياسية والأفراد استعدادا لانتخابات مجلس النواب المقبلة.
أيضا أبرزت الصحف وفاة ناشطة سياسية يسارية في الإسكندرية بسبب مظاهرات للإخوان المسلمين وتسع عمليات إرهابية في محافظتي الجيزة والقاهرة تتراوح بين زرع قنابل وتفجير أخرى في مولات وكازينوهات وبالقـــــرب من كمائن للشرطــــة، وتفجير برج كهرباء. كما وعدت الحكومة بأن أزمة أنابيب البوتاجاز سيتم حلها خلال أيام وبالتالي لن يكون هناك مبرر لاستمرار المسابقة الرسمية للحصول على أنبوبة البوتاجاز، التي أشار إليها يوم السبت زميلنا الرسام في «أخبار اليوم» سعيد أبو العينين… وإلى بعض مما كان لدينا..

النخبة حيتان السياسة

ونبدأ التقرير من مجلة «المصور»، حيث طالب زميلنا أحمد النجمي يوم الأربعاء بالآتي: «إذا كان لنا أن نطالب بشيء في الذكرى الرابعة ليناير فهو أن يصدر قرار جمهوري بمنع الطرفين فلول مبارك وفلول مرسي من دخول البرلمان، نرجو أن يكون ثمة وقت وثمة إمكانية لصدور مثل هذا القرار، الذي سينشئ الدولة المصرية على أسس جديدة. ونتمنى أن يصدر قرار جمهوري فاعل بتعويض شهداء الثورتين «يناير/كانون الثاني ويونيو/حزيران» تعويضات لائقة ماديا ومعنويا وإعطائهم مكانتهم الحقيقية أدبيا.
وعلى الرئيس ألا يلتفت إلى النخبة فهؤلاء إما من حيتان السياسة الذين يريدون التهام الكعكة البرلمانية أو من هواتها الذين يمكن أن يضيعوا كل شيء. نحن الشعب من يقف وراء السيسي وتجربته وندعمها، لا هؤلاء الباشوات والبكوات، الفرصة سانحة وبقوة لإعطاء ثورتي يناير ويونيو قبلة الحياة وهي على أجهزة التنفس الصناعي».
أي أن النجمي يطالب الرئيس بإعلان قانون للعزل السياسي، وهو ضد الدستور والقانون أيضا.

«رزق الهبل طول عمره على المجانين»

ويوم السبت أول من أمس تلقى النجمي دعما غير مباشر وغير مقصود من زميلنا خفيف الظل في «أخبار اليوم» محمد عمر لسبب آخر تماما فقد كتب لنا عن أصناف جديدة قائلا: «أيام وحيتفرش حتشوف الحاوي والمخاوي وابن التلات ورقات، وضارب الودع والمخدرات ومعاهم صبي العالمة ورقاص الساعة ونطاط الحيط، الكل ناصبين الزينة ومعلقين الكهربات ولمض بتضوي وتعاليق ألوان بالآلاف، وزغلل الزبون على راسها تنور على بطنها تنور، والبضاعة حتلاقيها على الرصيف أكوام وفي مداخل العمارات اللي حاطتها في فترينة واللي فاردها فوق سطوح واللي جنب قهوة عليها بينوح وكله بياع وأنت يا حيلتها الزبون ورزق الهبل طول عمره على المجانين، ومحدش في المولد عارف الهبل من المجانين، أصل الكل عاملين فيها عاقلين وسمعونا الصلاة على حضرة النبي أصل المولد لمه يا ولاد ولمة المرة مش زي كل مرة الاسم فيها مصر والفعل فيها نصب».

