&سعي إلى زواج المال بالسلطة واستنساخ «حديد عز» من جديد… ورجال الأعمال أصبحوا فوق الدولة والقانون


حسنين كروم

&لم يكن هناك خبر أو موضوع رئيسي في الصحف المصرية الصادرة أمس الأربعاء 11 نوفمبر/تشرين الثاني، يجتذب اهتمامات الأغلبية، غير مباريات كرة القدم، واستمرار وزارة التموين في بيع اللحوم بسعر خمسين جنيها للكيلوغرام الواحد، في منافذها وعلى سياراتها التي تجوب الأحياء الشعبية، التي لا يوجد فيها مجمعات استهلاكية.


واستمرار خسائر البورصة بسبب سحب الكثير من المتعاملين معها أموالهم، وشراء الشهادات الجديدة لبنك مصر الأهلي، التي تعطي فائدة سنوية قدرها ٪12.5 تصرف شهريا، بالإضافة إلى تراجع السياحة بسبب حادثة الطائرة الروسية. ورغم وجود أخبار مؤثرة جدا فإنها لم تجتذب اهتمام الأغلبية، مثل توافر الغاز للمصانع التي كانت تعاني نقصا فيه، وأدت إلى عملها بربع طاقتها أو نصفها وهي مملوكة لرجال أعمال.


والخبر الثاني قيام الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية التابعة لوزارة الزراعة بالحجز الإداري على أموال وممتلكات مئة وأربعين شركة تعمل على طريق القاهرة الإسكندرية الصحراوي، والقاهرة السويس، والقاهرة الإسماعيلية، كان أصحابها قد حصلوا على الأراضي لزراعتها لكنهم حولوها إلى منتجعات سياحية ورفضوا أن يدفعوا للدولة مستحقاتها عن فرق شرائهم الأرض وبيعها، ويصل الفرق إلى حوالي ستة وثلاثين مليار جنيه، يخص سليمان عامر، صاحب منتجع السليمانية، مليارا ومئتين وخمسين مليون جنيه، لم يسدد منها جنيها واحدا، ما أدى إلى صدور قرار بمنعه من السفر.
وأبرزت الصحف مشاركة الرئيس السيسي في أعمال القمة العربية اللاتينية في السعودية، وأزمة السياحة في شرم الشيخ، وانتهاء أعمال مهرجان الموسيقى العربية واستمرار الحكومة في إصلاح ما خربته الأمطار والسيول في محافظتي البحيرة والإسكندرية، وتغطية أخبار المسلسلات التي يتم إعدادها لشهر رمضان المقبل.
وإلى شيء من أشياء عندنا..


المستشارة تهاني الجبالي
تهاجم مصطفى بكري


ونبدأ بأبرز ردود الأفعال على انتخابات مجلس النواب، حيث ستبدأ مرحلتها الثانية والأخيرة يومي 22- 23 من الشهر الحالي، ونشر «الأهرام» يوم الأحد حديثا مع زميلنا وصديقنا مصطفى بكري المتحدث باسم قائمة «في حب مصر»، الذي نجح على القائمة في المرحلة الأولى، وأجراه معه زميلنا أحمد إمام وقال ردا على الهجمات التي تشنها المستشارة تهاني الجبالي رئيسة «التحالف الجمهوري» ضد قائمة «في حب مصر». والاثنان ناصريان فقال بكري: «لقد تواصلت أثناء إعداد القائمة وجلست جلستين متتاليتين مع المستشارة تهاني الجبالي لمدة أربع ساعات بهدف الانضمام إلى «في حب مصر». وشرحت لها حرصنا الشديد على أن تكون معنا، وأن القائمة تضم أحزابا متعددة، وأننا أعطينا لكل حزب من الأحزاب الكبيرة 8 مقاعد في القطاعات الأربعة ،وأننا مستعدون لأن نمنحها 6 مقاعد في قطاع القاهرة وحدها، وأن تقوم باختيارهم هي وليس أي أحد آخر غيرها. تهاني قامت بالاطلاع على أسماء المرشحين في القائمة وقالت لي، لا أوافق إلا على 7 أشخاص من تلك الأسماء، أما الآخرون فلا أوافق عليهم تماما فتحدثت إليها قائلا :إن قائمة «في حب مصر» هي قائمة وطنية تضم كل ألوان الطيف السياسي، وفيها شخصيات وقامات يشهد لها الجميع بالنزاهة، لكنها رفضت وأصرت على الموافقة على 7 أشخاص فقط واستبعاد الآخرين لقد طلبت من المستشارة أن تعيد التفكير ونجلس مرة أخرى إلى طاولة التفاوض ونطرح كل الأسماء ونتحدث مرة أخرى، لكنها لم تحضر ولم تتصل بي. ورفض بكري بشدة الاتهامات التي أطلقتها وتحدثت بها الناطقة باسم التحالف الجمهوري بحق 38 عضوا من المرشحين على قائمة «في حب مصر» بأنهم فلول ويستخدمون المال السياسي للفوز، فهذا أمر أنأى بالمستشارة الجبالي عنه، واتمني أن يسود الحوار الهادئ، خاصة أن المستفيد الوحيد من هذه الحرب بين القوى المدنية هو التيار الديني».


