خالد أحمد الطراح

المكارثية مصطلح برز في الخمسينات في أميركا، وهو يتلخص في بيئة طغى عليها فوبيا من الاتحاد السوفيتي وتحديدا تمدد الفكر الماركسي في المجتمع الأميركي، أدت إلى ولادة ممارسات شاذة تصدرها التشكيك والتخوين والتجسس بقيادة السيناتور جوزيف ماكارثي.
المكارثية أو على الأقل مظاهر شبيهة بها، للأسف، تطل على المجتمع الكويتي بثوب فوبيا جديدة.. فوبيا تستهدف مكونات المجتمع من نواح فكرية ودينية ومذهبية واجتماعية بشكل عام.
من المحزن ان مفكرين وكتابا وشخصيات مؤثرة في صياغة الرأي العام والصور الذهنية أصبحت تقرع طبول المكارثية بشكل مباشر تارة وغير مباشر تارة أخرى، والأسباب تتفاوت هنا بين اجتهادات غير موضوعية او تصفية حسابات مع أطراف أخرى أو من باب الشماتة!
الظروف والتطورات الأمنية، التي نتج عن بعضها الأعمال الإرهابية كتفجير مسجد الإمام الصادق وأعمال أخرى طالت دولا شقيقة في المنطقة إلى جانب قضية ما يعرف بـ«خلية العبدلي»، دفعت إلى نشوء حالات من الهستيريا لدى البعض، فهناك من صار يطلق الأحكام ويوجه الاتهامات من منظور ديني أو فكري او مذهبي أو طائفي حتى بلغ الأمر بالتندر أن يوصف بعض المتدينين بداعشيين! بدلا من محاربة إرهاب داعش، جماعة القتل باسم الدين، فكريا وسياسيا والتصدي لما ينسب للشريعة الإسلامية السمحة.
الشحن الطائفي والمذهبي، من المؤلم، لم تتطهر كليا منه الساحة الكويتية منذ سنوات، فمن نوافذ السياسة والتعيينات للقياديين والموروث الكويتي المعروف بالواسطة، انتشرت سموم الانقسام الاجتماعي، والمسؤول الأول والأخير السلطة التنفيذية التي تتعامل أحيانا مع ملفات بحزم وبموجب القانون وأحيانا بتهاون واستثناءات تكسر القوانين والقواعد حتى لو الضرر انطلاق شرارة الطائفية!
ولعل أفضل مثال على ذلك طبيعة المفاوضات التي مر بها تشكيل أول حكومة لرئيس الوزراء السابق، الذي «حقق» رقما غير مسبوق في تشكيلات حكومية تعدت خمس حكومات، والتي (المفاوضات) تمت علنيا وتم تناولها إعلاميا!
ما نخشاه اليوم على كويت الأسرة الواحدة تمزق اللحمة الوطنية ومكونات المجتمع من الشحن الطائفي والمذهبي والتخوين اللذين يمكن أن يتحولا إلى مكارثية جديدة بمسميات متنوعة وحجج واهية، تدفع ثمنهما الكويت وطنا ومواطنا!

&