الأزهر وتطوير الخطاب الديني
العنف يتنافى مع سماحة
الإسلام ووسطية الأزهر

وإلى المعارك والخلافات التي لا تزال مشتعلة حول قضية تطوير الخطاب الديني ودور الأزهر فيه، وتعرضه لاتهامات عديدة وخطيرة بأنه يدرس لطلبة معاهده وكلياته الجامعية كتبا في التراث وغيره تحرض على العنف والتكفير والعداء للآخر، وهو ما يتنافى مع سماحة الإسلام ووسطية الأزهر أيضا، بالإضافة إلى الاتهامات التي تطول شيخه شخصيا الدكتور احمد الطيب، بأنه يحتفظ من بين مساعديه على إخوان مسلمين أعلنوا رفضهم لثورة الثلاثين من يونيو، واعتبروها انقلابا، وخصوا بالذكر اثنين هما الدكتور حسن الشافعي رئيس مكتبه الفني، الذي ظل في المنصب حتى بعد اختياره رئيسا لمجمع اللغة العربية وعضويته في هيئة كبار العلماء، وصديقنا المفكر الإسلامي الدكتور محمد عمارة، عضو هيئة كبار العلماء ورئيس تحرير مجلة «الأزهر» الشهرية.. ودافع عنهما وعن غيرهما ممن تناولتهم الاتهامات بالاخونة، مثل وكيل الأزهر الشيخ عباس شومان، وقال إن مواقف البعض قد تفرضها ظروف وتتغير بعد ذلك، ومنذ حوالي شهر تقريبا كان أحد مشايخ الأزهر قد صرح لجريدة «عقيدتي»، بأن ما لا يعلمه كثيرون أن الذي كتب بيان مشيخة الأزهر في تأييده لثورة الثلاثين من يونيو عام 2013 التي أطاحت بالإخوان اثنان هما، الدكتور الشيخ حسن الشافعي والدكتور محمد عمارة.
والغريب أن شيخ الأزهر الدكتور الطيب لم يذكر هذه الواقعة في حديثه على حلقتين مع زميلتنا الجميلة في «المصري اليوم» رانيا بدوي اللتين أشرنا إليهما وما فيهما من عودة الشيخ إلى مهاجمة ثورة 23 يوليو/تموز سنة 1952 وحملها مسؤولية مشاكل الأزهر الحالية، وهو الهجوم نفسه الذي شنه من قبل أثناء لقائه مع عدد من الصحافيين وذكره زميلنا في «الوطن» محمود مسلم الذي حضر اللقاء وأشرنا إليه في حينه.

البطالة هي الأرض الخصبة
للتطرف الفكري والسلوكي

وكانت جريدة «عقيدتي» الدينية التي تصدر كل ثلاثاء عن مؤسسة دار التحرير القومية التي تصدر «الجمهورية» و»المساء»، في عددها الصادر يوم الثلاثاء قبل الماضي قد نشرت حديثا مع الدكتور الشيخ سامي العسالة مدير التفتيش الديني بوزارة الأوقاف، أجراه معه زميلنا أحمد فتح الله، القى فيه ضوءا على بعض سبل مقاومة الأفكار المتطرفة بقوله: «الأمن وحده لا يكفي للقضاء على هذا الفكر من عقول هؤلاء الشباب، بعد أن عشش فيها ذلك الفكر، فالفكر يحارب بالفكر، طالما أنه مجرد أفكار، ولم يترجم إلى إرهاب. أما إذا تطور إلى تطبيق عملي إرهابي فهنا فقط تكون المواجهة الأمنية والقانونية، وهنا يجب أن أؤكد على أن البعض يقلل من هذه الأهمية مدعيا أنهم ليس لديهم فكر، وهذا فهم خاطئ فهم لديهم فكر وإن كان مخطئا فهو يحتاج إلى تصويب ومحاربة هذا الفكر تكون بضاعة الكتب التي ترد على هذا الفكر. وأسباب انتشار الفكر التكفيري وجود فائض طاقة في المجتمع لا يتم استخدامها على الوجه الأكمل، بسبب غياب المشاريع القومية التي تستوعب طاقة شباب الأمة، فالبطالة هي الأرض الخصبة للتطرف الفكري والسلوكي وهذا يفسر لنا انتشار الفكر التكفيري في أوساط الشباب، ونرى في تاريخ فكر التكفير والخوارج بشكل عام صغار السن.
ومن هذه الأسباب كذلك انشغال الكثير من العلماء بالدنيا وترك الساحة لخطباء الفتنة ودعاة الجهالة، والسماح لانتشار كتب التكفير توزع وتنتشر، بينما الفكر الصوفي المعتدل الذي يحارب ذلك الفكر يوجد قصور في نشره، وأقصد هنا بالفكر الصوفي أي المعتدل الذي خرج لنا أمثال الدكتور عبد الحليم محمود والدكتور علي جمعة والشيخ الشعراوي وغيرهم، وأنا هنا أطالب بنشر هذه الكتب التي ترد على هذه الأفكار وأن يتم توزيعها ولو بالمجان كما هم يفعلون».