أحمد درة:


هل نعود لقبضة رجال الأعمال؟


أما الناطقة باسم التحالف الجمهوري فهي زميلتنا الجميلة مديحة عمارة وهي ناصرية أيضا ومحررة في جريدة «العربي» التي توقفت عن الصدور. وفي يوم الأحد نفسه، قال الدكتور أحمد درة في مقاله الأسبوعي في جريدة «الأخبار»: «أشم رائحة كريهة تعيد للذاكرة من طمستهم ثورة الشعب، وداستهم عجلات التاريخ، وهل ذلك الحديث الذي أدلى به واحد منهم إلا غرور واستكبار وسعي إلى زواج المال بالسلطة، واستنساخ «حديد عز» من جديد. ماذا يقول رجل الأعمال عن تجربته المكشوفة في تبني أحد الأحزاب والصرف عليه علنا، فهل يريد أن يخدعنا ويوهمنا بأن ذلك من سبيل الوطنية وحماية مصر؟ وعلى الجانب الآخر يتحدث رجل أعمال بأنه يستعد لتشكيل الحكومة ويتباهى بانتصاراته وإفلاته من أي عقاب، على الرغم من كلامه الواضح الصريح الذي يؤصل ويرسخ الانقسام والطائفية والفساد في الأرض. إنها تجربة قاسية تمر بها بلادي لا نريد أن نعود مرة أخرى إلى قبضة رجال الأعمال مهما كانت نواياهم فإن رأس المال معروف.. معروف.. ماذا يفعل أصحابه بالشعوب».
هشام توفيق: هناك من يدفع


البلاد لأن تعود إلى يوم 24 يناير


ويوم الأحد كذلك أخذنا صاحبنا الدكتور هشام توفيق في مقاله في جريدة «المصريون» نحو حزب النور بقوله: «الخسارة الفادحة ليست لحزب النور، فحزب النور حزب سياسي معارض، وليس حزباً حاكماً فقد السلطة أو ترك الحكم، ووظيفة المعارضة في جميع دول العالم هي تصحيح مسار الأغلبية، وهذا الهدف يتحقق ولو بعدد قليل مؤثر في البرلمان. ومن له خبرة في العمل السياسي يعلم جيداً أن كل هذا وارد، وأن الأحزاب السياسية تأتي عليها فترات صعود وهبوط. إن الخسارة الفادحة هي خسارة مصر كدولة داخلياً وخارجياً، ويبدو أن هناك من يدفع البلاد بقوة إلى أن تعود إلى يوم 24 يناير/كانون الثاني 2011، حيث الغضب الشعبي العارم من السلطة، والفشل الذريع على كافة الأصعدة والمستويات. وكذلك عودة المطالب الفئوية والإجراءات الخاطئة التي تدمر الاقتصاد يومياً، ولا حلول. خارجياً نجد: تهريب أموال إلى الخارج بالمليارات، كما صرحت بذلك وزيرة المالية السويسرية، والفشل في التعامل مع ملف سد النهضة، والموقف غير العادل مع شعب غزة المطحون، ومناصرة بشار المجرم ضد الشعب السوري. ونجد داخلياً: التعامل الأمني الخاطئ مع كثير من الملفات، وعمل مشاريع وهمية لم يستفد منها المواطن شيئاً، والإفراج عن مبارك وابنيه وأحمد عز وكل رموز الحزب الوطني، الذين قامت ضدهم ثورة يناير. وإذا كانت انتخابات مجلس الشعب 2010 هي القشة التي قصمت ظهر نظام مبارك، فإن انتخابات مجلس النواب 2015 ربما تكون أحد أهم الأسباب التي تطيح بالنظام الحالي كله. نعم هذا قد لا يحدث في المدى القريب، لكنه مع استمرار الرؤية والفكر نفسيهما سيحدث ولو على المدى البعيد».


