&النسور: الحلّ في سورية لن يكون إلا سياسياً... ومواجهة الإرهاب مسؤولية المجتمع الدولي
&
&
&
&عمّان - محمد خير الرواشدة


أكد رئيس الوزراء الأردني الدكتور عبد الله النسور أن استمرار «الاستفزازات الإسرائيليّة سيؤثر في العلاقة بين الأردن وإسرائيل»، وأن كل الخيارات الديبلوماسية والقانونية مفتوحة أمام الأردن وتناقَش للتعامل مع هذه الاعتداءات. وفي حوار مع «الحياة» جدّد رئيس الوزراء الأردني إدانة بلاده للاعتداءات الإسرائيلية، محملاً إسرائيل المسؤولية بموجب القانون الدولي كقوة قائمة بالاحتلال، وعليها التزام الوضع القائم في القدس. وكرّر أن الوضع القائم هو «ما كان قبل عام 2000 وليس الوضع الذي تحاول إسرائيل تغييره وفرضه خلافاً للقانون الدولي والإنساني».


وحول الأزمة السورية «التي ستطول» وتطوّر العمليات العسكرية، جدّد موقف بلاده الداعي إلى الحل السياسي، بصفته المخرج الوحيد للأزمة. وأكد استمرار مشاركة الأردن في قوى التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب، معتبراً أن الحرب على الإرهاب، خصوصاً في سورية والعراق، هي مسؤولية المجتمع الدولي بأسره، لأن خطر التنظيمات الإرهابية لا يطاول المنطقة ودولها وشعوبها فحسب، وإنما يشمل العالم بأسره.
وحول مستقبل الأزمة السورية قال: إن هذه الأزمة ستطول، نظراً إلى خصوصية الأوضاع في سورية، وليس كما حدث في العديد من دول ما يعرف بـ «الربيع العربي»، ونحن بدأنا ندرك اليوم مدى صدقية الرؤية الأردنية، التي بات العديد من دول العالم يتبناها ونرى بأن لا مخرج للأزمة السورية إلا عبر الحل السياسي. وهنا نص الحوار:


> الحكومة الأردنية تدخل عامها الرابع وسط استقرار سياسي لافت، فما هي ملامح برنامجها السياسي والاقتصادي للمرحلة المقبلة؟


- الحكومة عملت منذ كلّفها جلالة الملك عبدالله الثاني، على إنجاز إصلاحات سياسية واقتصادية حقيقية على رغم الظروف الإقليمية المحيطة. وقد جهدت بكل نزاهة وإخلاص لترسيخ نهج الإصلاح السياسي ضمن ثوابت العمل الحكومي، لتحقيق مزيد من المكتسبات والإنجازات المعزّزة للنهج الديموقراطي في الأردن، والمستجيبة لطموحات الشعب الأردني وتعظيم المشاركة الشعبية في عملية صنع القرار، وصون الجبهة الداخلية، وتحقيق المصلحة العامة.
واستطاعت الحكومة تحمّل مسؤوليتها في تنمية الحياة السياسية، وتشجيع المواطنين على الانخراط فيها، إذ أنجزت التشريعات الناظمة للحياة السياسية التي أقرت تباعاً، بدءاً من قانون الأحزاب السياسية، ومروراً بقانونَي البلديات واللامركزية، وانتهاء بمشروع قانون الانتخاب الذي حظيَ بمقدار واضح من القبول الشعبي، وتدرسه حالياً اللجنة القانونية في مجلس النواب. ومن أبرز ملامحه إلغاء الصوت الواحد للناخب، ومنحه أصواتاً بعدد مقاعد دائرته الانتخابية، إلى جانب توسيع حجم الدوائر الانتخابية. ونأمل بإقرار مشروع القانون قريباً خلال الدورة العادية المقبلة لمجلس الأمة منتصف الشهر المقبل.


وأبقى مشروع قانون الانتخاب على مقاعد الكوتا النسائية وعددها 15 مقعداً، علماً أن المرأة يمكن أن تحصل على مقاعد إضافية عبر التنافس على المقاعد المخصصة للدائرة الانتخابية. وأود هنا التأكيد أن الحكومة ملتزمة المضي قدماً في دعم المرأة الأردنية وتعزيز مكانتها ودورها الكامل في شتى مناحي الحياة.


