عبدالله بن بجاد العتيبي
مرةً جديدةً كشفت مملكة البحرين عن متفجرات ضخمة من أنواع متعددة وشديدة التفجير وأسلحة مخبأة بعناية وذخيرة كبيرة «تكفي لتدمير المنامة» عاصمة البحرين، كما صرح الشيخ خالد آل خليفة وزير الخارجية البحريني.
&
وقبل يومين كشفت السعودية عن أسلحة مخبأة في إحدى القرى الصغيرة التابعة لمحافظة جازان، وقبل أسبوع كشفت قوة التحالف العربي عن اعتراض زورق صيد إيراني مليء بأسلحة نوعية خطيرة فيها مضادات للطائرات والدروع متجهة لليمن، وقبل شهرين تقريباً كان إعلان الكويت عن كشف خلية كبرى وأسلحة ومتفجرات يظهر من حجمها وخطورتها أنها لم تكن معدةً لتفجير إرهابي فحسب بل لعمل مسلح واسع يهدد كيان الدولة نفسها حين تحين ساعة الصفر.
هذا غيضٌ من فيض، فمحاولات إيران تهريب الأسلحة وتخزينها واستخدام بعضها في عمليات إرهابية ضد دول الخليج قائم على قدم وساق، وما تمّ كشفه حتى الآن سواء في السعودية أو الكويت أو البحرين أو اليمن يعد جزءاً من كل ويوحي بأن ثمة متفجرات وأسلحة وخلايا لم تكتشف، بعد وهو ما يجب أن يعزز الجهود لمواجهة هذا الخطر الداهم خصوصاً مع تعدد عمليات الكشف عنه واستمرارية إيران في اعتماده كاستراتيجية في مواجهة دول الخليج ومحاولاتها المستميتة لزعزعة استقرار هذه الدول ونشر الفوضى فيها واستثارة الصراعات الطائفية المقيتة التي تستخدمها كسلاح سياسي.
هذا النشاط العدائي الكبير لإيران ضد دول الخليج شهد تصاعداً في وتيرته وحجمه في السنوات الأخيرة، وهو ما يوجب التصدي له بكل قوة وحزم، وقد استدعت مملكة البحرين سفيرها من طهران وطلبت من القائم بأعمال السفارة الإيرانية مغادرة البلاد خلال 72 ساعةً وفعل اليمن مثلها.
لم تخف إيران عداءها لدول الخليج العربي من أول يوم لثورتها الإسلامية المزعومة، وكان مبدأ «تصدير الثورة» في صميم سياستها المعلنة لاستهداف دول الخليج والدول العربية، ولئن خاض الخميني حرباً طويلة مع العراق في خدمة هذا المبدأ حتى اضطر لتجرّع السم فإن خامنئي اعتمد أسلوباً أشد مكراً يعتمد على ضرب استقرار دول الخليج والدول العربية عبر التفجيرات ودعم الجماعات الإرهابية كتنظيم «القاعدة» ونشر الميليشيات الطائفية وتسليحها وتدريبها بل وقيادتها أحياناً كما في العراق وسوريا ولبنان واليمن.
إن مواجهة هذا العداء الإيراني السافر يجب أن تكون بحجم اتساعه وشمولية تخريبه، وبخاصة أن إيران تتصرف اليوم كدب جريح بعدما تمّ ضرب مشروعها لبسط الهيمنة والنفوذ في اليمن عبر «عاصفة الحزم» هذه الحرب التاريخية التي سيذكرها التاريخ طويلاً وكيف أن قوة دول الخليج العسكرية وتحالفاتها العربية والدولية استطاعت أن تضرب المشروع الإيراني التخريبي في اليمن ضربة قاصمة وأصبح أتباع إيران وعملاؤها من ميليشيات الحوثي وأتباع المخلوع صالح تحت حرب حازمة قضت على قوتهم في اليمن وهي في السبيل لإنهائهم والقضاء على خطرهم واستعادة اليمن دولةً وشعباً لعمقهما العربي.
يجب ألا ننسى أن العراق وسوريا دولتان عربيتان تنتميان لعمقهما العربي ولا شأن لإيران بهما ولا بشعبيهما، والتدخلات الإيرانية فيهما وإن كانت واقعاً ملموساً فإنه واقع مرفوض يجب عدم الإقرار به وفضحه ورسم كل السبل لمواجهته وتحجيمه وصولاً لطرد آخر إيراني من البلدان العربية وكسر طموحات الهيمنة وتحطيم النفوذ الإيراني وإجبار إيران على العودة للاهتمام بشؤونها الداخلية وكف شرورها عن الدول العربية وشعوبها.
إن رصد التجربة الإيرانية في التغلغل في الدول العربية يظهر بوضوح اعتمادها الدائم على عملاء محليين في كل بلد تدخلت فيه وليس المقصود هنا الانتماء الطائفي بطبيعة الحال بل العمالة والخيانة بشكلها العام، وطابور إيران الخامس في الدول العربية يشمل أطيافاً وتيارات لا علاقة لها بالانتماء الطائفي والمذهبي فجماعة «الإخوان المسلمين» وتنظيما «القاعدة» و«داعش» كلها تنظيماتٌ عميلةٌ لإيران وهي تنتمي جميعاً لطائفة أخرى، ويجب أن يكون رصد هؤلاء العملاء وضربهم بقوة القانون على رأس أولويات أي خطة للمواجهة.
وأخيراً، فإن ما يبعث على الاطمئنان هو أن خطط إيران مكشوفة لدول الخليج، وهي على الرغم من خوضها لحرب شرسة ضد إيران في اليمن فإنها تعيش حياةً طبيعيةً فهي مستمرةٌ في البناء والتنمية، والتقدم والرقي، وأي تصعيد لازم في المستقبل ضد إيران يجب أن يتمّ مع استمرار البناء وبسط الرخاء.
&
التعليقات