للمال السياسي إغراءات كثيرة


ونترك صاحبنا هذا في تمنياته التي أبعدتنا عن جو الانتخابات ومعاركها، ونتجه إلى «وفد الثلاثاء» حيث أعادنا زميلنا ورئيس تحريرها التنفيذي وجدي زين الدين إليها في عموده «حكاوي» قائلا عن الشاعرة الجميلة فاطمة ناعوت: «الضجة المفتعلة التي تقوم بها حالياً فاطمة، بهدف تحقيق شهرة إرضاء لنفسها وذاتها، سعياً وراء تلميعها، وإلا ما التفسير لما تفعله هذه السيدة الآن من هجوم على الوفد بدون مناسبة، رغم أنها التي سعت إلى الحزب وانضمت إليه، وطلبت الترشيح لمجلس النواب عن الوفد في المرتين الأولى والثانية، وحصلت من الحزب على خطاب الترشيح الموجه إلى اللجنة العليا للانتخابات وتقدمت به. وقبل انتهاء الوقت المحدد للترشيح بيوم طلبت من «العليا» الترشح عن حزب المصريين الأحرار. والحكاية أن لقاء تم بينها وبين عصام خليل، رئيس حزب المصريين الأحرار، بحضور أمين عام الحزب والزميل الإعلامي نصر القفاص، وبعدها انضمت لهذا الحزب وتمت استقالتها من الوفد، وتم قبول الاستقالة. ولو فتشنا في صلب الموضوع سنجد أن المال السياسي له إغراءات كثيرة، بل هناك فئة تضعف أمامه لأن له سحراً خاصاً لا يقدر على مقاومته إلا الأشداء الأقوياء، وهؤلاء الأشداء هم الذين يحتاجهم البرلمان المقبل لأن في انتظارهم رسالة مقدسة».


مرشحون «مية… مية»


وننتقل إلى «الأخبار» حيث تلقى وجدي زين الدين في اليوم نفسه ردا على حكاية الأشداء الذين يحتاجهم البرلمان المقبل، الأول من زميلنا الإخواني السابق عصام السباعي: «أقام أحد المرشحين في انتخابات البرلمان مؤتمره الانتخابي أمام منزلي في منشية البكري، اكتشفت بالصدفة أن سلك الكهرباء الذي يستخدمه في أعمال المؤتمر يمتد إلى باب عمارتنا وموصولا بالكوفرية العمومي، سيادة المرشح بدأ نشاطه بسرقة الكهرباء قبل أن ينجح فماذا سيفعل إذا أصبح عضوا صاحب حصانة في المجلس؟ الإجابة هياخد « الكوفرية».
«ننتخب مين؟»


أما زميله عاطف زيدان فوقع في حيص بيص، كالذي وقع فيه كل الناخبين في أي المرشحين يختار، وهو لا يعرفهم، وانتهى إلى الطريقة المصرية التاريخية في الاختيار قائلا: «الآن أدركت السبب الرئيسي لانخفاض نسبة التصويت في المرحلة الأولى للانتخابات البرلمانية. فمع بدء الدعاية للمرشحين في المرحلة الثانية التي تشمل القاهرة والوجه البحري، وجدت نفسي حائرا أمام لافتات دعاية تحمل أسماء مجهولة، مجرد أسماء لا أعرف عنها شيئا. ولأنني مصر على المشاركة في التصويت، كواجب وطني أحاول جاهدا جمع معلومات عن المرشحين في دائرتي، بكل الوسائل الممكنة، وإذا فشلت سأجد نفسي مضطرا لتطبيق لعبة «حادي بادي» وكل مرشح وحظه، الأمر محير فعلا، خاصة في مدينة كبيرة مثل القاهرة، لا تتشكل فيها الكتل التصويتية على عائلات أو قبائل، ولا يعرف سكانها بعضهم بعضا. وأظن أن الحيرة لا تتملكني وحدي بدليل إنني أفاجأ بسؤال مكرر من جيراني في الاسانسير أو أمام العمارة: ننتخب مين؟ وبالطبع لا أجد ردا سوى الابتسامة وإقناع السائل بأن يبحث بنفسه عن المرشح الذي يراه مناسبا، فيكون الرد: ربنا يولي من يصلح» .