وفي ما يتعلق ببرنامج الحكومة الاقتصادي، يدرك الجميع أننا مررنا خلال السنوات الأخيرة بوضع اقتصادي صعب، بسبب ظروف خارجية وداخلية كان لا بد من التعامل معها عبر منهجية اقتصادية محكمة، تقوم على ضبط الإنفاق، ووقف الهدر المالي، وخفض عجز الموازنة، وتحقيق معدلات نمو واقعية تنعكس إيجاباً على المواطن. ونحن نمضي على الطريق الصحيح في تطبيق هذه الخطة التي عكست نتائج جيدة خلال عامين، تمثلت باستمرار معدلات النمو الاقتصادي رغم كل الظروف، وانخفاض مستوى التضخم، وإقرار موازنة مسؤولة من حيث ضبط الإيرادات والنفقات العامة والعجز وتحجيم الحكومة، وتمتين الثقة بالاقتصاد والسياسة الماليّة، والحفاظ على الاستقرار النقدي.
وخلال المرحلة المقبلة، سيكون النهج الاقتصادي استمراراً لما اختطته الحكومة منذ بدايات تشكيلها، بحيث يتم التركيز على تحفيز الاقتصاد وجعله أكثر قدرة على المنافسة والوصول إلى معدلات نمو أكبر من تلك التي تمّ تحقيقها. ووضعت الحكومة ما أطلق عليه «رؤية الأردن 2025» لترسم طريقاً للمستقبل، وتحدّد الإطار العام المتكامل الذي سيحكم السياسات الاقتصادية والاجتماعية القائمة على إتاحة الفرص للجميع.
وتهدف الرؤية إلى تمتين أسس الاقتصاد الوطني، وتحقيق الاستقرار القائم على تعزيز قيم الإنتاج، والاعتماد على الذات، وصولاً إلى تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة، ما سيخلق فرص عمل للأردنيين ويحدّ من مستويات الفقر، ويساهم في تأمين حياة كريمة ومستقبل مطمئن لأبناء الوطن. ومن مبادئ الرؤية تعزيز سيادة القانون، وتكافؤ الفرص، وزيادة التشارك في صَوغ السياسات ولا سيما للأقاليم الأبعد عن حواضر المدن الكبرى، وتحقيق الاستدامة المالية وتقوية المؤسسات، وهي بمجملها ضرورية لتحسين واقع الاقتصاد الوطني.


> بالانتقال إلى ما تتعرض له الآن المقدسات في القدس والأقصى ومناطق فلسطينية من اعتداءات إسرائيلية، ما هي الخطوات التصعيدية التي تملكها الحكومة لوقف مسلسل الاعتداءات الإسرائيلية على المقدسات الإسلامية والمسيحية؟ وهل تخشى المملكة قيام انتفاضة ثالثة في القدس والضفة الغربية؟


- الأردن بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني يتابع عن كثب الأوضاع في القدس والاعتداءات والانتهاكات الإسرائيلية المتكررة في المسجد الأقصى المبارك. ويقود جلالة الملك، بموجب الرعاية الهاشمية للمقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، تحركاً ديبلوماسياً، ويبذل جهوداً واتصالات مكثفة مع المجتمع الدولي والقوى والدول الفاعلة لوقف الاعتداءات الإسرائيلية في القدس والمسجد الأقصى في شكل خاص. وأود التأكيد هنا على الموقف الواضح والقوي لجلالة الملك الذي عبّر بلسان الشعب الأردني عن غضبه الكبير وقلقه بسبب التصعيد الإسرائيلي والاعتداءات الأخيرة في القدس، خصوصاً في المسجد الأقصى.
وأؤكد أيضاً موقف الأردن الذي أعلنه جلالة الملك في أكثر من مناسبة بأن استمرار الاستفزازات الإسرائيليّة سيؤثر في العلاقة بين الأردن وإسرائيل، وأن كل الخيارات الديبلوماسية والقانونية مفتوحة أمام الأردن وتناقَش للتعامل مع هذه الاعتداءات الإسرائيليّة.