الدين يتضمن وسائل حمايته من التطرف

ويوم الجمعة قبل الماضي قدم المهندس عبد المنعم الشحات أحد المتحدثين باسم جمعية الدعوة السلفية التي خرج منها حزب النور دعما للأزهر في مقاله في جريدة «الفتح» لسان حال الجمعية وطالب فيه بتطوير الخطاب الديني بقوله:
«الشريعة ذاتها تتضمن وسائل تنقيتها من الغلو والانحراف، لاسيما في قضية الجهاد، وأن علاج انحراف تنظيم «الدولة الإسلامية» وغيره، لا يكون بالتلاعب بنصوص الشريعة، بل العكس هو الصحيح، فانتشار الآراء الداعية إلى التلاعب بالدين هو أحد أهم أسباب اتجاه المتدينين عموما والشباب خصوصا إلى الأفكار المتطرفة، وإنما يجب تطبيق الشروط والآداب والأحكام التي في الشريعة ذاتها في ما يتعلق بمفهوم الجهاد، وهي كافية في الرد على هذه المفاهيم، ولا يمكن أن يطالع عاقل أبواب الصلح والهدنة مع المشركين، وغيرها من المعاني في كتب الفقه ثم يطالب المسلمين حكاما ومحكومين بأن يقاتلوا العالم عن بكرة أبيه، بل لم يأت من قال بذلك كداعش وغيره إلا من إهمالهم الرجوع إلى كتب أهل العلم المعتبرين. كما ينبغي أن ندرك أن الدين يتضمن وسائل حمايته من التطرف وحماية أبنائه من التهور وذلك عبر آليات كثيرة منها:
النصوص الآمرة بالرفق واللين والوسطية.
الأدلة الدالة على اعتبار المصالح والمفاسد.
الأدلة الداعية إلى الفرق بين حال الاختيار وحال الضرورة. وبصفة أعم النصوص التي تبين الفرق بين الحكم والفتوى.
مراعاة أن الرخص في حالة انتشار المشكلة في دولة أو مجتمع تجوز في أحوال أقل من الضرورة. ومن ذلك قول النبي «صلى الله عليه وسلم « لعائشة «رضي الله عنها»: «لولا أن قومك حديثو عهد بكفر لهدمت الكعبة وأقمتها على قواعد إبراهيم».

