&محمد الطميحي

تعالت الأصوات التي تنادي بإقرار التجنيد الإلزامي في المملكة على غرار ما اتجهت إليه الدول الخليجية الثلاث قطر والإمارات والكويت ومايحدث منذ سنوات في دول عربية كمصر والجزائر.

ومع الحاجة المتزايدة إلى هذا التوجه في ظل التحديات والتعقيدات الأخيرة التي تشهدها المنطقة وعلى رأسها العمليات العسكرية التي تقودها بلادنا لدعم الشرعية في اليمن إلا أن هناك تجنيداً من نوع آخر هو ما نحتاج إليه.

منذ نشأة الدولة السعودية الثالثة وحتى عصرنا الحاضر شهدنا عدة مواجهات مع الفكر الضال، انتهى معظمها بصراع مسلح كنتيجة حتمية للخروج عن المسار المدني والنهضوي للدولة، من خلال محاولة فرض وممارسة مفاهيم ومعتقدات متطرفة باسم الدين.

من معركة السبلة عام ١٩٢٩ م مرورا بأحداث الحرم أو مايعرف بحرب جهيمان بعد هذا التاريخ بنحو خمسين عاما، وصولا إلى مانشهده اليوم من حروب متفرقة مع التنظيمات الإرهابية كداعش والقاعدة، عاشت المملكة سجالاً فكريا مع الفئة الضالة التي كانت ولاتزال جزءا من النسيج الاجتماعي شئنا أم أبينا، فعناصرها تخرجوا من مدارسنا وعاشوا بيننا وقد نصادفهم كل يوم في شوارعنا وأعمالنا دون أن نميزهم أو ندرك بأنهم أشبه بقنبلة موقوتة قد تنفجر فينا في أي لحظة.

هؤلاء ليسوا صهاينة أو من اليمين المسيحي المتطرف بل هم من ذات الوطن والدين والمذهب ويحاربوننا بالآيات والأحاديث التي لا يمكن لأحد أن ينكرها أو ينفي ارتباطها بالإسلام، ولكن وفق مفهومهم الخاص.

هنا تستدعي الحاجة إلى إعادة صياغة المناهج والخطاب الديني بما يضمن توسيع مدارك الجيل واستيعابه للمعاني السامية للكتاب والسنة، والتركيز في مرحلة متقدمة على التفسير الحقيقي لتلك النصوص التي اكتفى شيوخ الظلام بظاهرها لاتخاذها حجة للعنف والقتل وتجنيد الأتباع.

أيضا لابد من القيام بغربلة شاملة يشارك فيها العلماء والمفكرون لكل مايوجد في مكتباتنا العامة من كتب التراث التي يحتوي الكثير منها على ما يبرر ما نشاهده في عصرنا الراهن من عمليات إرهابية بالغة الوحشية حتى في حق المسلمين أنفسهم.

لدينا مركز للمناصحة وآخر للحوار الوطني وعشرات الالاف من المساجد والمدارس والجامعات ووسائل الإعلام الرسمية والخاصة التي ستلعب مجتمعة دورا مصيريا في جهود التحصين أو التجنيد الفكري المعاكس لو تمكنت من تنسيق الجهود فيما بينها لنشر خطاب معتدل يمثل الوجه الحقيقي للدين الذي نؤمن به لا ما يمثله الظواهري والبغدادي.