&خبراء: تأييد مصر للغارات الروسية يختبر علاقاتها بواشنطن والرياض


منار عبد الفتاح

&اثار اعلان مصر، امس الاول، تأييدها للغارات الروسية في سوريا جدالا واسعا بشأن الاولويات الجديدة في سياساتها، وخاصة لما يمثله من «اختبار جديد لعلاقاتها مع الولايات المتحدة والسعودية»، حسب بعض الخبراء، بينما عبر اخرون عن معارضتهم للموقف الرسمي القاهرة معربين عن قلقهم من وقوع ضحايا مدنيين.
وكان وزير الخارجية المصري سامح شكري قال في تصريحات لقناة «العربية» السعودية امس الاول: «المعلومات المتاحة لدينا خلال اتصالاتنا المباشرة مع الجانب الروسي تشير إلى اهتمام روسيا بمقاومة الإرهاب والعمل على محاصرة انتشار الإرهاب في سوريا».


وأضاف أن «دخول روسيا بما لديها من إمكانات وقدرات في هذا الجهد هو أمر نرى أنه سوف يكون له اثر في محاصرة الإرهاب في سوريا والقضاء عليه».
وقال شكري إن «التواجد (الروسي) الهدف منه توجيه ضربة قاصمة متوافقة مع الائتلاف المقاوم لداعش في سوريا والعراق».
وجاء الموقف المصري مخالفا لدول عدة في التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة، التي وصفتها بأنها «تصعيد إضافي للصراع ولن تعمل سوى على تغذية التطرف».
ودعت تركيا والولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وحلفاؤها في دول الخليج، في بيان مشترك، روسيا إلى وقف ضرباتها الجوية «ضد المعارضين السوريين والتركيز على ضرب تنظيم الدولة الإسلامية»، معبرة عن «القلق العميق».
وجاء في البيان: «نعبر عن القلق العميق في ما يخص التعزيزات العسكرية الروسية في سوريا وخصوصا الضربات الجوية الروسية في حماة وحمص وإدلب منذ البارحة، والتي أدت إلى سقوط ضحايا مدنيين ولم تستهدف داعش».
ولم يصدر اي تعليق سعودي او أمريكي على الموقف المصري حتى عصر امس الأحد.
وقال السفير معصوم مرزوق، مساعد وزير الخارجية الاسبق، لـ«القدس العربي»: «أنا شخصيا لا اشجع هذه الغارات الروسية، ولا أراه شيئا طيبا ان تصبح الاراضي العربية مستباحة لكل من هب ودب سواء من الشرق او الغرب، فأنا لا اشعر بالراحة ازاء ما يحدث ولا اراه شيئا كريما ان يسقط ضحايا في الاراضي العربية سواء في سوريا او العراق او ليبيا او اليمن، بينما السماوات العربية مكتظة بالطيران الجوي الأمريكي والفرنسي والروسي وغيره، والجامعة العربية تشاهد ذلك وتقف هى واعضائها كالمبنى المهلهل لا تتخذ اى قرار».
واضاف إن «هذا التأييد غير مفهوم، وعلى اى اساس تؤيد مصر ما يحدث وكلنا نعلم انه في الاستراتيجيات العسكرية القصف الجوي لا يميز الضحايا على الارض وبدون شك سيقع الكثير من الأبرياء؟ وهذا امر مؤلم للغاية خاصة وان سوريا كانت تعتبر جزءا من الجمهورية العربية المتحدة».
واوضح ان «غضب السعودية من موقف مصر يعد «كوميديا سوداء» يعيشها العالم العربي، لأن موقف السعودية وغضبها من مصر غير مبرر لأنه بالبحث عن جذور الامر فنجد انه من كان المسؤول والممول للفصائل التي تقاتل بالسلاح على الاراضي السورية فنجد انها السعودية وغيرها من دول الخليج ومع تعاون وثيق مع المخابرات المركزية الأمريكية والمخابرات التركية».