وهل هذه مشكلة يثيرها عاطف؟ يختار طبعا حرامي الكهرباء، الذي حدثنا عنه زميله عصام، لكن كان أعجب من حرامي الكهرباء هو ما رآه أمس في جريدة «روز اليوسف» (قومية) زميلنا الرسام أحمد دياب على رصيف الشارع الذي يقع فيه منزله فقد شاهد شحاذا ينام على الرصيف ومرشحا أراد أن يوقظه برائحة رغيف عيش كان يحلم به.
الإعلام المصري للاستهلاك المحلي
وإلى الرئيس السيسي وما تعرض له من هجمات وتحذيرات وتأييد منذ يوم الاثنين إلى الأربعاء، حيث بدأ الصفحة يوم الاثنين زميلنا في «المقال» معتمر أمين بقوله عن مؤامرات أمريكا وبريطانيا ضده: «الغرب يريد عزل الرئيس السيسي عن الناس، ويريد أن يتحول لمجرد رئيس، وليس قائدا استثنائيا، ثم أن الغرب يسلط كل ضغطه على القوات المسلحة المصرية، من أجل إحباط إدارة المؤسسة الفاعلة في الوطن، يحاول تأجيج مشاعر الناس عبر معلوماته التي يأخذ عنها الكثيرون بطريقة مسلم بها، وما أسهل أن يصل الغرب لهدفه وسط غياب لأي أسلحة مضادة لمساعيه، فكل إعلامنا للاستهلاك المحلي، ويا ليته يستطيع توعية الناس. وأذكر عندما كان الرئيس السيسي مرشحا في انتخابات الرئاسة كنت أقول لكل من أعرفه في حملة الرئيس، أرجو أن لا يعلن الرئيس مشاريع كبيرة كثيرة، والسبب أنني أعرف أن الرئيس السيسي يريد أن يفني عمره ويعطي كل ما لديه لخدمة البلد، وهذا بالنسبة للغرب مؤشر خطر جدا، فلو قامت مصر سيتغير شكل الشرق الأوسط، ويعاد ترتيب المنطقة بطريقة ليست على هوى الغرب، وسيكون لهذا تأثير على الترتيب العالمي، وما يحدث في سوريا الآن يثبت هذا التحليل، فبمجرد وجود روسيا في سوريا، بدأ الناتو تدريبات مكثفة، نعرف أن السيسي يسابق الزمن من أجل عمل إصلاحات جذرية عميقة في بنية مصر الهيكلية، التي هي بحاجة إلى ثورة كبيرة وهو ناجح جدا في هذا، والشعب في المقابل يرى حياته لم تتغير، لذلك على الرئيس احتواء الناس والتصدي لمشكلاتهم وتسيير أعمال القديم لحين الانتهاء من الجديد، فالناس لن تستطيع معك صبرا من دون أن تعرف وترى».


الزعماء هم من يعيشون في أذهان شعوبهم


لكن هذا الكلام المقنع والمحايد أثار في اليوم التالي الثلاثاء غضب وغيظ اثنين في جريدة «المشهد» المستقلة التي تصدر كل ثلاثاء، ويتم طبعها في مؤسسة أخبار اليوم الحكومية وتوزيعها كذلك بواسطتها، الأول هو سعيد عبد الخالق الذي وضع صورة للرئيس أمامه وخاطبها قائلا: «فخامة الرئيس إذا كنت لا تقبل النقد ولا تناصر المواطن البسيط، ضد فشل وإهمال حكومات عهدك، ولن تمد يدك داخل كل مؤسسات الدولة لتطهيرها وتفعيل دور الرقابة على مهامها، فماذا يتبقى لهذا الشعب من حقوق عليك؟ سيدي الرئيس المنزه عن الانتقاد، عفوا فقد طفح الكيل من طيلة الانتظار، ولم يستطع العقل أن يستوعب المزيد من الخطابات العاطفية ولا التعهدات غير المرئية مصر تحتاج منك أن تنظر لها بمزيد من التمعن، وأن تنسى دورك الخارجي الذي يبرز شخصك، قبل أن يبرز الدولة ذاتها، الزعماء لا يصنعون المعجزات خارج بلادهم وإنما هم من يعيشون في أذهان شعوبهم قبل ذاكرة كتب التاريخ، فهناك الملايين تنتظر تحركات أسرع وأكثر إيجابية وطموحات معلقة وآمالا خائبة وأخيرا نحمد الله أن سيادتك تعلم جيدا إلى من تشكو منتقديك، ولكننا لا نعلم إلى من نشكو الرئيس، رحم الله شعب مصر وادخله فسيح جناته أمين».