وعلى إسرائيل أن تدرك أن ما يحدث في القدس من اعتداءات على المسجد الأقصى يمس جميع المسلمين، ويؤجّج ويحفّز البيئة التي تزيد مستويات التطرّف والكراهية، فهذه الاعتداءات مدانة وإسرائيل مسؤولة بموجب القانون الدولي كقوة قائمة بالاحتلال، وعليها التزام الوضع القائم في القدس، ونعني بالوضع القائم الذي كان قبل عام 2000 وليس الوضع الذي تحاول إسرائيل تغييره وفرضه خلافاً للقانون الدولي والإنساني.

التدخل الروسي
> كيف تنظر الحكومة الأردنية إلى التدخل الروسي العسكري في سورية، وهل هناك مخاوف من تعدّد جبهات الحرب على الإرهاب، وبالتالي ضياع الهدف الأساسي من مكافحة التنظيمات الإرهابية؟


- كان لنا موقف واضح ومعلن من الحرب الدائرة في سورية، فمنذ بدء الأزمة أعلنا أن الحل السياسي هو المخرج الوحيد للأزمة، وهو الضامن لوحدة سورية وسلامة أراضيها، وبما يكفل عودة المهجرين واللاجئين إلى وطنهم. ونؤكد أيضاً أن مصير سورية وطبيعة النظام الحاكم فيها هو شأن يقرّره الشعب السوري الشقيق وحده من دون ضغوط من أي جهة، ومن دون تدخلات خارجية تفرض عليه ما لا يريده. أما في ما يتعلق بالقوى الإرهابية التي سيطرت على مناطق واسعة في سورية، فقد كان لنا موقف واضح ومعلن أيضاً من خلال مشاركتنا ضمن قوى التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب، وأكدنا أن الإرهاب يمس قيمنا الدينية والإنسانية، ويشوّه الصورة التي جاء عليها ديننا الإسلامي الحنيف. لكننا نؤمن بأن الحرب على الإرهاب، خصوصاً في سورية والعراق، هي مسؤولية المجتمع الدولي بأسره، لأنّ خطر التنظيمات الإرهابية لا يطاول المنطقة ودولها وشعوبها فحـسب وإنما يشــمل الــعالم بأســره.


ونبّه الأردن منذ بدايات الأزمة السورية التي دخلت عامها الخامس، وعلى لسان جلالة الملك عبدالله الثاني، إلى أن هذه الأزمة ستطول، نظراً إلى خصوصية الأوضاع في سورية، وليس كما حدث في العديد من دول ما يعرف بـ «الربيع العربي». ونحن بدأنا ندرك اليوم مدى صدقية هذه الرؤية الأردنية بدليل أن العديد من دول العالم باتت تتبنّى الموقف الأردني، وترى أن لا مخرج للأزمة السورية إلا عبر الحل السياسي.

> فيما تدخل الحكومة العام الرابع، فإنها لا تزال تعاني من نقاط ضعف اقتصادية، خصــوصاً بعد انتقادات لأدائها في ملفَّي الاستثمار والسياحة، وعدم الاستقرار في التشريعات الاقتصادية الأهم، مثل قانون الضريبة وقانون تشجيع الاستثمار.
- هذه الحكومة عندما جاءت قبل نحو ثلاث سنوات وجدت أن الأوضاع الاقتصادية والمالية كانت في وضع حرج للغاية، وقد اتخذنا سلسلة من الإجراءات لتصحيح الخلل انطلاقاً من واجبنا ومسؤوليتنا في الحفاظ على الاستقرار المالي والنقدي والاقتصادي، وضمان سلامة الدينار الأردني من دون النظر إلى مدى تأثير هذه الإجراءات في شعبية الحكومة. وبعد أن استقرّت الأمور الاقتصادية والمالية، ونجحت الدولة الأردنية في تجاوز هذه التحديات وتحقيق مؤشرات إيجابية في العديد من القطاعات، بات الناس يتفهمون هذه الإجراءات، ويدركون أن ما قامت به الحكومة جاء لمصلحة البلد ومواطنيه.
أما في ما يتعلق بالتشريعات الاقتصادية فالحكومة حريصة على تحقيق الاستقرار التشريعي، خصوصاً التي لها مساس مباشر بمعاملات الناس وخدمتهم، إضافة إلى دعم المستثمرين. ولكن التطبيق العملي لهذه التشريعات قد يكشف قصوراً أو جوانب خلل لم تكن في الحسبان، فيجري تداركها وتعديلها. وهنا أود التأكيد أن جني النتائج الإيجابية الملموسة التي يشعر بها الناس يحتاج إلى مزيد من الصبر والتأني.

