يوسف الكويليت

الذين يجهلون طبيعة بلدنا، حياتنا وتقاليدنا وطبيعة عيشنا، لا نلومهم أن يقرأوا أو يسمعوا أو يروا وسائل إعلامهم كيف تنشر وتذيع، ويصدقون أقوالها كحقائق، وهو سلوك الشعوب التي لا تجعل اهتمامها في الخارج رغم توسع التواصل بالأجهزة الحديثة، ولعل تجربة الأيام الماضية وكيف سلط الإعلام على الكيفية التي انتقلت بها من الملك عبدالله إلى الملك سلمان، وصاحبها قرارات مصيرية بمراسيم تعيينات لولاية العهد ولولي ولي العهد، البعض بارك هذا الانتقال وسهولته، وآخر حمّله مقولات وتصورات وأفكاراً من صناعة الإعلام المعادي، ولأننا كالنخلة من يعجز عن الوصول إلى فرعها ليجني رطبها فإنه يرميها بالحجارة فهذا أمر عادي.

كنا نتمنى حضوراً إعلامياً مختصاً ومنصفاً ليقف على الأحداث كاملة، ويرى بأم عينه هل أُعلن البيان الأول وأقيمت الحواجز في الشوارع والطرقات وحضور لافت لمظاهر الأسلحة والدوريات الأمنية، والإعلانات في المساجد والمدارس وتقاطعات الشوارع بأن السماح بالتجول محدّد بساعات معينة لقضاء حاجات الناس أسوة بما نراه في عالمنا الثالث عند أي تغيير في نظام الحكم؟

وهل رأى الناس تتذمر، والمحال مقفلة وسجن الناس في بيوتهم حتى تستقر الأوضاع ومن ثم تعود الحياة من جديد إلى وضعها العادي؟

الظاهرة الأخرى في المشهد نراها من قوى أخرى بعضها عاش على التحريض وسد أبواب التطور ومعاداة كل جديد، وإعلان الحرب على الأديان والمذاهب والمرأة والابتعاث والانفتاح على العالم، والبعض الآخر متشائم يلبس عدة أثواب بألوان وأطياف مختلفة يريد تجاوز الزمن بتطبيق نظم وسياسات يحاربها المجتمع متناسين أن الاصلاحات في مجتمع محافظ تغلب تقاليده على توجهات الآخرين لا يمكن الصدام معها دون فهم لحركة الانتقال وكيف تدار بعقل واع وغير صادم..

لسنا مع التطرف بأشكاله المختلفة وضد الجمود ومع التغيير الملائم لكل مرحلة في تطورنا حيث في كل مجتمع هناك أفكار وسلوكيات وقوى دفع إلى الأمام والوراء وعملية خلق التوازن بين أي مجازفة نراها في صوت العاقل المدرك لدوره وخططه البعيدة والمستقبلية، ولدينا تجارب ورصيد هائل في معرفة الكيفية التي أخرجتنا من المآزق، وكيف سعدنا باستقرارنا وثراء وعينا، وان حصولنا على درجات متقدمة في التعليم والثقافة والإدراك العام لحركة العالم والتفاعل معه، تعطينا إيجابيات تتخطى الحلول السلبية بكل نوازعها وأفكارها..

من يعرف ظروف المنطقة العربية وتحولاتها السلبية وقلة الإيجابيات التي من أسسها الأمن الوطني والاستقرار الاجتماعي والسياسي، يدرك أن وطننا لم ينجرف مع أي تيار، وحتى ولادة الإرهاب وتسييس الدين لم يأتيا من أسباب الفقر والعجز عن إدارة شؤوننا بعقلانية، وإنما تعددت أسبابها التي نعرفها جميعاً ومع ذلك كان للدور الأمني حضوره الكبير، وبدون مبالغة فقد لعب المغفور له الأمير نايف ثم نجله الأمير محمد ولي ولي العهد ووزير الداخلية الدور الأهم في إبعاد المملكة عن المخاطر وملاحقة الإرهابيين حتى خارج المملكة وفي العموم نحن الآن أكثر أمناً وتفاؤلاً في مستقبل كبير ومشرق.
&