الأردن والتفاوض مع «الدولة»: معلومات بـ«القطارة» ورسائل صارمة لطمأنة الرأي العام وضبط الانفلات الإعلامي


بسام البدارين


&إصرار رئيس الوزراء الأردني الدكتور عبدالله النسور على لقاء رئيسي السلطة التشريعية في مجلسي النواب والأعيان أمس الخميس باجتماع «مغلق» يعني بأن صاحب القرار السياسي لا يريد التعاطي جماهيريا مع تطورات الساعات الأخيرة في قضية الطيار الأسير لدى تنظيم الدولة الاسلامية الملازم معاذ الكساسبة.


النسور وضع رئيس النواب عاطف طراونة ورئيس الأعيان عبد الرؤوف الروابده بصورة تطورات اللحظات الحرجة الأخيرة مستعينا بهما لتخفيف حدة الأسئلة والإستفسارات بسبب حساسية الموقف زمنيا وسياسيا وأمنيا خصوصا من اعضاء المجلسين على أمل إدارة ملف الكساسبة بأقل كلفة ممكنة. لذلك صدرت تعليقات محدودة عن الروابدة والنسور والطراونة بعد اللقاء المغلق تميزت بالتحفظ مما يؤشر على ان الجهات المختصة في الدولة الأردنية تدير خلف الستارة والكواليس موقفا تفاوضيا في غاية التعقيد والصعوبة يتطلب إظهار أقصى طاقات الحرص.
وقد عبر النسور عن ذلك عندما أبلغ بأن الدولة الأردنية ستفاوض حتى اللحظة الأخير لضمان استعادة الطيار الأسير معاذ كساسبة.
قبل ذلك كان العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني شخصيا وفي إشارة تظهر إهتمامه الشخصي بالتفاصيل قد إستقبل في لقاء مغلق ايضا والد الطيار الكساسبة وأبلغه بأن ولده هو إبن للأردن مع تلميح لإن الدولة الأردنية لن تألو جهدا في تأمين حياة ثم عودة الأسير الكساسبة مهما تطلب الأمر. والد الكساسبة وبعد اللقاء الملكي طلب من أقاربه ومن المتضامنين مغادرة حالة الإحتجاج مكتفيا بعبارة واحدة قال فيها «إن شاء الله تنتهي الأمور بخير».. لم يدل والد الكساسبة بتصريحات او توضيحات لكنه خرج مرتاحا من اللقاء الملكي.


لاحقا وصباح الخميس تقدمت الدولة الأردنية خطوة للأمام على صعيد ضبط الإيقاع العام بعدما عايش الأردنيون ليلتين من القلق بسبب التصريحات والبيانات المتتالية والمتناقضة التي صدرت عن تنظيم الدولة بخصوص الأسير الكساسبة والتهديد بقتله في حال عدم الإفراج عن العراقية ساجدة الريشاوي التي ترددت أنباء عن قيام أطراف في عشائر الدليم بالوساطة من أجل مقايضتها.
الخطوة تمثلت في صدور قرار بتوقيف ومحاكمة ناشر لأحد المواقع الصحافية ومحرر صحافي يعمل لديه بعد نشر أخبار قالت السلطات انها عبارة عن «شائعات» ساهمت في الترويج لأدبيات وبيانات لمجموعات إرهابية.
تضمن القرار القضائي العسكري إغلاق أحد المواقع الصحافية في رسالة تلفت نظر وسائل الإعلام لسخونة الموقف ومستوى التوتروالسعي رسميا للسيطرة على الإيقاع الصحافي الذي ساهم في تثوير الرأي العام وتحريضه وبالتالي تجمع ممثلي عشائر الكساسبة ومتضامنين معهم لثلاثة ايام في الساحات العامة في حالة إعتصام.


بيانات التنظيم المتناقضة أربكت الرأي العام الأردني لكن الدولة الأردنية أدارت الأمر بصرامة وإقتدار حتى مساء الخميس حيث إتخذت خطوات من شانها إنضاج موقف وطني جماعي بأقل نسبة محتملة من التشويش وتقليص وإحتواء شائعات الإعلام وفي النتيجة إدارة الإتصالات التي تجري عبر قنوات وسيطة مع تنظيم داعش وبكل السرية المملكنة.
وكانت داعش قد إقترحت على الأردن مقايضة مستحيلة وغير منطقية تقضي بتسليم الريشاوي التي شاركت في تفجيرات فنادق عمان عام 2006 مقابل الإفراج عن الرهينة الياباني الثاني المحتجز لديها دون تسليم الطيار الكساسبة وهو خيار لم يكن من الممكن أن تمرره عمان بدون ضمانات من حقها بالإستفسار عن حياة الأسير ودون شموله في صفقة التبادل.
المقايضة التي طرحها التنظيم لا يمكن لسلطة أو حكومة ان توافق عليها والهدف حسب التقدير السياسي إقلاق الرأي العام الأردني وتحريضه وهو أمر سيرتد بالضرورة على تنظيم الدولة ويظهر صدقية الحديث عن وجود مدارس وعدة أجنحة تتصارع داخل قيادة تنظيم الدولة.

&
&