هاني الظاهري

لا تزال مشاعر الفقد والحزن العميق تخيم على الأمتين العربية والإسلامية بعد رحيل والد السعوديين الكبير المغفور له -بإذن الله- الملك عبدالله بن عبدالعزيز. مشاعر أذهلت العالم وأشغلت وسائل إعلامه طوال الأيام الماضية عن حياكة السيناريوهات المعتادة عن مدى استقرار البيت السعودي عقب رحيله، لكن الأكيد أن الأوامر الملكية التي صدرت بين موت الراحل العظيم ومواراة جثمانه الثرى، قطعت كل الشكوك والتوقعات بسيف الواقع القوي الواضح، كما هو معتاد من مؤسسة الحكم السعودي منذ نحو 90 عاماً.

&

مطلع تشرين الثاني (نوفمبر) 2011، كتبت مقالة في هذه المساحة بعد وفاة الأمير سلطان بن عبدالعزيز، ومبايعة الأمير نايف بن عبدالعزيز -رحمهما الله- ولياً للعهد بعنوان: «البيت السعودي يُذهل العالم» أشرت فيها إلى ضجيج وسائل الإعلام العالمية بمئات المقالات والتحليلات والتخرصات السياسية حول ولاية العهد في السعودية، وذهاب كثير ممن لا يدركون حقيقة تماسك البيت السعودي وقوته من الداخل، إلى استنتاج صعوبات وهمية قد تواجهها عملية انتقال ولاية العهد، حتى وصل الأمر ببعض المحللين السياسيين إلى افتراض نشوب خلافات داخل أروقة هيئة البيعة، وهو ما قد يعطِّل عملية انتقالها إلى وقت غير محدد، لكن البيت السعودي الذي رفعت أعمدته على أسس متينة، وضعها المؤسس الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- أذهل هؤلاء قبل غيرهم، ليقف العالم أجمع أمام مشهد مهيب اصطف فيه الأمراء والوزراء والعلماء والمواطنون بحميمية بالغة للمبايعة، وهذا ما حدث أيضاً قبل أيام في مبايعة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان، وولي عهده الأمير مقرن، وولي ولي العهد الأمير محمد بن نايف.

&

حقبة جديدة من المسيرة السعودية بدأت قبل أيام، يقودها الملك سلمان بن عبدالعزيز، يعينه فيها ولي عهد قوي محبوب، وولي ولي عهد يحظى بتاريخ ذهبي يحترمه العالم أجمع، ولاسيما في مجال محاربة الإرهاب وتأمين السعودية والسعوديين، وكأنَّ لسان حال الدولة يمتثل قول الشاعر العربي القديم:

&

(إذا مات منا سيّد قام سيّد**قؤول لما قال الكرام فعول).

&

واقعياً وسياسياً، تبدو مملكة سلمان الحكمة، أقوى وأكثر عنفواناً وشباباً وقدرة على إكمال مسيرة المجد السعودي، والاستقرار والنهضة التي وضع لبناتها الأولى الملك المؤسس، وتبع نهجه أبناؤه الملوك الأوفياء من بعده، فقائدها الذي عرفه السعوديون طوال عقود بحب الانضباط وسياسة الحزم والعدل والتواضع وفعل الخير، يمسك اليوم بدفة دولة آمنة تشتعل الحرائق من حولها. هي معادلة صعبة محفوفة بالتحديات ليس لها إلا حكمة هذا القائد الكبير وقوته.

&

وبعكس ما توقعه أعداء هذه البلاد، ستستمر المسيرة بخطوات ثابتة نحو مستقبل مشرق يحسدها عليه كل خصومها.
&