السيسي يرى في النقد مؤامرة ضده


وهكذا قام سعيد بتشييعنا جميعا إلى المقابر وقرأ علينا الفاتحة ونحن لا نزال أحياء، والغريب أن اسمه يطابق اسم المرحوم زميلنا وصديقنا وقريبي ورئيس تحرير الوفد الأسبق سعيد عبد الخالق، عليه رحمة الله. أما المهاجم الثاني للرئيس في المشهد فكان صاحبنا محمد حليم بركات، الذي لم يبعد كثيرا عن الموت وإنما كان قريبا منه، أي في الغيبوبة قال: «نحن هنا أمام رئيس أصبح يعيش في غيبوبة ولا يرى أن أداء الإعلام سيئ، ولا أريد أن أستخدم كلمة أخرى أكثر قسوة.. لكن سوء الإعلام هذا ليس كما يدعي الرئيس، بأنه لا يبرز الإيجابيات ومجهودات الرئيس.. بل لأن هذا الإعلام يبيع الوهم للناس بتملقه للرئيس، وبالحديث عن إنجازات وهمية له ولحكومته، وعن مشاريع ليست موجودة سوى في هذا الإعلام وتخوين المعارضين والتحريض ضدهم، والتعامل معهم كأعداء للوطن. ويبدو أن هذا لا يُغضب الرئيس بل بات واضحاً أنه يسبب له السعادة والبهجة، فلم نره يخرج ليقول للإعلاميين «عيب مينفعش كده هذا أمر لا يليق» وبمناسبة أن الرئيس يقول إنه لم يسئ لأحد.. ماذا قال للإعلاميين الذين يتحدثون باسمه ويجاهرون ليل نهار بالهيام في عشقه ويصطحبهم معه كلما ركب الطائرة محلقاً في سفراته العديدة؛ وهم يسبون عياناً بياناً جميع المعارضين السياسيين، ويخونونهم ليل نهار عبر جميع الشاشات، كنوع من الدفاع والوقوف مع الرئيس ضدهم؟ أليست هذه إساءة تستحق منك التدخل؟ لكن الجديد عند عبد الفتاح السيسي هو أنه يرى أن النقد مؤامرة ضده ويعلنها صريحة للناس، وهذا بالقطع بسبب طبيعته العسكرية التي لم تعتد على المعارضة داخل الجيش وانعدام الخبرة السياسية لأنه أنتقل مباشرة من العسكرية للسياسة».


نشوى الحوفي: هل فشل الرئيس في الداخل؟


لكن في يوم الثلاثاء نفسه كانت تنتظر سعيد ومحمد مواقف غير سعيدة لهما فقد قامت الجميلة زميلتنا في «الوطن» نشوى الحوفي بالسخرية منهما ومن كل مهاجمي السيسي بأن قالت: «هل فشل الرئيس في الداخل؟ بالطبع فشل في احتواء نخبة عاجزة عن الفعل، لا تملك سوى الكلمات في زمن نحتاج فيه إلى الفعل والوعى والتعليم. فشل الرئيس في إقناع إعلام أدمن السبوبة واحترفها منذ سنوات تجاوزت العشر، مدعياً الوطنية تارة والمعارضة تارة، وهو الذي تجاوز حد مهام المهنة إلى حد الاعتقاد بأنه قائد رأي يسب هذا ويلعن ذاك، في عملية ممنهجة تمارس التغييب أو التجهيل أو الإسفاف ببراعة.. فشل الرئيس اقتصادياً حتى فقد إيمان الناس به فلم يجمعوا له 64 مليار جنيه فى أسبوع واحد، ليُنفذ مشروعاً آمن بأنه لصالح البلاد. فشل الرئيس لأنه صعد بنمو الاقتصاد في بلادي إلى 4.5٪ بعد أن كان 2٪ في العام الماضي، رغم تراجع الإنتاج وضغوط منع الاستثمار. فشل الرئيس، فسدد استحقاقات شركات البترول الأجنبية وكانت بالمليارات. فشل الرئيس، فحل مشكلة الكهرباء بمبلغ 150 مليار جنيه رغم كل التحديات. فشل الرئيس، فتعاقد مع «سيمنس» لبناء أربع محطات كهرباء بثمانية مليارات يورو، بدلاً من 10 مليارات. فشل الرئيس، لأنه نفّذ 3500 كيلومتر من الطرق الجديدة، لتوفير احتياجات المستثمرين وفتح أبواب المحافظات للاستثمار. فشل الرئيس، لأنه وفّر الأمن لنا في شوارعنا ومدننا وعلى حدودنا. فشل الرئيس، لأنه يسعى لتحسين أوضاع تجاوز عمرها 40 عاماً. فشل الرئيس، لأنه تحمّل اختيارات فاسدة لمسؤولين لا يعلم أكثرهم معنى كلمة مسؤولية، فرضي بهم ورضي بتحمل المسؤولية عنهم. لذا، ولكل ما سبق أدعم هذا الرئيس، وأرفض ضغوط غرب مستعمر، وأرفض خيانة دول إقليمية أدمنت حماية مصالحها وعروشها حتى على حساب شعوبها، ورؤى خادعة لنخبة لم تجد إلا الكلام، فغابت وقت الفعل، أدعمه الآن لتحيا مصر».


