ياسر الغسلان

ما إن بدأت الضربات الجوية الروسية على مواقع الجماعات الإرهابية كما تصفها السلطات الروسية، حتى تعالت الأصوات من هنا وهناك، تدعو الشباب المسلم إلى التوحد في مواجهة تدخل الكفار، وفق وصف أحد رموز التجييش الذي قال: "اجتمع الكفار مع اختلاف مللهم على أهلنا في الشام، فهل تجتمع كلمة المجاهدين! فمن لم ينتصر على نفسه لن ينتصر على عدوه".


وهو ما أعاد لي ولغيري إلى الذهن تلك الأصوات التي كانت تنافح في الثمانينات الميلادية لجهاد ديني في أفغانستان، تبين لنا بعد عقود أنها البؤرة التي تسببت للعالم في كل هذا التشرذم والغرق في وحل وصم الأمم لنا بالإرهاب.


تزايد الأصوات التي تشرعن للجهاد على نمطه الأفغاني بعد دخول روسيا في الحرب السورية، سيكون سمة واضحة للمرحلة القادمة في الإعلام الاجتماعي ووسائط التواصل المختلفة، ما سيكون له أثر كارثي في تقديري إن ترك دون معالجة، فقد دأبنا كمواطنين وحكومات خلال السنوات القليلة الماضية على محاربة الجماعات الإرهابية الإسلاموية، ابتداء من "القاعدة" وصولا إلى "داعش" و"جبهة النصرة" وأخواتها، كما أن الجهود التي ما زالت مستمرة في كشف وتعرية الإرهاب المسيس لحزب الله وحكومات إقليمية طائفية ستواجهه معضلة كبيرة، فالخيط الفاصل بين تلك الجماعات المتفق على وصفها بالإرهابية، وما يدعو إليه هؤلاء المشايخ المجيشون رقيق جدا، ومن السهل وفق المنطق الذي ينطلق منه ذلك الشيخ ومن هم على شاكلته، أن ينحو مع قليل من التأويل بهذا المجاهد الذي قام بتعبئته من محارب شرعي إلى إرهابي خارج على الأنظمة والتوجيه الديني وربما السياسي الذي يقف خلفه.


نحن متفقون أن النظام البعثي الذي يحكم سورية يجب أن يرحل، كما أن التدخل الروسي في سورية ما لم يكن يستهدف استئصال السرطان الإرهابي الإسلاموي "داعش وزمرتها" فهو عمل يصب في مصلحة خدمة النظام الطائفي المجرم في دمشق، إلا أن العمل نحو إيجاد حل يتوافق مع أهدافنا الاستراتيجية يجب ألا يجعلنا نقع في أخطاء الماضي، فقد ورث هذا التجييش منهجا وعددا من العقول المنحرفة عن كل ما هو إسلامي قويم ووطني صالح تحت ذريعة محاربة الشيوعية.