& مطلق بن سعود المطيري

لا يحتمل الوضع في لبنان لجهد تحليلي كبير لفك تعقيداته السياسية التي ادت لتعطيل الحياة السياسية فيه، ومنع جميع خيارات الشعب اللبناني السياسية في اختيار رئيسه، كل هذا التراجع المربك بسبب ان طهران تريد رئيساً واحداً وحزبا واحدا ووضعا ينسجم مع مشروعها التوسعي، فهي الحاكم بأمرها في لبنان.

الدول العربية قدمت دعما ماليا كبيرا وجهدا سياسيا عظيما لبث الروح اللبنانية الوطنية في جميع القوى السياسية في ذلك البلد التي ترفع شعار لبنان للبنانيين، وإن قسنا حجم هذا الدعم على الانجاز السياسي لتلك القوى نجده لا يكاد يحسب، فمازالت طهران وحزبها في لبنان هما المسيطرين على الحياة السياسية والمتحكمين في اتجاه الارادات المؤثرة في الساحة اللبنانية، على الرغم من ان معارضيهما في لبنان اضعاف مؤيديهما ودعم إيران المالي اقل بكثير مما تقدمه الدول العربية للاحزاب المناهضة لها.

من عقود ماضية وهذا الوضع مستقر لصالح طهران، ومن عقود والدعم المالي للمعارضين للوجود الايراني يزيد ولم يتغير شيء، فقوة شبابية عفوية غير مدعومة ماليا ولا سياسيا خرجت باحتجاجات على القمامة كان تاثيرها اكبر بكثير من القوى الحزبية والسياسية المدعومة، فيبدو ان بعض سياسيي لبنان حولوا معارضتهم الوطنية لوظيفة معلومة الدخل ولكن بدون مسؤوليات او محاسبة، وعرف الطرف المناوئ لهم طريقة معارضتهم واهدافهم وسمح لهم بتقديم بعض المعارضات التي تسمح باستمرار وجود الوظيفة التي بلا مسؤوليات..

خطوط المواجهة مع طهران اصبحت مفتوحة في كل اتجاه يوجد لها موقع وقوة، وإن لم تعمل القوى الوطنية اللبنانية على تحريك خطوط المواجهة لرسم الطريق التي تخرج به طهران من بلدهم سيكون كل الدعم الموجه لهم من عقود خسارة كبيرة على الداعمين، فخيارات الدول المساعدة للبنان جميعها خيارات وطنية لبنانية لا تريد اكثر من ان ترجع السيادة لاهلها، وكذلك العمل على هزيمة المشروع الايراني في الدول العربية الذي بدأ يتوسع في المنطقة بدون رادع، عاصفة الحزم قدمت المنهج المطلوب اتباعه لهزيمة المشروع الايراني ودحره، فمنهج الحزم يقتضي استجابة وطنية من الداخل تمثله قوة وطنية قادرة على تقبل التضحيات قبل الحصول على المكاسب، فالامر اليوم تعدى سياسة الترضيات والتوافقات الوهمية الى الوصول بحزم للمبتغى الوطني الآمن.

لبنان لا تخلو من الرجال القادرين على التقدم بحزم لانهاء الاحتلال الايراني الجاثم على صدورهم من عقود، في السابق كانت سورية تمنع أي تحرك وطني يضر بالوجود الايراني ولكن اليوم رأينا العكس فلبنان هي من تتوجه لحماية النظام السوري من الانهيار فحزب الله يحمي المشروع الايراني في لبنان، ويحمي حامي حماه في السابق، فمساعدة القوى اللبنانية الوطنية ماليا وسياسيا يجب ان يكون لها نتائج على الارض تتساوى مع حجم الدعم، والا ستكون المساعدة جهدا غير مبرر وتصب في الاتجاه الخطأ..

ضرب المشروع الايراني في لبنان هذا هو أوانه، فالحليف السوري عاجز وطهران رمت بكل ثقلها العسكري خلفه، ومهما كانت قوة حزب الله العسكرية فلن تكون اكبر من قوة الجيش اللبناني، فليس من المعقول ان يتم المحافظة على المصالح الايرانية هناك واسقاط المصالح الوطنية اللبنانية ويطلب لهذا الموقف الذي ليس له صفة الموقف الدعم. انها الارادة والمسؤولية فهل تمتلكهما القوى الوطنية اللبنانية؟