الرئيس هبّ في الإعلام والإعلام رد له الصاع


لا.. لا.. هذا إحراج ما بعده إحراج قامت به نشوى لمهاجمي السيسي، لكن في العدد نفسه من «الوطن» كان رئيس التحرير زميلنا محمود الكردوسي غاضبا أشد الغضب من الرئيس، رغم أنه من كبار مؤيديه ومن كارهي ثورة يناير/كانون الثاني، رغم أنه ناصري ومن كارهي مبارك ونظامه ورجاله محمود صاح: «الرئيس غضب. يبدو أنه سيغضب كثيراً في الأيام المقبلة. هل كانت سبعة عشر شهراً سبقت عاصفة؟ أتمنى وإن كنت أشاطر الجميع تمنياتهم بأن تجتاح العاصفة كل رموز الفساد وأوكاره وكل من يتجاسر على هيبة الدولة المصرية أو يشمت في مصائبها. هل أدرك الرئيس أخيراً أن كل الذين هادنهم أو راهن عليهم أو أخذهم تحت جناحه قد تحولوا أو على وشك أن يتحولوا إلى كلاب سعرانة، على الأقل لم يرتقوا إلى مستوى طموحه وثقته فيهم؟ الرئيس هبّ في الإعلام والإعلام رد له الصاع: أخذ العاطل بالباطل، كانت المعركة ستشتعل أكثر لولا حادث الطائرة الروسية، فعاد الإعلام إلى قواعده واستنهض حساً وطنياً كان قد غاب عن الكثير من العاملين فيه. ولم يكن التغني بقدرة الدولة المصرية – شعباً وقيادة – على الصمود في وجه المؤامرة قد انتهى، حتى هجمت الدولة على إحدى أعتى قلاع البيزنس المهندس صلاح دياب. وهكذا أُقحم الرئيس من جديد في أتون معركة.. كان ينبغي عليه أن يحسمها من البداية، لكنه كالعادة تأخر! ترك الرئيس الحبل على الغارب لرجال الأعمال ومكّن لهم حتى داسوا على رقاب العباد وأصبحوا فوق الدولة والقانون… والنتيجة أن «الزغلول الكبير» أسطورة الهواء (محمولاً ومرئياً) هجم على كعكة الانتخابات البرلمانية وعقد العزم على شراء برلمان «30 يونيو/حزيران» بكل الطرق وأياً كانت التكلفة وسلط إعلامه الخاص على الرئيس شخصياً وعلى كل مؤسسات الدولة (وهي في الحقيقة خربة وبعضها يستحق الحرق)!. أثبت الزغلول الكبير للجميع أنه أقوى من الدولة واعترف أكثر من مرة بأنه يطمح إلى تشكيل أول حكومة برلمانية. وأن هذه الحكومة (التي أسال من أجلها نهراً من الفلوس) ستبدأ عملها بإلغاء قانون الإرهاب والإفراج عن الشباب «الكيوت» المحبوسين على ذمة قضايا منظورة أمام السلطات المختصة. وأنا لا أستعبد أن تطالب حكومة هذا الزغلول الداهية بخصخصة مياه النيل وتحويل المعابد الفرعونية إلى «فنادق سبعة نجوم» وقد تدفعه لوثة غرور إلى المطالبة بسحب الثقة من الرئيس نفسه. كنت أتمنى أن تكون الضربة الأولى من نصيب هذا الرجل، لأن الدولة بشكلها الحالي وباعترافه أيضاً لا تعجبه ويسعى إلى هدمها بكل الطرق. هو يريدها دولة رجال أعمال وليذهب الغلابة ممن يستنجدون بالسيسي منذ 30 يونيو ويرون فيه منقذاً وملهماً إلى الجحيم. هذا الرجل – وكثيرون مثله- لا يُخفِي عداءه الفج لكل ما تركه عبد الناصر لهؤلاء الغلابة، وإذا مددتَ الخط على استقامته ستدرك أنه يخفى عداءً مفرطاً للمؤسسة العسكرية، فهل سأعيش حتى أراه كما أتمنى؟ إفعلها يا سيادة الرئيس».
وعبارة أسطورة الهواء محمولا ومرئيا إشارة إلى شركة التليفون المحمول «موبينيل» وقناة «أون تي في» التلفزيونية اللتين يملكهما نجيب ساويرس، هذا ولمن لا يعلم في علم الحمام أن الزغلول هو فرخ الحمام الذي كبر قليلا أي تخطى مرحلة الفرخ.


