غازي العريضي

&&
أمران أساسيان يحكمان توجهات القيادة الإسرائيلية الإرهابية الموتورة بزعامة نتنياهو تحت بند أولوية تصفية القضية الفلسطينية وتكريس الدولة اليهودية. أولاً: الإرهاب. وثانياً: إيران وبرنامجها النووي والاتفاق المرتقب معها من قبل مجموعة ال 5+1 في ظل الرغبة المشتركة الأميركية الإيرانية في التوصل إلى اتفاق قبل نهاية يونيو المقبل. في الأمر الأول يحاول نتنياهو استغلال كل حدث في العالم من أفغانستان إلى باكستان ونيجيريا ومالي والنيجر وتشاد وفرنسا وبلجيكا وألمانيا وأميركا والعراق واليمن وليبيا وسوريا وسيناء والداخل المصري وفلسطين ولبنان ليقول لما يسمى المجتمع الدولي: «ها أنتم ضائعون. حائرون. تركبون تحالفات وتأتون من كل أصقاع الأرض لمواجهة إرهاب» دولة الخلافة الاسلامية «وتطلبون مني الاتفاق أو التعايش مع منظمات إرهابية على أرضي مثل (حماس) التي يتحالف معها رئيس السلطة الفلسطينية. لن أقبل هذا الأمر. من حقي أن أقاوم الإرهاب على أرضي وأن أحمي بلادي وشعبي. ولا يحمي اليهود في اسرائيل والعالم إلا اسرائيل» !

&


هذا هو المنطق الاسرائيلي الذي على أساسه تبني العصابة الحاكمة سياساتها مستفيدة مما يجري في المنطقة والعالم، واستنفار كل الدول لمواجهة الإرهاب! إنها عملية ابتزاز مفتوحة لتكريس الشروط الإسرائيلية التي تنتهي بتصفية القضية الفلسطينية وإقامة الدولة اليهودية وتفتيت المنطقة. ومن هذا المنطلق يمكن قراءة الأمر الثاني وهو إيران وبرنامجها النووي والاتفاق المرتقب معها، وقراءة العملية الإسرائيلية في القنيطرة التي استهدفت جنرالاً إيرانياً كبيراً وكوكبة من القيادات الأمنية البارزة في «حزب الله» ورسائلها كانت موجهة إلى كل من الإدارة الأميركية وإيران وسوريا و«حزب الله» والعرب.

للأميركيين يقول نتنياهو: «تريدون توقيع اتفاق مع إيران. تستعجلون. هذا أمر لن يحصل من دون توقيعنا. نحن الشريك المضارب. نحن نطالبكم بعقوبات وأنتم تذهبون إلى اتفاق مع إيران، هذا لن يحصل». قال الأميركيون له: «قلنا لكم، لن نوقع اتفاقاً سيئاً مع إيران. المعادلة: إيران منضبطة وإسرائيل آمنة ومستقرة».

قال نتنياهو: «ماذا يعني إسرائيل آمنة ومستقرة؟ نحن نحدد أمننا وذكر الضمانات (في البند الأول حسب مفهومه). وماذا يعني إيران منضبطة وكيف تضبط؟ لن يكون اتفاق واطمئنان من قبلنا إذا لم نكن شركاء فيه». ولإيران يقول: «لاتتوهموا بالقدرة على التوصل إلى اتفاق مع أميركا من دوننا» ! وللعرب يقول: «قلنا لكم إيران هي الخطر. مستعدون للتعاون معاً، ولكن ليس تحت الطاولة هذه المرة. المطلوب تعاون علني لن نفعل شيئاً من أجلكم وأنتم تتفرجون». في ظل هذا الجو جاءت الضربة في مزرعة الأمل في القنيطرة.

في الحسابات: «إذا ردّت سوريا: ستدمّر طائراتها، كما قال نتنياهو لرفاقه في العصابة الحاكمة! يعني سيفقد النظام نقطة القوة الوحيدة التي تجعله حتى الآن يتفوق على المعارضة! وإذا ردّ «حزب الله» رداً كبيراً وامتداداً إيران قال: «سندمّر لبنان سنعيده الى العصر الحجري. مفنداً التداعيات. لن يتمكن أهل الجنوب من النزوح إلى سوريا. فالشعب السوري ينزح إلى لبنان. والنزوح إلى الداخل اللبناني سيزيد التوتر السُني- الشيعي أمام هول الدمار والخراب الذي سيلحق بالبلد. سيقال ل«حزب الله»: «استدرجت الإرهاب التكفيري إلى البلد. ومجدداً تستدرج الإرهاب الإسرائيلي. وأنت مسؤول عن دمار البلد. وليس ثمة عرب ولا من يحزنون يقفون إلى جانب لبنان، ويدعمون سياسياً أو مالياً أو اقتصادياً. كل دولة عربية مهتمة بأمورها إضافة إلى أن العرب يكرهون «حزب الله» بعد المواقف من البحرين والتدخل في اليمن والعراق وسوريا، وسيصبح لبنان وسوريا بقعة جغرافية واحدة. في 2006 بقيت سوريا المعبر اليوم لم تعد كذلك.لا مطارها يمكن الاستفادة منه، ولا معابرها يمكن الرهان عليها، لأننا سنحاصر لبنان براً وبحراً وجواً وسوريا 2015 غير سوريا 2006»!

على هذا الأساس نتنياهو يقول للأميركيين: «نريد أقصى الضمانات. وأقسى الضغوطات على إيران لتكون منضبطة وفق مصالحنا». واستفاد مؤخراً من كلام وزير خارجية روسيا سيرجي لافروف عند استقباله وزير الخارجية الإسرائيلي ليبرمان عندما قال: أي اتفاق مع إيران ينبغي أن يأخذ بعين الاعتبار مصالح دول المنطقة لاسيما إسرائيل بالتأكيد!

ردّ «حزب الله» على عملية مزرعة الأمل في القنيطرة في مزارع شبعا. حمل الحمل عن سوريا. أبعد النظام السوري عن المواجهة ووجّه ضربة للجيش الإسرائيلي بعد سلسلة من التهديدات الإيرانية بالرد والانتقام. ففي كل الحسابات التي أدرجها نتنياهو لم يشر إلى الردّ الإيراني وقلب الطاولة. صحيح إيران لا تريد المواجهة، بل الاتفاق مع أميركا. لكنها لن تذعن هكذا. قبلت بتنازلات، ولكن ليس هكذا وليس إلى لا حدود. ما فعله نتنياهو قد يجرّ لبنان والمنطقة إلى دمار وخراب، لكن ليس بالضرورة أن ينجح. هذا ما حصل في 2006، وفي غزة أكثر من مرة ! لكن هذه هي نواياه ومشاريعه فلنعرف كيف نتصرف!!

&