وقال السفير ابراهيم يسري، وكيل وزارة الخارجية الاسبق، لـ«القدس العربي»: «لا احد بات يعلم إلى اين تتجه سياسة مصر. فهناك تغيير شامل في ميول مصر واتجاهاتها السياسية ولا نستطيع الحكم عليها في الوقت الحالي. فهناك قضية غزة واسرائيل ودعوة الدول العربية وليبيا والسكوت عن الاقصى وعدم وجود جيش حقيقي في مصر. فنحن نحتاج إلى فترة حتى يمكننا معرفة إلى اين تتجه مصر، وانا لا استطيع معرفة نوع التغيرات التي تحدث وكم ستسغرق من الوقت».
ونقلت تقارير صحافية عن مصادر خليجية قولها إن الغارات الروسية «كشفت عن تباينات في المواقف بين مصر وبين بعض دول الخليج إزاء الموقف في سوريا وأسلوب معالجة الأزمة هناك».
واضافت أن «بعض دول الخليج تبدو حذرة في تأييد الضربات الجوية الروسية وفي قبول دور للرئيس السوري بشار الأسد في أي حل سياسي للأزمة، في حين تبدو مصر أقرب للطرح الروسي». ويرى خبراء أن مصر، التي عانت من جماعة الإخوان المسلمين، تضع الفصائل المعارضة في سوريا، التي تتخذ من الإسلام شعارا لها، في سلة واحدة، على خلاف السعودية التي تميز بين فصائل متشددة وأخرى معتدلة حاربت جيش النظام فحسب، على مدى سنوات الصراع.
ويضيف الخبراء أن امتداد داعش إلى سيناء المصرية، يعزز مواقف القاهرة التي تحارب الإسلام السياسي بكل أشكاله، ناهيك عن الحركات المسلحة.
ودشن نشطاء على موقع التواصل الاجتماعي حملة تحمل وسم «روسيا تقتل أطفالنا»، تندد بالغارات الجوية التي نفّذتها روسيا على مواقع تابعة لثوار سوريا. واستنكر المغردون في «تويتر» استهداف الطائرات الروسية المدنيين السوريين، إذ راح ضحية غاراتها العشرات منهم، بحجة ضرب تنظيم الدولة و«محاربة الإرهاب»، في حين أن الغارات ضربت محافظات مثل إدلب التي تخلو من مقاتلي التنظيم.
ونشر الناشطون حملتهم على مواقع التواصل الاجتماعي معتمدين على الوسمين» روسيا تقتل أطفالنا» و«العدو الروسي»، مرفقين في منشوراتهم صور الأطفال الذين قضوا في هذه الغارات، وصور الغارات الجوية التي استهدفت مقار فصائل المعارضة السورية.
ووضف النشطاء التدخل الروسي بـ«الاحتلال». وشهد نشطاء في إدلب باستخدام هذا الوسم بأن الغارات الروسية استهدفت الأطفال والنساء والبنية التحتية بشكل عام، وأماكن تجمع المدنيين فقط.
وانتقد آخرون التذبذب في السياسة الأمريكية والغربية على حد سواء، تجاه الصراع في سوريا، وقتل الأطفال على مرأى ومسمع منظمات المجتمع الدولي كافة ابتداء من الأمم المتحدة، وفق تعبيرهم. ونشر بعض الناشطين من مدينتي حمص وحماه رسائل عديدة مفادها أن «العالم بأسره يتخلى عن الشعب السوري وقضيته بأسلوب فاضح»، راجين أن يجد هذا الهاشتاغ صداه في الأوساط والمحافل الدولية، على حد قولهم.
ورأى مراقبون ان الموقف المصري لم يكن مفاجئا خاصة بعد تصريحات الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي لقناة «سي ان ان» الأمريكية اثناء مشاركته في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة الاسبوع الماضي، والتي اكد فيها على «أولوية محاربة الإرهاب في هذه المرحلة»، ومشددا على ان «إنهيار الدولة في سوريا يعني سقوط كافة اسلحة النظام في ايادي الإرهابيين»، إلا انها تبقى دليلا على تحول استراتيجي غير مسبوق باتجاه مزيد من الاستقلالية عن الحلفاء التقليديين للقاهرة عبر اكثر من اربعة عقود.

&