مشاري الذايدي

في خطوة عميقة المغزى وحيوية الأثر، جدد الملك سلمان بن عبد العزيز دماء الحكومة السعودية وكثيرا من أجهزة الدولة.


تشكيلة حكومية شاملة، بثت الطاقة في الروح الحكومية، فيها المزيج من عنفوان الشباب وحكمة الكبار، دخل هذه الحكومة شباب في منتصف الثلاثينات، في وزارات مثل العدل والثقافة والإعلام. ودخلت أسماء جديدة على العمل الحكومي، من خلفيات بنكية وقطاع خاص.


يمثل الشباب نسبة عظمى من مجمل السعوديين، وهؤلاء الشباب والشابات يضفون حركة سريعة على النقاشات السعودية في وسائل التواصل الاجتماعي على الإنترنت، على اعتبار أن السعوديين هم أكثر شعوب المنطقة حضورا وتفاعلا على هذه المنصات الإنترنتية.


العاهل السعودي الملك سلمان أهدى لشعبه في مستهل حكمه، هدايا قيمة، ماديا ومعنويا، ومن ذلك أنه أمر بصرف شهرين من الراتب الأساسي لجميع موظفي الدولة السعوديين من مدنيين وعسكريين، ومكافأة شهرين لجميع طلاب وطالبات التعليم الحكومي داخل البلاد وخارجها، ومعاش شهرين للمتقاعدين على نظام المؤسسة العامة للتقاعد ونظام المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، كما أمر بالعفو عن السجناء في الحق العام، وصرف مكافأة راتب شهرين لمستفيدي الضمان الاجتماعي، وللمعاقين.


هدايا الملك سلمان لشعبه وصلت للجمعيات المرخصة، من خلال صرف ملياري ريال ودعم مجلس الجمعيات التعاونية بـ200 مليون ريال، والجمعيات المهنية المتخصصة بـ10 ملايين ريال لكل جمعية، وجميع الأندية الأدبية المسجلة رسميا بـ10 ملايين ريال، والأندية الرياضية بـ10 ملايين ريال لكل ناد من أندية الدوري الممتاز، و5 ملايين لكل ناد بالدرجة الأولى، ومليوني ريال لبقية الأندية المسجلة، واعتماد 20 مليار ريال لتنفيذ خدمات الكهرباء والمياه.


الأهم في تقديري من المال، مع أن المال عديل الروح كما يقال، هو الأسلوب الحكومي الجديد الذي تم تدشينه، المتمثل بإنشاء مجلسين للحكومة، مجلس للشؤون الاقتصادية التنموية، ومجلس للشؤون السياسية الأمنية.


هذه طفرة كبيرة في أسلوب الإدارة السعودية، يعول عليها الكثير في تركيز العمل والجهد، وتنسيق الجهات المعنية فيما بينها، وتخفيف الأعباء على مقام الملك وولي عهده. فهم راية الدولة ومرجعية الكل. هذا الأمر الجديد أدى لإلغاء العديد من الأجهزة القديمة في شؤون خدمية وتعليمية وسياسية. وتم تكثيف كل هذا في حقلين محددين. أي أنه أصبحت هناك حكومة رشيقة، متخصصة، تقوم على عمودين، عمود السياسة وعمود الاقتصاد، وتحت السياسة يأتي الأمن، وتحت الاقتصاد تكون التنمية.


أمر آخر وهو أن هذه الحيوية والسرعة والكثافة في القرارات، التي مست الدولة كلها في كل بقعة منها، دليل على قدرة السعودية على التجدد والتطور بإيقاع سريع أحيانا وبإيقاع وئيد، أحيانا أخرى، حسب الحال، إذن نحن أمام دولة حيّة متجددة ليست عصيّة على التغيير والتطوير. كما حصل انتقال سلس لترتيب الحكم للجيل الجديد في الأسرة الملكية، حصل انتقال آخر لجيل جديد في الطاقم القيادي الحكومي.. رسالة سعودية حسنة الأثر في عالم مضطرب.