يوسف زيدان: التطرف سلوك
يومي داخل مؤسسة الأزهر

لكن بعدها بيومين، أي الأحد الماضي، شن الدكتور يوسف زيدان هجوما لاذعا ضد دعوة الرئيس السيسي تجديد الخطاب الديني والقيام بثورة دينية، في كلمته بمناسبة الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، الذي أقامته وزارة الأوقاف، إذ قال بالنص في حديث نشرته له جريدة «البوابة» اليومية المستقلة وأجرته معه زميلتنا الجميلة آية حسني: «دعوة الرئيس عبد الفتاح السيسي لتجديد الخطاب الديني، كنت أفضل أن لا يدس الرئيس أنفه في هذا الأمر، فهو رجل مخابرات ورئيس جمهورية، والشأن الذي أقحم نفسه فيه شأن المفكرين وليس الحكام. وتناوله غير جاد ويعتبر دعائيا، والأزهر في الأساس يؤصل التطرف الديني من خلال تقديم بعض الاجتهادات الفقهية باعتبارها علما، وأول صورة لإعلان التطرف الديني ظهرت داخل المدينة الجامعية للأزهر عندما ظهر بعض الشباب يرتدون ملابس الجهاديين ويقدمون عرضا عسكريا، والتطرف سلوك يومي داخل المؤسسة. والمثقفون المصريون يواجهون ويحاربون التطرف الديني من أيام المفكر الراحل فرج فودة، وهم من واجهوا الاستبداد السياسي لمبارك والانحراف السياسي للإخوان، لكنهم يواجهون حاليا تضييقا شديدا يمنعهم من القيام بدورهم، لأن الدولة تجند المجتمع ضدهم».
واستخدام الدكتور زيدان في عدة أسطر أكثر من هجوم عنيف وساخر ضد الرئيس اتهامات غير مسبوقة مثل، يدس أنفه، ورجل مخابرات، وأقحم نفسه في شأن خاص بالمفكرين وليس الحكام، وغير جاد ودعائي ونظامه يمارس تضييقا شديدا على المثقفين يمنعهم من القيام بدورهم، بل أن نظامه يحرض المجتمع ضدهم. والحقيقة أنه لم يقدم أي دليل على اتهاماته، ويبدو أنه يريد تسوية حساباته مع رئيس الوزراء إبراهيم محلب، لاختياره الدكتور إسماعيل سراج الدين رئيس مكتبة الإسكندرية مستشارا ثقافيا له، واحتج على ذلك بالإعلان عن استقالته من منصبه في المكتبة والتوقف نهائيا عن الكتابة في الصحف وكتابة الكتب، وسحب عضويته من اتحاد الكتاب، وسارع زميلنا وصديقنا رئيس الاتحاد محمد سلماوي إلى مطالبته بتسديد الاشتراكات السنوية المتأخرة عليه.
نحن أمة لها سند وأصول

