&تركي عبدالله السديري

اليوم تعود روسيا إلى مسرح الشرق الأوسط بعد سنين تجاوزت ثلاثة عقود من الابتعاد، بعد أن اقتنع السادات بأن الأمريكان هم الرهان الكاسب، وتورّط الاتحاد السوفييتي بحرب أفغانستان ثم الانهيار والتفكك.. وبقي العرب مع أمريكا في المنطقة فلم توفق بتحقيق السلام واستعادة الشرعية للشعب الفلسطيني، ووعود أخرى كثيرة لم تتحقق في تطبيق الديموقراطية ومحاربة الطائفية في العراق وإنقاذ الشعب السوري مما هو فيه.. وأخيراً الحرب على داعش.. والواقع يكشف عكس هذه الوعود الأمريكية..

فجأة عادت روسيا للمنطقة دون أن تكون عدوّة لدولة معينة، بل على العكس تجمعها بأغلب الدول العربية علاقات إيجابية وفرص للنمو والتقارب.. في وقت ضاق العرب فيه من الوعود الأمريكية؛ خصوصاً ضد داعش والنظام السوري وإسرائيل، لتصنع عودة روسيا للمنطقة كسر محرج (للاحتكار) الأمريكي، وبداية تغيّر يجب على العرب التعامل معها بحذر وبراغماتية وقواعد لعبة تختلف عن الماضي في الستينيات؛ حيث الصراع لم يعد أيدولوجياً، بل استراتيجي.. العرب يبحثون عن الاستقرار، والأمريكان يريدون العرب أن يكونوا دائماً في حاجتهم، والروس بحاجة إلى حلفاء حول العالم لإيقاف التدخّلات الغربية في خاصرة روسيا خصوصاً جزيرة القرم..

أتمنى ألا يُفهم من حديثي بأن عودة روسيا للمنطقة حدث إيجابي، بل هي فرصة من الممكن أن توظف إيجابياً إذا راهن العرب على مصالحهم في مدى طويل واستراتيجي لتدمير داعش وإيقاف التمدّد الإيراني دون استنزاف العرب مادياً وعسكرياً، لئلا نحقق أهدافهم، بل لأن يحققوا أهدافنا..