دور المال الخليجي في الإعلام المصري


وإلى المعارك التي لا تريد أن تهدأ حول الإعلام الفضائي والورقي، منذ أن أشتكى منه الرئيس السيسي، وفي الحقيقة فإن هذه المعركة مشتعلة منذ شهور كثيرة قبل أن يشكو الرئيس منه وقال عن المشكلة يوم الاثنين زميلنا الكاتب فهمي هويدي في مقاله اليومي في «الشروق»: «منذ عبر الرئيس عبد الفتاح السيسي عن غضبه لانتقاده في أحد البرامج التلفزيونية، أصبحت مناقشة الأزمة التي يعاني منها الإعلام المصري أكثر ما يسيء إلى مصر في الخارج. ومن يشارك في أي أنشطة ثقافية أو غير ثقافية في أي مكان في العالم العربي تصدمه الانطباعات التي يسمعها عن أداء وسمعة الإعلام المصري، ولست أشك في أنني لست الوحيد الذي يرد على ما يسمعه، بأن أغلب ما يقدمه الإعلام لا يعبر عن مصر. وإنما هو كاشف عن أسوأ ما فيها، لكنني كنت أضيف أن الإعلام ليس ظالما فقط لكنه مظلوم أيضا. ثمة ملف آخر مسكوت عليه في مناقشة الأزمة يتعلق بالدور الذي بات يؤديه المال الخليجي في الإعلام المصري، والمشتغلون في المهنة يعرفون أن ذلك المال أصبح حاضرا بقوة في الساحة، بحيث أقام مؤسسات ومراكز بحثية وصنع «نجوما» لهم دورهم المشهود في إفساد المشهد الإعلامي وتدهور خطابه. ولابد أن يثير انتباهنا في هذا الصدد أن هناك جدلا مستمرا في مصر حول تمويل منظمات المجتمع المدني، إلا أن هناك سكوتا مدهشا على تمويل المؤسسات الإعلامية والبحثية. إننا إذا لم ندرج هذين البندين على رأس قائمة عناوين أزمة الإعلام فإن أي كلام آخر وأي مناقشة للأزمة ستظل بعيدة عن صلب الموضوع ».
تغييب الوعي والتضليل وتزييف الحقائق ونفاق النظام


وفي اليوم التالي الثلاثاء وقعت عدة معارك عنيفة أولها في مجلة «آخر ساعة» القومية التي تصدر عن مؤسسة أخبار اليوم وقول زميلتنا الجميلة هالة فؤاد وهي من المشاركات في ثورة يناير/كانون الثاني: «لم أتفاعل كثيرا مع الحملة على ريهام سعيد، ولم تغمرني فرحة كبيرة بقرار إيقاف برنامجها « صبايا الخير». ليس السبب بالطبع هو تعاطفي معها أو رفضي للحملة عليها، التي أراها تستحقها وأكثر، ولكن يقيني من أن ريهام ما هي إلا ترس في منظومة متكاملة هدفها تغييب الوعي والتضليل وتزييف الحقائق ونفاق النظام. خطيئة ريهام فقط أنها بدت أكثر استفزازا وفجاجة وتمكنا وخبثا. أحدهم يرتدي قناع المثقف الواعي المحلل الخبير ببواطن الأمور، ووقت الجد يكشف عن وجهه الحقيقي، ويبدو أداؤه أقرب لريهام سعيد وهو ينافق النظام. وهناك ثائر معارض نراه منتقدا شاهرا سيفه كفارس، وما أن يكشر أي مسؤول عن أنيابه حتى يعود لصوته الهدوء ولكلماته الضعف ولنبرته الوهن، على عكس آخرين أكثر صراحة في الدفاع عن النظام بتمجيد سياساته وتمرير زلاته والتغطية على أخطاء قراراته، هكذا تتعدد الوجوه وتختلف الأدوار، لكنها تدور في الفلك نفسه ونحو الهدف نفسه هم أقرب لعرائس ماريونيت تتحرك وفق إرادة من يمسك بخيوطها، إما رقصا أو غضبا أو وقارا».
صحافيو الصدفة!


