جاسر الجاسر

قريباً جداً سيكون لكل مسؤول حساب في «تويتر» يشرف عليه مباشرة، ويجيب عن أسئلة المستفيدين من إدارته، قولاً وفعلاً لأن الملك سلمان أسس لهذه القاعدة بإعلان حسابه مطلع العام الماضي، ثم بتوظيفه صوتاً إعلامياً يمثل الإستراتيجية العليا خصوصاً، غرّد باللغتين العربية والإنكليزية بعد زيارة الرئيس أوباما «سعدت بلقاء الرئيس أوباما وبحثنا معاً الشراكة الإستراتيجية وتعزيز التعاون بين البلدين وخدمة السلام العالمي»، لتكون التغريدة بياناً ملكياً موجزاً عن المحادثات ورؤية الملك لمحصلتها العامة. هذا التوجه يشير إلى اعتماد اللغة المكثفة والموجزة في الخطاب الرسمي، ويعني أن حساب الملك الرسمي سيكون المصدر الرئيس والمتفاعل مع الناس في القضايا العامة، وسيكون بمثابة مجلس مشرع لكل المواطنين لإيصال كل ما يريدون إلى مكتب الملك، إلا أن الأهم هو اختراق البيروقراطية التـــــقليدية في الخــطاب الحكومي، واعتماد السرعة والمباشرة في التعاطي الفوري مع أي شأن يقتضي ذلك. دخول الملك سلمان إلى «تويتر» بدءاً كان تعبيراً عن توجهه لتوظيف كل الإمكانات والانفتاح الكامل على الوسائل الجديدة لتكون ضمن وسائل التعبير ومنابر الخطاب وأداة تواصل مرن لفضائه المفتوح والتلقائي من دون أي بروتوكولات، وهو ما يتفق مع اهتمام الملك بالإعلام وصلته العريقة به، باعتباره أشهر شخصية سياسية ترتبط بعلاقات ثرية وعريضة مع الكتّاب والمفكرين والإعلاميين في العالم العربي وحواراته الكثيرة معهم على المستويات كافة، حتى تكاد لا تخلو مفكرة أي منهم من ذكرى جلسة أو حوار أو اتصال مع الملك سلمان الذي يعرفهم بشخوصهم ويستشهدون بالهامش الواسع في قابلية الرأي الآخر والمختلف للملك سلمان منذ لحظة التواصل الأولى.

&

كان دخول الملك سلمان إلى «تويتر» طبيعياً بحكم شخصيته على رغم عدم الاعتياد عليه رسمياً حتى الآن إلى درجة أن كثيراً من المسؤولين ينفون دائماً وجود حسابات لهم وكأنه يجرح الهيبة أو يخالف التقالي، وهو ما يعني في بعض جوانبه عدم القدرة على الحوار أو الوهم بخلق مسافة الهيبة بينه وبين الناس علماً أن مثل هذا الوجود ضروري ولازم لمسؤولي القطاعات الخدمية تحديداً، إذ تتعطل مصالح الناس إن لم يستطيعوا الوصول إلى المسؤول.

&

لم يعرف الإعلاميون على امتداد العالم العربي مسؤولاً يتفهمهم ويفهمهم مثل الملك سلمان ومقولاته في الحرية الإعلامية شهيرة وكثيرة جداً، وأقتبس هنا جانباً من كلمته الثرية في حفل هذه الصحيفة عام 2003 حين قال: «إنني أحترم صاحب الرأي وإن خالفني فيه، ولي أصدقاء كثيرون في الإعلام المقروء والمرئي، ولو خالفتهم الرأي فالصداقة تبقى، والاحترام يبقى ما دام الإنسان يقول الكلمة وهو مؤمن بها، خطورة الكلمة أن تكون سلعة تباع وتشترى، هناك خطورة، هنا يجب ألا يقبلها إنسان شريف في نفسه، أما عندما يعبّر الإنسان عن رأيه وهو صادق فيه فيجب أن نحترمه، وكذلك عندما يتضح للإنسان منا كبشر سواء الكاتب أم المتحدث أو المتلقي أنه أخطأ أو لم يعرف الحقيقة فليس عيباً عليه أن يقول: أخطأت، وأن يتراجع ويقول الحقيقة».

&

هذا هو الإعلام الذي يريده الملك سلمان ويدعو إليه ويناصره، وهي القاعدة التي يدركها كل إعلامي حظي بلقائه والتواصل معه، ويبقى أن الإعلاميين العرب فرحون بمجدهم المنتظر فلقد جاءهم نصير يعزّ مثيله، وداعم يرفع قيمتهم كلما التزموا الصدق والأمانة.
&