حسن الحارثي

المتأمل لأخبار مقاتلي داعش المنشورة في الصحف الغربية، يقف حائرا أمام حالة الغموض التي تحاول هذه الأخبار وضعها حول هذا التنظيم، بما يجعل نظرية المؤامرة واحدا من الخيارات المطروحة، وقد تذهب بك التفاسير إلى أن داعش صنيعة استخباراتية غربية بدعم دولي، توظف لمصالح وطموحات غير معلنة في الشرق الأوسط، مصنع الفوضى الخلاقة وضحية كل المخططات.


كل شيء عن داعش سر كبير لا أحد يعرف كيف ولماذا حصل، من كيفية قيام التنظيم إلى طرق تجنيد المقاتلين الصغار، مرورا بآليات التسليح والدعم اللوجستي، فالمخابرات الأميركية التي قالت يوما إنها ترصد مقاس فانيلة صدام حسين وهو يرقد على سلاحه النووي، وتلاحق مقاتلي القاعدة بالصواريخ في جبال وكهوف أفغانستان واليمن، صارت عاجزة عن فهم كيف حصلت داعش على أسطول سيارات تويوتا التي تستعرض بها في فيديوهات منشورة، وتطالب الشركة اليابانية المصنعة بتقارير حول وجود ذلك الكم الهائل من سيارات اللاندكروز والبيك أب في الموصل عاصمة التنظيم.


وفي ذات القضية تمرر الولايات المتحدة خبرا مفاده أن نحو ٨٠٠ سيارة من ذات النوع اختفت في سيدني الأسترالية بين ٢٠١٤ و٢٠١٥، وترجح أنها ذهبت إلى العراق وسورية لدعم المقاتلين الدواعش، لتضع العالم أمام صورة مرتبكة ومشوشة لا أحد يستطيع فهمها، بما في ذلك مخابرات الولايات المتحدة نفسها، فهل علينا تصديق مثل هذه الأخبار وأن هذا العالم كله أصبح عاجزا عن الفهم والاستيعاب.


هل من المفترض علينا أن نستهلك فكرة أن التنظيم الإرهابي الذي تقوده مجموعة من الجهلة والمقاتلين البدائيين نجح في خلق كل هذه الحيرة لكل أجهزة الاستخبارات العالمية التي تمتلك أحدث تقنيات المراقبة والرصد والتفكيك، وهل بات اختراق التنظيم القائم أصلا على الخيانات وشراء الذمم بأبخس الأثمان، أمرا غاية في الصعوبة والتعقيد؟ وهل نصدق أن هذا التنظيم صار ندا قويا للولايات المتحدة العاجزة عن التدخل وللآلة الحربية الروسية والصينية التي صارت اليوم جزءا من المعركة؟