عبدالعزيز السويد

هذه وجهة نظر أخرى في البرنامج الوثائقي الذي بثته قناة الجزيرة الفضائية، وحقق مشاهدة عالية واهتماماً كبيراً، وجهة النظر الأولى أجمعت على الإشادة بحلقة برنامج «الصندوق الأسود... المالكي الصورة الكاملة»، فمع الرصد لتاريخه في حزب الدعوة الشيعي العراقي، كشفت الحلقة عن أدوار خطرة مختلفة لنوري المالكي، كان من أبرزها دوره المحوري في اغتيالات قتل بسببها علماء وطيارون عراقيون على يد فرق الاغتيال الإيرانية والإسرائيلية، وعلاقته بفرق الموت التي عملت قتلاً وتنكيلاً بالعراقيين. والمتابع للشأن العراقي يتذكر ذروة موجة الاغتيالات تلك. يضاف إلى هذا وضمنه دوره في تمكين إيران من استلاب موارد العراق، والتحكم بمصيره وقراره السياسي.

&

وجهة النظر المغايرة أو الأخرى المعاكسة تقول شيئاً آخر، وقد سمعتها للمرة الأولى من أحد رموز المعارضة العراقية، وهو حالياً مطارد في المنفى، وتتلخص في أن قناة الجزيرة من خلال البرنامج الوثائقي صورت نوري المالكي «بطلاً مذهبياً»، وأعطته دوراً قيادياً - ليس في العمالة لإيران فهذا متفق عليه - بل في العمل السياسي العراقي. فهو في رأي الطبقة السياسية العراقية لا يستحق مثل هذا الدور المحوري يرونه دخيلاً عليه، ثم لاحظت من بعض الحسابات في «تويتر» رأياً شبيهاً لذلك.

&

ولا شك في أن برنامج الجزيرة فضح أدوار نوري المالكي، خصوصاً في تسليم بلاد الرافدين لنظام الملالي في طهران، لكنها في الغالب معروفة للمشاهد العربي، وسنوات تسلطه على العراق في شكل مباشر حاضرة في الأذهان ومستمرة، وإن بصورة غير مباشرة حتى هذه اللحظة.

&

والسؤال، ما هو وقع هذه الحلقة، وما كشفته من معلومات مكثفة على العراقيين، خصوصاً من الشيعة، هل يرون بعدها المالكي البطل المذهبي أم العميل الذهبي؟ إن كشف أدوار من اعتلى سدة السياسة بتلك الصورة «الانتخاباتية» المضحكة التي شاركت بها واشنطن بالتضامن مع طهران، يمكنه تحقيق النتائج والأهداف بفضح ماذا فعل لمكونه الذي يدعي «النضال» لأجله، وكيف جعله منبوذاً وسط العرب والمسلمين؟ سياسات المالكي ودوره المشبوه أدى إلى جعل هذا المكون بلا قيمة في الذهنية العربية سوى العمالة لدولة أجنبية تستميت للهيمنة على الشعوب والمقدرات وتستخدم الطائفية سلماً لتحقيق ذلك.
&