وإذا تركنا «آخر ساعة» إلى جريدة «البوابة» اليومية المستقلة سنجد زميلنا وصديقنا المفكر السيد ياسين يواصل التعبير عن عظيم قرفه مما يشاهده ويقرأه قال وهو حزين:
«أما عن الغوغائية الإعلامية فهي ترجع أساسًا إلى التأثير التخريبي لسلوك رجال الأعمال، الذين اندفع كل واحد منهم بحكم التراكم الرأسمالي اللا محدود، الذي في غالبه الأعم تكوّن نتيجة الفساد والتواطؤ مع سلطات الدولة قبل ثورة 25 يناير/كانون الثاني إلى إنشاء قناته التلفزيونية الخاصة، ولا ننكر أن هذه القنوات لعبت دورًا إيجابيًا في تطوير البرامج التلفزيونية، وكذلك في النقد السياسي خصوصًا، في فترة حكم الإخوان المسلمين، غير أن وضعها الراهن وما تقدم من برامج «توك شو» تتسم في أغلبها بالتفاهة. بعض الكتاب الصحافيين المزعومين، من السهل على أي قارئ لبيب كشفهم، غير أن هناك غيرهم من الكتاب الصحافيين الذين وصلوا بالصدفة إلى مواقع مؤثرة في الصحافة الورقية، مع أنهم يفتقدون الموهبة ويعجزون عن الكتابة الحقيقية. مع أنهم من حين إلى آخر لكي يقنعوا الناس بأنهم كتاب صحافيون كبار يغامرون بكتابة مقالات تتسم بالضحالة الشديدة وأحيانا بالحماقة الفذة! والدليل على ذلك أن أحدهم أراد أن «يبدع» فكتب مقالا شهيرا عنوانه «أنا صرصار»! ومع أن القراء استهجنوا المقال إلا أنه من باب العناد الأحمق كتب مرة أخرى لكي يؤكد على صحة أفكاره العبقرية! وبعد فترة صمت ظهر علينا مؤخرا بمقال «بديع» آخر عنوانه «إعمل نفسك ميت!» ولا يمكن لأمثالنا أن يعلقوا على مثل هذه المقالات الفذة!».
إعلام الأغلبية وليس إعلام الصوت الواحد


وإلى «أهرام» يوم الثلاثاء نفسه وصديقنا العزيز ومدير مكتب خالد الذكر للمعلومات سامي شرف، الذي لم يحتمل هجمات البعض ضد إعلامه سابقا فقال: «إعلام عبد الناصر كان إعلام الشعب المصري. كان إعلام الغلابة والفقراء، كان إعلام العمال والفلاحين. كان إعلام الأغلبية وليس إعلام الصوت الواحد، في مقابل الإعلان وليس الإعلام، الإعلان الذي يسيطر عليه رأس المال المستغل وفلاسفة الكلام، إنهم يدعون بأن عبد الناصر أمّم الصحافة وهذه مغالطة، بل أعاد تنظيمها لتكون في خدمة جماهير الشعب العريضة، ولا تنطق باسم العملاء والجواسيس، الذين تدرس قضية عمالتهم حتى الآن في معهد المخابرات العامة، كقضية تخابر مثالية .ولو أراد عبد الناصر أن يؤمم الصحافة لما تردد في تسمية الأمور باسمها الحقيقي، كما حدث في الشركات والبنوك الأجنبية والرأسمالية المستغلة. وأختم كلامي بعرض مجرد أمثلة لما كتب ونشر وعرض في المسرح والسينما من أعمال تمت في حياة عبد الناصر، وهي مثال حي يخرس ألسنة المتطاولين، وهي بالتأكيد لم تكن صمتا أو رضا زائفا.. مسرحيات وأفلام سينمائية نقدت النظام في حياة جمال عبد الناصر. «الزير سالم ـ الفريد فرج. بلاد بره ـ نعمان عاشور. المسامير ـ سعد الدين وهبة. سكة السلامة ـ سعد الدين وهبة الإنسان والظل ـ مصطفى محمود. أنت اللي قتلت الوحش ـ علي سالم. السلطان الحائر ـ توفيق الحكيم . يا سلام سلم ـ سعد الدين وهبة. 7 سواقي ـ سعد الدين وهبة. الأستاذ ـ سعد الدين وهبة. إسطبل عنتر ـ سعد الدين وهبة. بير السلم ـ سعد الدين وهبة». ومن الأفلام: «ميرامار ـ نجيب محفوظ. وشيء من الخوف ـ ثروت أباظة. والعصفور ـ يوسف شاهين ».


اييه .. اييه وهكذا ذكرني صديقنا سامي بالذي كان يا ما كان في عهد خالد الذكر وسالف العصر والأوان، ولكن كيف ينسى مسرحية يوسف إدريس «الفرافير» على مسرح الجمهورية، ومسرحية «الفتي مهران» لعبد الرحمن الشرقاوي على المسرح القومي، التي هاجم فيها مشاركة مصر في دعم ثورة اليمن عام 1962، وتسبب في معارك صحافية عنيفة ما بين مؤيد للمسرحية ومطالب بوقفها، لكن خالد الذكر أمر باستمرار عرضها.
&