أما آخر ما لدينا في هذه القضية في تقرير اليوم فستكون من «اللواء الإسلامي» يوم الخميس الماضي، حيث حضر زميلنا محمود الإمامي الندوة التي أقامها الصالون الثقافي الذي يقيمه المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بوزارة الأوقاف وكان الموضوع عن تنقيح التراث وتيسيره وإعادة قراءته: «وبدأ الكلام وزير الأوقاف الدكتور الشيخ مختار جمعة بقوله: «نحن نؤمن بسنة التطور ولهذا نقول إن إعادة قراءة بعض كتب التراث واجب علينا، لأن الظروف والأحوال تغيرت، ومن هذا أيضا تطوير مناهج التعليم الأزهري، حيث يشرف شيخ الأزهر بنفسه على ذلك، وتم تطوير مناهج المرحلة الإعدادية. والعمل اليوم مستمر في تطوير المرحلتين الثانوية والجامعية بعد ذلك، إيمانا من الأزهر وعلمائه بأهمية التطوير والأزهر سيبقي رمزا للوسطية والاعتدال، وهو قادر على تطوير منظومة الفكر الإسلامي بما يرضي الله عزوجل، ومن دون النظر لأي اعتبارات أو حسابات سياسية. ولأننا نؤمن بالتطوير والتجديد فقد بدأت الوزارة والمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية في التحرك لتحقيق ذلك من خلال ندوات ولقاءات مع علماء الأمة وأهل الاختصاص ليدلوا بدلوهم في هذا الشأن.
إن تنقية التراث نعني بها إعادة قراءة كتب التراث بما يناسب العصر الذي نعيشه، فلا شك ان الظروف والأحوال قد تبدلت وتغيرت وإعادة القراءة هذه لا تعني الحذف أو التغيير إنما توضيح وشرح وهذا الأمر يقوم به العلماء أهل الاختصاص.
وقال الدكتور علي جمعة مفتي مصر السابق هناك فرق بين التجديد والإصلاح، فالتجديد يفترض أن ما سبق كان حسنا إلا أن الزمان قد تغير والمكان قد تبدل، وكذلك الظروف والأحوال، أما الإصلاح فيكون لأنه كان هناك تقصير حدث في الماضي وخلل في ما قام به السابقون، فيجب تصحيحه وإصلاحه ولأن ما سبق من تراثنا كان حسنا وما اختلف هو تغيير الزمان والمكان والظروف والأحوال فإننا مطالبون بالتجديد.
إذا نظرنا إلى كتب التراث عندنا نجدها حوالي عشرين مليون كتاب مكرر فيها الكثير، فبدون التكرار يصبح العدد حوالي مليون كتاب، أي أن مليون عنوان هي التي وصلتنا من التراث الإسلامي، وهي نتاج بشري لفهم كتاب الله وسنة رسوله وهذا النتاج الفكري لم يحدث في تاريخ أمة من قبل، فنحن أمة ليست تائهة، وإنما أمة لها سند وأصول. وأمهات الكتب حوالي ثلاثمئة وخمسين كتابا هذا في الفكر السني فقط، هذا حتى نهاية القرن الثالث عشر الهجري، فمثلا في تفسير القرطبي نجد هناك سبعة مواضع غريبة قد يتحفظ عليها البعض أو يعترضون عليها، هذا من بين ثلاثين مجلدا فهل يعني هذا رفض كل التفسير. هذا لا يمكن لعقل قبوله كما أن النقاش حول كتب التراث يجب أن يكون داخل المراكز العلمية والبحثية وليس الفضائيات ووسائل الإعلام.
والشيء الذي نلاحظه هنا أن الأزهر والأوقاف والعلماء فيهما لا يستخدمون وصف ثورة، التي طالب بها الرئيس، ويصرون على إعادة الشرح والتفسير لما ورد في بعض كتب التراث لا حذفها، ورفض تدخل أي جهة أو مجموعة من خارج علماء وأساتذة الأزهر في هذه العملية».

الرسول لم يترك للمسلمين
نصا تشريعيا غير كتاب الله

وإلى إخواننا في التيارات الإسلامية المختلفة والمتعددة ومعاركهم التي بدأها يوم الأربعاء قبل الماضي في جريدة «التحرير» محمد السعيد مشتهري وهو من جماعة «القرآنيون» التي تزعمها من سنوات صديقنا الدكتور أحمد صبحي منصور الذي ترك مصر ويقيم في أمريكا. وكان مقال مشتهري عن موضوع الخلافة قال: «بدأت الأزمة ورسول الله «صلى الله عليه وسلم « على فراش الموت فمن الذي سيخلفه؟ ويومها وضعت بذور الفتنة بين أكبر فرقتين من الفرق الإسلامية الموجودة اليوم بين السنة والشيعة، وهي «فتنة الخلافة» عند أهل السنة و»فتنة الإمامة» عند الشيعة. لقد مات رسول الله ولم يكن من صحبه سني ولا شيعي ولا حنفي ولا مالكي ولم يترك للمسلمين نصا تشريعيا غير كتاب الله، فهل عرف الخلفاء الراشدون مدونة في الشريعة الإسلامية غير «النص القرآني»؟ إن من في يده اليوم مدونة في الشريعة الإسلامية شهد الخلفاء الراشدون على صحة نسبتها إلى الله تعالى أو إلى رسوله غير القرآن فليخرجها لنا.
إن الذين يدعون أن الصحابة دونوا حديث النبي في الصحف وتحت إشرافه نسألهم وأين ذهبت هذه الصحف؟ ولماذا أنشأ المحدثون ما يسمي بـ«علم الحديث» وعلم «الجرح والتعديل» و«التصحيح والتضعيف» وصحف «الحديث النبوي» التي دونها الصحابة مباشرة عن رسول الله موجودة بين أيديهم. إن أمهات كتب الفرق والمذاهب المختلفة الموجودة في المكتبة الإسلامية اليوم خرجت إلى عالم الفكر الإسلامي المذهبي وإلى عالم الخطاب الديني على يد المحدثين والمؤرخين، نقلا عن الرواة والإخباريين، وذلك حسب رؤية أصحابها العقدية والتشريعية المذهبية، فهل يعقل أن تحكم الرواية الظنية الثبوت عن رسول الله الآية القرآنية القطعية الثبوت عن الله تعالى فقط عن رسوله وهل يعقل أن تنسخ الروايات الظنية الثبوت عن رسول الله حكما قرآنيا».

