&&جاسر عبدالعزيز الجاسر


كل من يتابع الأوضاع في لبنان يتضح له أن كلا من حزب حسن نصر الله وميشال عون يريدان فرض آرائهما على كل اللبنانيين، مسلمين ومسيحيين ودروز وأقليات أخرى.

حزب حسن نصر الله متسلحاً بالقوة العسكرية، وبالسلاح الذي زودته به إيران وكدسه في الضاحية الجنوبية من بيروت وجنوب لبنان، يسعى إلى فرض أجندة نظام ملالي إيران، والتي تتركز على هدف واحد وهو جعل لبنان يدور في الفلك الإيراني بسلخه عن واقعه العربي ومحيطه الإقليمي، وأن ينفذ ما يصدر إليه من تعليمات عبر وكيل الولي السفيه في لبنان الملا حسن نصر الله.

أما الجنرال ميشال عون الذي أبرم تحالفا مصلحيا مع حزب حسن نصر الله والأحزاب ذات العلاقة بنظام بشار الأسد فيريد أن يكون رئيساً للبنان، وأن يكون صهره قائداً للجيش، وأن يبايع زعيماً أوحد لمسيحيي لبنان مثلما هو الملا حسن نصر الله الذي يتصرف مستفيداً من تفشي فوضى السلاح مما جعله يحول مناطق عديدة وليس فقط الضاحية الجنوبية في بيروت بل حول كل الجنوب اللبناني، فبالإضافة إلى بعلبك والمناطق الحدودية مع فلسطين تسيطر ما يسمى الكتائب المقاومة على مناطق صيدا وصور ويتحاول أن يتمدد إلى المدن الحدودية مع سوريا كالذي يفعله مع عرسال البقاع.

الملا حسن نصر الله والجينرال ميشال عون ينهجان نفس الاستراتيجية والأسلوب اللذين يعتمدان على تخريب وتعطيل مؤسسات الدولة اللبنانية ما لم تكن السيطرة لهما. فالجنرال عون الذي حارب الوجود السوري في لبنان وطرد من بلاده من قبل القوات السورية، أصبح الآن من أكبر حلفاء النظام الذي طرده من بلاده.

وعبر تحالفه مع نظام بشار الأسد وقفت مع الأحزاب الهامشية التي ترتزق من نظام يحصل على قوته من المائدتين الروسية والإيرانية، ومن خلال حلفه مع بشار الأسد، أبرم تحالفاً مع حزب حسن نصر الله لفرض الأجندة الإيرانية وتحقيق الطموحات الشخصية للجنرال ميشال عون الذي هو مستعد للقيام بكل شيء من أجل أن يصبح رئيساً للبنان.

ولأن هذه الرغبة التي ترافق عون منذ عقود من الزمن تصطدم بعدم ثقة الفرقاء المسيحيين وخصوصا من الموارنة الذين حصر اختيار رئيس الجمهورية فيهم، لعدم جدارته وحماقته مثلما يرددون دائماً، وهو فعلاً ما تثبته أفعاله، فالرجل الذي يدعي أنه يمثل المسيحيين جميعاً وأن زعامته تتجاوز الموارنة إلى الآخرين يريد أن يحصر المناصب القيادية والحقائب الوزارية السيادية في أقاربه وبالتحديد بأصهاره، فبعد فرضه الوزير جبران باسيل وزيراً للخارجية وقبل ذلك وزيراً للاتصالات يعمل الآن على فرض صهره الثاني العميد شامل روكز قائدا للجيش اللبناني، رغم أنه سيحال للتقاعد بعد أيام، وقد عطل مع حلفائه حزب حسن نصر الله التعيينات والترقيات الجديدة للجيش اللبناني وهو ما أوجد أزمة يرى فيها جميع اللبنانيين ومنهم العديد من المسيحيين تجاوزاً كبيراً لميشال عون، فالجيش اللبناني وفي ضمير ونظر جميع اللبنانيين يجب أن يبقى مستقلاً وبعيداً عن التجاذب وتقاسم الحصص، ولا يمكن أن تكون المؤسسة العسكرية تحت سيطرة ميشال عون، الذي دفع إصراره على وضع صهره العميد روكز بعد ترقيته إلى رتبة عماد، على إظهاره بأنه يسعى إلى مصالحة إلى تدمير التوافق اللبناني، وهو ما يقضي على فرصه في أن يكون رئيساً للجمهورية.

وهكذا وفي ظل التحالف المصلحي بين الملا حسن نصر الله وميشال عون فإن عملية انتخاب رئيس للجمهورية ستظل معطلة رغم أحلام عون وحليفه الملا بأن التدخل الروسي في سوريا سيفرض واقعاً يمرر عملية انتخاب عون رئيساً للبنان لتكريس الهيمنة الإيرانية.