&فاتح عبدالسلام


ثلاثة تحديات تواجه اقليم كردستان ،تلك المنطقة التي تمتعت بالإستقرار العالي قياساً لما يحدث في العراق منذ اكثر من عقد زمني.


التحدي الأول هو استهداف الاقليم من تنظيم داعش الذي لا يزال يحتل مدينة الموصل المحاذية للإقليم والقتال مستمر لم يعرف التوقف يوماً.
التحدي الثاني اقتصادي حيث تأثر الاقليم من هبوط اسعار النفط ذلك المورد الرئيس الذي يمول الاقليم من ايرادات الحكومة المركزية الموشكة على الافلاس والمتجهة للاقتراض من البنك الدولي . وقبل الازمة النفطية كانت مشاكل تحديد نسبة الموازنة المالية قائمة بين المركز والاقليم، لكن الامور أصبحت خارج السيطرة بعد أن أصبحت بغداد مضعضعة مالياً الأمر الذي ينعكس على الاقليم مباشرة.
والتحدي الثالث سياسي داخلي، يتمثل في عدم اتفاق الاحزاب السياسية الرئيسية على صيغة العمل الاطاري لمنصب رئاسة اقليم كردستان بعد انتهاء المدة القانونية للرئيس مسعود بارزاني وخضوع التجاذبات السياسية الى مناقشات تبدو متناقضة احيانا مع المصالح الكردية في استمرار استقرار الاقليم كما كان دائما تحت قيادة مسعود بارزاني .


حصل تداخل بين التحديات الثلاثة بسرعة كبيرة، وهناك مَن استطاع أن يلعب بالأوراق الثلاث ليجعل الازمات والتحديات متناسلة بعضها من البعض الآخر، في حين أن الشق الاقتصادي مرجعه عراقي وعالمي والشق السياسي سببه غطرسة بعض السياسيين في الاقليم واستقواؤهم بعنصر الجغرافيا من جهة والخطوط الممدودة خارج التوافقات الكردية مع احزاب غي الحكم ببغداد فضلاً عن الجانب الايراني الداعم لهم سراً أو علناً ، بحيث أصبح سقف مطالب أحزاب السليمانية يتجاوز على المصلحة الكردية العليا في بقاء الاقليم موحداً في خضم التحديات الكبرى التي طالما سعى اليها خصوم الاقليم الذين فشلوا في ملفاتهم الخاصة وتمنوا نقل الفشل الى الآخرين.ولعل الوضع كان به حاجة الى عدم تأخرالمبادرة السياسية ذات البعد الشعبي من قبل القيادة التاريخية للكرد في أربيل، في طرح المشكلة على الشعب مباشرة بعد لمس عقم الاجتماعات الثنائية والثلاثية والجماعية .
هناك سياسيون في اقليم كردستان لايعون أنهم بالتهاون مع هذا التصعيد الأمني في الشارع وتحويل المطالبات السلمية المشروعة للطبقة الوسطى المسحوقة الى أداة سياسية، انما يعملون من حيث يدرون أو لا يدرون الى تفكيك الانسجام السياسي العام الذي يعني لامحالة تفكيكاً للنسيج الاجتماعي للكرد ذلك النسيج القائم على تكوينات عشائرية متداخلة من اللعب بالنار المساس بها ،فيما لو لم يتدخل عقلاء الأحزاب لاحتواء الأزمة قبل أن تتحول الى صراع ينعكس على الجميع بمن فيهم أولئك الذين ظنوا أنهم أشعلوا ناراً من بُعد لن تصل الى أذيال ثوبهم.
أزمات الشارع نتيجة الاختناقات الاقتصادية قد تتكرر لكن اللعب السياسي على حبالها هو نتيجة كيدة للفشل في عدم تجاوز الاحزاب الكردية عقدة عدم الثقة فيما بينها ، الأمر الذي إن استمر سيصنع واقعاً انقسامياً مراً، سيكون مسماراً في نعش الوحدة الكردية كطموح وأمل وأمنيات شعب. ذلك الواقع الذي من الممكن أن يحاكي عندئذ الواقع الفلسطيني المنقسم بين سلطتين في رام الله وغزة وما ترتب على ذلك من تداعيات خطيرة على الشعب.
&