الاستقرار والتنمية


> تتمتع المملكة باستقرار سياسي وأمني، وسط جوار مشتعل بالأزمات والحروب، سورية شمالاً، والعراق شرقاً، وتداعيات الاعتداءات الإسرائيلية على المقدسات في القدس والأقصى غرباً. كم تستنزف حالة عدم الاستقرار الإقليمي من قدرة الأردن على بناء إستراتيجيات النمو والتنمية؟


- حالة الأمن والاستقرار التي يتمتع بها الأردن تحققت لأن جلالة الملك قاد الإصلاح ولم يُدفع إليه دفعاً وتبّناه عن يقين بضرورته ولم يلتفّ على تطلعات الشعب بل سبرها ورشّدها. وفي الوقت ذاته يدرك الشعب الأردني أين تكمن مصلحته الوطنية، نتيجة لما يحمله من وعي انتماء وثقـــــافة وعلم، وبفضل ذلك أخذ الدروس والعبر مما جرى في محيطه، واستطاع أن يُجنّب وطنه كل ما حدث في الجوار. لكن يبقى السؤال: هل هذه الحـــالة من الاستقرار الداخـــلي تجعـــلنا نستكين ونســـترخي؟ الإجابة بالتأكيد لا، ففي ظل أوضاع إقليمية ملتهبة علينا أن نكون متيقّظين دوماً، وأن نحافظ على وحدتنا الوطنيّة التي هي صمام أمننا لدحر كل المخطّطات والمؤامرات التي تُحاك ضد هذا البلد العروبي الأصيل.
وأؤكد هنا أننا إذا استمررنا متّحدين ملتفّين خلف قيادتنا الهاشمية الحكيمة فلن تستطيع أيّ قوة أو جهة أن تخترقنا أو تنال من صمودنا ووحدتنا.


وهنا لا بد من الإقرار بأن الأردن بنى العديد من الخطط والإستراتيجيات للنمو والتنمية، لكنه اضطر إلى تغييرها في ضوء حالة عدم الاستقرار والفوضى التي تمر بها المنطقة، وخير مثال على ذلك حدودنا مع سورية التي تمتد إلى نحو 370 كيلومتراً التي كانت قبل الأزمة السورية محروسة من قبلنا ومن قبل الجانب السوري. ولكن بعد تطورات الأوضاع الميدانية في سورية أصبح العبء الأكبر في حراستها وحمايتها من كل أنواع التهريب للبشر والأسلحة والمخدّرات ملقى فقط على عاتق قوّاتنا المسلحة وأجهزتنا الأمنية التي نثق بقدراتها واحترافيتها تمام الثقة، ولكن هذا الأمر مكلف مالياً ولوجستياً وبشرياً، ويتطلب مزيدياً من الإمكانات.


