راجح الخوري
&

&"منتدى موسكو" الذي أرادت له روسيا النجاح بعد فشل "مؤتمر جنيف" سرعان ما ورث الفشل وما هو أسوأ، فإذا كانت جنيف إستضافت ممثلين للنظام والمعارضة السورية في مرحلتين فاشلتين، فإن موسكو تستضيف الآن مفاوضات مسخرة، الى درجة ان سيرغي لافروف لم يتنازل و"يقلّل عقله" ويحضرها بحجة القول "دعهم أولاً يتحاورون وراء أبواب مغلقة"!


ولكن من يحاور من في سياق ديبلوماسية المساخر التي هندسها لافروف، اذا كانت الاجتماعات التحضيرية في القاهرة فشلت في ان تجمع معارضين حقيقيين واذا كانت اجتماعات موسكو بدأت بالخلاف حتى بين الذين لا يمثلون شيئاً من المعارضة الحقيقية، حيث جرت مشادّة بين "هيئة التنسيق الوطنية" و"هيئة العمل الوطني" (مجرد عناوين)، واذا كان هيثم منّاع إمتنع مع حسن عبد العظيم عن الحضور لأن وليد المعلم لم يحضر!
النظام ليس مهتماً بالمؤتمر ولهذا أرسل بشّار الجعفري بدلاً من المعلم، لكن الأمر لا يتوقف هنا، لأن حديث الرئيس بشار الاسد الى مجلة "فورين أفيرز" الأميركية إنطوى على ما يمثّل تحقيراً للمؤتمر الذي تقرع موسكو طبوله منذ أشهر، أكثر من تحقير الذين حضروه عندما قال: "نحن ذاهبون الى موسكو ونريد ان نفاوض، لكن ما يجري هناك ليس مفاوضات للتوصل الى حلّ بل تحضير للمؤتمر... وهناك سؤال آخر: مع من نتفاوض، نحن كحكومة لدينا مؤسسات ولدينا جيش ولدينا نفوذ، أما الذين نتفاوض معهم فمن يمثّلون"؟


أمام هذا السؤال ربما على لافروف ان يتذكّر القذافي الذي كان يقول للمعارضين في البداية: "من انتم وماذا تمثلون"، ثم تُرك المعارضون الليبيون ليصيروا عرضة للتلاعب والحسابات الخارجية فتمزقوا ومزقوا ليبيا، كما تتمزق سوريا التي تتناحر على أرضها عشرات من التنظيمات المسلحة الكبيرة والصغيرة وتزحم فوقها الحسابات الروسية والايرانية والخليجية والأميركية وغيرها!
الاسد يعتبر المعارضة مجرد دمى سواء أكانت داخلية أم خارجية، مفهوم أيها الرفيق لافروف، ثم انه يستند الى ما تقوله "داعش" و"النصرة" عندما لا تعترفان بوجود معارضة خارج اطارهما، ويضيف في سياق محاولة لإحراج الجميع: "إذا اردنا للحوار ان يكون مثمراً فيجب ان يجري بين الحكومة وهذه الجماعات المسلّحة"، ومن الواضح انه يقول هذا لأن ليس هناك في العالم من يريد ان يفاوض "داعش" و"النصرة"، ولأن العالم يشن حرباً على التنظيمين فلن يبقى للعالم سوى دعم الاسد... مفهوم؟
هل كان كل هذا خافياً على موسكو والرفيق لافروف؟ طبعاً لا، لكن إسقاط المعارضة من المعادلة تكتيك واضح منذ البداية ليصبح العالم في سوريا أمام خيار من اثنين، إما الاسد وإما ابو بكر البغدادي!
&