صناعة الإرهاب حول العالم
مخطط لتقسيم الوطن العربي

ومن المعروف أن محمد السعيد مشتهري هو ابن الشيخ المرحوم السعيد مشتهري الرئيس العام الأسبق للجمعية الشرعية للعاملين بتعاون أهل الكتاب والسنة، وكان يعتبر نفسه إمام أهل السنة في مصر لا شيخ الأزهر، ويكتب هذه الصفة تحت اسمه في مقالاته، لكن من جاء بعده تخلى عنها. ورئيسها العام الحالي هو الدكتور الشيخ محمد مختار المهدي الأستاذ في جامعة الأزهر وعضو هيئة كبار العلماء والجمعية أنشأها عام 1912 المرحوم الشيخ محمود خطاب السبكي وهي من كبريات الجمعيات الدينية ولها مساجد ومستشفيات ومدارس ومعاهد وتقوم بأعمال خيرية عديدة داخل وخارج مصر، وكانت الدولة قد أوقفت عمل أكثر من عمل مجالس إدارات مئة وثمانية عشر فرعا لها بعد ثبوت تورطها في أعمال ضدها. كما أن وزير الأوقاف أرغمها على خضوع مساجدها لإشراف الوزارة وستجري الجمعية في الخامس والعشرين من شهر إبريل/نيسان المقبل انتخابات مجلس إدارتها، وقد استبعدت من المرشحين للعضوية عناصر الإخوان البارزة منها، مثل وزير الأوقاف السابق الدكتور الشيخ طلعت عفيفي والدكتور الشيخ عبده مقلد والدكتور الشيخ مجدي عبد الغفار وكانوا يتولون الإشراف على إدارات الوكيل العلمي وإعداد الدعاة ولجنة الدعوة.
ونعود إلى ما قاله محمد السعيد مشتهري عن أن المسلمين لم يعرفوا عند وفاة الرسول « صلى الله عليه وسلم « فتنة الخلافة عند السنة والإمامة عند الشيعة وهو ما أغضب على ما يبدو صاحبنا الشيعي والإخواني السابق وأستاذ الطب والكاتب خفيف الظل الدكتور احمد راسم النفيس الذي أكد يوم الخميس قبل الماضي ان الشيعة في مصر قادرون على مواجهة التطرف. وقال في حديث لجريدة «البوابة» أجراه معه زميلنا محمد الغريب: «نحن قادرون على مواجهة التطرف وإحداث ثورة دينية لكن ذلك يتطلب وجود المثقفين في طليعة حركة التجديد التي أطلقها الرئيس ونحن نحمد الله أن الأفكار الدينية الغريبة والشاذة لم تصبح القاعدة التي يتجاوب معها المصريون فلدينا بقايا من الحضارة الفاطمية تأبي هذه الأشياء وترفض التجاوب معها كما أن الجدل الذي يثيره العلمانيون والملحدون حول هذه القضايا حقق توازنا بين الفكرة وانتشارها. موقف الأزهر من «داعش» و«الإخوان المسلمين» فخر ولم نجد له مثيلا، فلدي شكوك حول وجود أصابع خفية في ما يحدث من صناعة الإرهاب حول العالم لدعم المخطط الأمريكي في تقسيم الوطن العربي ويكفي أن الرجل الدكتور الطيب ومستشاريه منهمكون في محاربة من يخرج على إرادتهم من الشيعة والمتصوفة وأصحاب الفكر الحر».