> من تداعيات الحروب في دول الجوار، أزمة اللاجئين السوريين، وتراجع الصادرات بسبب إغلاق أسواق حيوية مثل ســورية والـــعراق، ما هي الإستراتيجية الطويلة الأمد التي يمكن اعتمادها إذا استمرت تلك الأزمات وتفاقمت؟


- الأردن تأثر في شكل كبير بالأزمة السورية وتداعياتها، لا سيما ما يتعلق باحتضانه نحو 1.4 مليون سوري وهو ما يشكل تقريباً 21 في المئة من عدد سكان المملكة. ويحق لنا أن نتساءل: أي دولة تستطيع أن تتحمل هذه الزيادة في عدد السكان حتى ولو كانت من الدول الكبرى؟ فكيف بدولة محدودة الموارد تصنّف على أنها من أشدّ دول العالم فقراً في قطاع المياه، فضلاً عن الضغط الذي شكله اللجوء السوري على الموارد والخدمات وقطاعَي الصحة والتعليم، بحيث باتت معظم المدارس في إقليم الشمال تعمل وفق نظام الفترتين، وما لذلك من أثر في مستوى التعليم في المجتمعات المستضيفة للاجئين.


كما تأثرت سياحتنا وصادراتنا نتيجة الأزمة السورية والأوضاع في العراق وانقطاع الطريق البري باتجاه سورية والعراق ولبنان وتركيا وأوروبا.


وقد عملنا جاهدين للوصول إلى السوق العراقية عبر الأراضي السعودية ومن ثم الكويت باتجاه العراق، علماً أن هذا الأمر تترتب عليه أكلاف إضافية على صادراتنا. وفي الوقت نفسه عملنا على فتح أسواق تصديرية جديدة للسلع والمنتجات الزراعية الأردنية مثل السوق الروسية وزيادة الاعتماد على ميناء العقبة والنقل الجوي في عمليات التصدير.


كما ندرس حالياً سبل الوصول إلى أسواق أخرى بديلة كالسوق الإفريقية ممثلة بتنزانيا وأثيوبيا وكينيا. ولا بد من الإشارة أيضاً إلى أن توقيع اتفاقات التجارة الحرة مع عدد من الدول، وفي مقدمها الولايات المتحدة وكندا والمكسيك وبقية دول (NAFTA)، سيجعل الفرص متاحة للتصدير إلى أسواق يفوق تعداد مستهلكيها بليون نسمة.

الإصلاح السياسي


> كم تشكّل برامج الإصلاح السياسي داخلياً أولوية اليوم للحكومة، وهل ستمضي المملكة باتجاه الاستحقاقات الدستورية في إجراء انتخابات نيابية وبلدية في مواعيدها؟


- الدولة الأردنيّة مقبلة على عملية إصلاحية واسعة تستهدف تعزيز المسيرة الديموقراطية، واستعادة هيبة الدولة وإرساء دولة المؤسسات والقانون، بالتزامن مع تحقيق إصلاحات اقتصادية قوامها الاعتماد على الذات في ظلّ ما يمور به العالم العربي ودول الجوار الأردني من حروب وصراعات. وأعيد التذكير بأننا عدّلنا ثلث مواد الدستور باتجاه إعطاء ممثّلي الشعب صلاحيات جديدة تنسجم والنهج الديموقراطي الذي نسعى إلى الوصول إليه. كما تمّ بموجب التعديلات استحداث مؤسسات ديموقراطية جديدة، كالمحكمة الدستورية، والهيئة المستقلة للانتخاب، بحيث تُجرى الانتخابات والإشراف عليها من جهة غير حكومية ومستقلّة كل الاستقلال عن الحكومة وعن البرلمان، لا سلطان عليها إلا بالقانون.
إضافة إلى ذلك، أُدخلت إصلاحات كبيرة جداً على أربعة تشريعات تشكّل مرتكز الحياة الديموقراطية، وتتمثّل بقوانين الأحزاب، والبلديات واللامركزية، وآخرها مشروع قانون الانتخاب الذي يتيح للناخب خيارات أكبر في اختيار ممثّليه في البرلمان. وبذلك نحن ماضون في نهج الإصلاح السياسي كما هو مخطط له. وأستطيع التأكيد أننا نشعر بالفخر بأننا في الأردن منشغلون بإنجاز إصلاحات سياسية من شأنها تعميق النهج الديموقراطي وتعزيز الحريّات وتوسيع مستوى مشاركة المواطنين في صنع القرار، وفي الوقت نفسه نشعر بالأسى تجاه ما يجري حولنا من اقتتال وفتنة يتعدى شررهما المنطقة إلى العالم أجمع.