&إنقسام في لبنان بين مراهن على الروس وبين تشبيه تدخلّه بـ «الدبّ» والمستعمر: امتعاض أرثوذكسي ونائب قواتي: روسيا تلعب في البركان
سعد الياس

على وقع هدير طائرات السوخوي الروسية فوق سوريا، أطلق رئيس مجلس الوزراء اللبناني تمام سلام نداءً من على منبر الأمم المتحدة دعا فيه الأسرة الدولية «إلى الخروج من حالة الانتظار أو التردّد، وإلى وقف التقاتل بالدم السوري وعلى الأرض السورية، والمسارعة إلى وقف المذبحة الدائرة هناك، عبر إرساء حلّ سياسي يضمن وحدة البلاد واستقلالها وسلامة أراضيها ويلبّي تطلعات الشعب السوريّ إلى حياة حرة كريمة». وأكد ان «للبنان مصلحةً أكيدةً في الحل السوري لأنه يرزح تحت العبء الهائل للنزوح» الذي وصفتْهُ الأمم المتحدة نفسها بأنه «كارثة وطنيّة».


وكان التدخل العسكري الروسي في سوريا شكّل محور تعليقات متباينة في لبنان ، وفي وقت لم تصدر مواقف واضحة مرحّبة من قبل فريق 8 آذار بهذا التدخل إلا أن أجواء هذا الفريق الحليف لإيران والنظام السوري بدت منشرحة لتجاوز انعكاسات هذا الدخول الروسي المدى الجغرافي للعمليات العسكرية ولدخول الرئيس الروسي فلاديمير بوتين شريكاً في رسم توازنات المنطقة إلى جانب الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا.
ولاحظت «القدس العربي» أن اتهام 14 آذار لرئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد ميشال عون بالرهان بعد اللاذقية على إنزال روسي يوصله إلى قصر بعبدا ليس بعيداً عن تفكير فريق 8 آذار الذي يعتقد أن غارات طائرات السوخوي ستكون فعالة بعكس غارات التحالف الدولي وستقلب موازين القوى في المنطقة إلى درجة التأكيد أن ما بعد التدخل الروسي لن يكون كما قبله.
وفي سياق مواقف فريق 8 آذار، فإن حزب الله الذي تردّد أن عناصره قد يشاركون في عملية برية في شمال سوريا أكدت في بيان لكتلته النيابية أنها «تابعت التطورات السورية في ضوء الحضور الروسي المستجد استجابة للطلب الرسمي السوري بهدف الدعم التسليحي والنوعي للجيش السوري الذي أثبت انه محل الرهان الأساسي والجدي لمكافحة الإرهاب التكفيري وإعادة الأمن والاستقرار إلى سوريا بقيادة الرئيس بشار الأسد واضطلاعه المباشر بالشراكة في إنجاز التسوية السياسية الواقعية والمطلوبة». واعتبرت الكتلة «ان أولوية مكافحة الإرهاب التكفيري بفصائله كافة، قد فرضت نفسها على كل الدول المعنية بإيجاد تسوية سياسية في سوريا لوضع حد للتهديد الإرهابي الخطير الذي تجاوز سوريا إلى العالم، وان التطور في مضمون وحجم الدعم الروسي لسوريا يأتي في سياق ترجمة الموقف السياسي الرامي إلى مكافحة الإرهاب التكفيري وتعزيز أمن واستقرار سوريا والاسهام ايجاباً في إنجاز تسوية سياسية تتيح للشعب السوري، وللقيادة السورية حفظ السيادة الوطنية واجراء الاصلاحات المطلوبة وتأكيد الدور الممانع لسوريا وتثبيت تحالفاتها الاقليمية والدولية المتوافقة مع هذا الدور القومي».