الشيخ محمد عبد الله نصر
يدافع عن أشرف خلق الله

وفي يوم الخميس أيضا خاض الأستاذ في جامعة الأزهر وعميد كلية أصول الدين الأسبق الدكتور محمود مزروعة «إخواني» معركة في «اللواء الإسلامي» دفاعا عن الحديث الوارد في البخاري عن تعرض الرسول «صلى الله عليه وسلم « للسحر قال ردا على تكذيب الشيخ محمد عبد الله نصر لهذا الحديث في احدى الفضائيات: «ذكره البخاري تقريبا عشر مرات تحت أبواب مختلفة وكتب متعددة وهذا يعني أن الحديث معروف ومشهور وتبين للجاهل ما في الحديث من معجزات لسيد ولد أدم محمد «صلى الله عليه وسلم « يقول البخاري تحت باب «السحر» من كتاب «الطب» حديث رقم 5763 : حدثنا إبراهيم بن موسى أخبرنا عيسى بن يونس عن هشام عن أبيه عن عائشة «رضي الله عنها» قالت: سحر رسول الله «صلى الله عليه وسلم « رجل من بني زريق يقال له لبيد بن الأعصم حتى كان رسول الله «صلى الله عليه وسلم « يخيل إليه أنه كان يفعل الشيء وما فعله .
والمتبصر في الحديث النبوي يجد ما يلي:
أولا: قضية السحر في حد ذاتها وهل يجوز بالنسبة للنبي «صلى الله عليه وسلم أم أنها تطعن في نبوته؟ والجواب على هذا: إن كنت تحتاج إلى جواب يكمن في الجهل الفاضح عن المتكلمين في هذا فإن الله تعالى قال عن موسى «عليه السلام» «فإذا حبالهم وعصيهم يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى»، وذلك يدل على تأثر موسى بسحر سحرة فرعون، حتى خيل إليه أن الحبال والعصي تتحرك وتسعى، بينما هي في حقيقة أمرها ما سعت ولا تحركت، وكلمة يخيل هي الكلمة نفسها التي ذكرتها عائشة «رضي الله عنها» وكلامها عن النبي «صلى الله عليه وسلم « فإذا ما احتج الشيخ وأمثاله بأن الله تعالى عصم محمدا فقال له والله يعصمك من الناس، فإن الله تعالى قال لموسى وهارون إنني معكما أسمع وأرى.
ثانيا: ما يريد شيوخ السوء والمنافقون من الطعن في رسالة محمد «صلى الله عليه وسلم لن يصلوا إليه أبدا فإن أثر السحر في رسول الله لم يصل إلا إلى شيء واحد كما أخبرت السيدة أم المؤمنين وهذا الشيء هو «إتيان رسول الله نساءه حيث كان «صلى الله عليه وسلم « يخيل إليه أنه أتي امرأته ويطلب ماء ليغتسل من الجنابة فتقول له لم يحدث شيء من هذا فالسحر لم يتخط هذه الفعلة كما أنه لم يظل مع رسول الله «صلى الله عليه وسلم « سوى يومين كان فيهما رسول الله يقوم بواجبات الرسالة جميعها على أكمل وجه ولم يشك هو ولا واحد من أصحابه في شيء ولا من شيء.
والحقيقة فقد شاهدت معظم المناقشات التي دخل فيها الشيخ محمد عبد الله نصر ولم يحدث أبدا ما قاله الدكتور مزروعة من تعرض سيد الخلق إلى الطعن، على العكس كان الشيخ نصر ينفي عنه «صلى الله عليه وسلم « الأحاديث المكذوبة التي لا تليق به وأنه يدافع عن أشرف خلق الله هذا اتهام من الدكتور مزروعة لا يجوز».

