فريد زكريا

استطاع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن يتصرف بقوة في سورية، لا لأنه يملك شجاعة أكثر من الرئيس الأميركي باراك أوباما، ولكن لأن استراتيجيته واضحة بالنسبة له. فالرئيس بوتين لديه حليف هو نظام الأسد، وله أعداؤه، فهو يدعم حليفه ويحارب أعداءه، وإذا تمت مقارنة ذلك بحال الغرب، فإننا نجد أن واشنطن والغرب في حيرة:
بجانب من تقف الولايات المتحدة في هذا الصراع؟ نحن نعرف من تعادي: نظام بشار الأسد وتنظيم داعش والحركات الجهادية كلها، بما في ذلك جبهة النصرة وأحرار الشام، وقوات حزب الله وقوات إيران التي تقاتل بجانب الحكومة السورية، فالغرب ضد كل قوة رئيسة تقاتل في سورية، وهذا يساعد على وضوح أخلاقي، وفي الوقت ذاته عدم اتساق استراتيجي.


إن تحرك روسيا ليس بالعمل الرائع، كما يتم تصويره، بل هو محاولة يائسة لدعم واحد من حلفاء الكرملين الأجانب الوحيدين، وتخاطر روسيا بذلك بأن تصبح "الشيطان الأكبر" في نظر الجهاديين في كل مكان، فلدى بوتين على الأقل خطة متماسكة.
أما أميركا بالمقارنة معه فهي حليف قريب للحكومة العراقية في حربها ضد المتطرفين السُنة في العراق، لكنها تجد نفسها تحارب بجانب هؤلاء السُنة في سورية في حربها ضد الأسد.


واللافت أن واشنطن تدعم بعض الجماعات: الأكراد السوريين القريبين من تركيا، والقوى المعتدلة المدعومة من الأردن القريبة من حدودها، وعدد قليل من السوريين المعتدلين.
وإذا أخذنا بعين الاعتبار المجموعات الرئيسة التي تسعى إلى السيطرة على دمشق، فإن أميركا ضدهم كلهم تقريبا.


بإمكان الجيش الأميركي هزيمة تنظيم داعش الذي يملك قوة مسلحة، ولكنها بعد ذلك ستسيطر على أراض حقيقية في سورية، فمن يريد حكم تلك المناطق ويحمي الشعب وينظر إليه السكان على أنه شرعي؟
قال لي مسؤول تركي منذ فترة قريبة: رأيناكم تحاولون إدارة مدن في العراق، ولن نرتكب خطأ أميركا.


إذا كان أوباما يسعى إلى دولة فيها سلام واستقرار وتكون متعددة الطوائف وديموقراطية، فإن هذا يحتاج التزاما كبيرا من أميركا على مستوى الحرب في العراق. وإلا فعلى أميركا أن تقبل الواقع وتتخذ قرارات صعبة. والقراران الصعبان هما: إما التوقف عن معارضة الأسد، أو القبول بتقسيم سورية.


لقد جمع الغرب بين الخطابات القوية والجهود الضعيفة، وهذا الفارق الكبير بين الكلام والفعل هو ما يجعل بوتين يظهر بمظهر الشخص الحذق.