في المقابل، رأت أوساط تيار المستقبل أن التخلص من تنظيم الدولة لا يتم بانخراط طائرات جديدة في الحرب، ونبّهت إلى أن محاربة تنظيم الدولة يجب ألا تندرج في إطار فرش السجادة الحمراء أمام بشار الأسد. وإنتقد مفتي جبل لبنان الشيخ محمد علي الجوزو «الدور الروسي في سوريا، لانه يقوم على الخداع وذبح شعب، والمسؤول عن ذلك هم العرب الذين سكتوا عن المؤامرة الروسية – الإيرانية»، معتبراً «ان روسيا اليوم هي دولة استعمارية تحتل سوريا وتتعاون مع بشار الأسد على قتل الشعب السوري وتهجيره من أرضه»، واصفاً الرئيس فلاديمير بوتين «بالديكتاتور ورأس الإرهاب في المنطقة».
غير أن الرد الأعنف على التدخل الروسي جاء من رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط الذي لفت إلى «ان الشعب السوري متروك لوحده أعزل بين سندّان تنظيم «داعش» ومطرقة نظام التوحش ومعه الدب الكاسر الروسي». وأشار إلى ان «الدب الروسي لا يجيد أبسط قواعد الدبلوماسية وكيف لا فهو دب، ادعى انه يريد محاربة «داعش» لكنه هاجم الجيش السوري الحر، في الرستن والمحيط».
وقال عضو كتلة القوات اللبنانية النائب فادي كرم لـ «القدس العربي» إن «روسيا تلعب أكثر من النار كما قال رئيس الحزب الدكتور سمير جعجع بل هي تلعب في البركان وتزيد نار الحرب استعاراً وهي تعطي أوكسيجين ليس للرئيس بشار الأسد بل للازمة وللحرب في سوريا لأن الأسد انتهى ولم يعد رئيساً وبقي كعصابة تحارب على الأراضي السورية». وأكد «أن حزب الله يراهن على اللعبة الاقليمية ويعتبر أن الإيرانيين والملف النووي ودخول الروس على الحرب السورية هي أوراق قوة بالنسبة اليهم ليفرضوا شروطهم على القوى الاقليمية والدولية الأخرى، ولكن هذه رهانات خاطئة جداً وكان هناك قبلهم أفرقاء أقوى منهم جرّبوا وفشلوا ولم نعطهم في لبنان ما أرادوا وعادوا وسقطوا ورحلوا ولو حكموا في فترة معينة».
وعلى الصعيد المسيحي ورداً على ما نُقل عن اعتبار الكنيسة الارثوذكسية المعركة الروسية في سوريا مقدسة، فإن مدير مركز الدراسات المسيحية-الإسلامية في جامعة البلمند الاب الارثوذكسي جورج مسوح بدا غير موافق من خلال تأكيده أن «لا حرب مقدسة في المسيحية». وقال «كل حرب نرفضها، أكانت باسم اله اليهود، ام إله المسيحيين، ام إله المسلمين. لذلك، فان موقف الكنيسة الروسية لا يعنينا، لا من قريب ولا من بعيد. ونحن، المسيحيين الشرقيين، نؤمن تماماً بأن لا حرب مقدسة، ولا جهاداً مقدساً، ولا حقاً الهياً في الحرب، إلى ما هناك من تبريرات تعطى هنا أو هناك». وأضاف الاب مسوح كما أورد على صفحته على فيسبوك «كل من يريد ان يشنّ حرباً أو صراعات هو حر. ولكن رجاء، دعوا الكنيسة جانباً، ولا تدخلوها في متاهات هي أبعد من ان تكون لها علاقة بها. في الكنيسة الشرقية، لدينا رجل كبير اسمه المطران جورج خضر، وكتب من نحو 30 عاماً أيام الحرب الأهلية، ان إله العسكر مات منذ عُلِّق المسيح على الصليب. أي بعد يسوع المسيح، لم يعد لدينا إله يشن الحروب. وبالتالي، نحن نحمل الصليب الذي حمله المسيح، ولسنا صليبيين».

&