المسلم يجتهد في إحياء السنن وإماتة البدع

ونظل في يوم الخميس هذا ولكن في «الأهرام» لنكون مع زميلنا وصديقنا أحمد الجمال «ناصري» ودخوله حلبة المعارك بقوله عن ابن تيمية وياسر برهامي نائب رئيس جمعية الدعوة السلفية: «ينتقل ابن تيمية إلى ما يجعل القارئ «يطلع من هدومه» و»قد سئل أبو القاسم عن الركوب في السفن التي تركب فيها النصارى إلى أعيادهم فكرة ذلك مخافة نزول السخط عليهم بشركهم الذي اجتمعوا عليه وقد قال الله تعالى: «يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم ومن يتولهم منكم فيوافقهم ويعينهم «فإنه منهم»، ثم ينتقل إلى ما هو أشد فيقول «والمسلم يجتهد في إحياء السنن وإماتة البدع، ففي الصحيحين عن أبي هريرة «رضي الله عنه» قال: «رسول الله «صلى الله عليه وسلم « « إن اليهود والنصارى لا يصبغون فخالفوهم». وقال النبي «صلى الله عليه وسلم «: «اليهود مغضوب عليهم والنصارى ضالون وقد أمرنا الله تعالى أن نقول في صلواتنا «أهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين» والله تعالى أعلم . انتهى الاقتباس بالنص من كلام ابن تيمية وهأنذا قد كشفت بوضوح عن الأصل الذي يستند إليه أمثال ياسر برهامي وبقية من يسمون أنفسهم بالسلفيين ومعهم الإخوان وكل من سعى سعيهم في تكفيرنا واتهامنا بالشرك لأننا نوالي المسيحيين ونشاركهم الأعياد والمناسبات.
إن كتب ابن تيمية ومن أخذوا عنه واستندوا إليه وكذلك القنوات الفضائية التي ينتشرون فيها موجودة ولابد من وقفة شاملة ليس فقط من علماء الأزهر والسالكين في الطريق لله سبحانه وتعالى ولكن من كل التركيبة الثقافية في مصر وغير مصر، وإلا فلن تجف منابع الإرهاب ولن تمضي ثورة التجديد في الخطاب الدعوى المسمى بالخطاب الديني في طريقها».

محمود عبد الحميد: أصحاب
المنهج السلفي شامة في أمة الإسلام

وفي اليوم التالي الجمعة قبل الماضية وفي جريدة «الفتح» لسان حال جمعية الدعوة السلفية دافع صاحبنا محمود عبد الحميد عن السلفيين بقوله: «أهم الصفات التي امتاز بها أصحاب المنهج السلفي فهم شامة في أمة الإسلام هم أهل الحق لا الضلال وأرباب العدل لا الجور وأتباع الشرع لا الهوى وأصحاب العلم لا الجهل، وهم وسط بين المنحرفين وثبات بين المضطربين وأصالة بين المتميعين ومن سمتهم أنهم يعذرون العلماء فيما اخطأوا فيه ولا يتبعونهم فيما أخطأوا فيه ومن سمتهم قبول الحق ممن جاء به ولو كان كافرا مقتدين في ذلك بالكتاب والسنة فإن بلقيس ملكة سبأ لما قالت «إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة « صدق الله على كلامها فقال «وكذلك يفعلون» (النمل: 34). ومن سمتهم التحري في نقل الأخبار وقبولها ولو كانت عن الخصوم مقتدين في ذلك بكتاب الله وسنة رسول الله «صلى الله عليه وسلم « قال الله تعالى «يا أيها الذين أمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين» (الحجرات : 6) ومن سمتهم تحريهم في الحكم بالكفر على المسلمين وذك لقوله عليه الصلاة والسلام «إذا قال الرجل لأخيه يا كافر فقد باء به احدهما» «رواه البخاري» ومن سمتهم أيضا توقير العلماء وأهل الفضل ومعرفة قدرهم وتقديرهم وذلك لقول النبي «صلى الله عليه وسلم «: «إن من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم وحامل القرآن غير الغالي فيه والجافي عنه وإكرام ذي السلطان المقسط « رواه داود وحسنه الألباني».

&