محمود مراد
&
تعددت الآراء والاتجاهات ـ ولاتزال ـ حول حادث باريس، ونفس الشىء حدث ويحدث بالنسبة لما جرى فى شرم الشيخ، وأن كان لأسباب فى نفس يعقوب ـ الذى نظلمه كثيرا ـ قد انحرف إلى التجريس!!.

وأيا كانت الأسباب وراء الحادثين وايا كان الجانى... فإنه لا توجد دولة رشيدة، ولا يوجد إنسان عاقل يوافقه على ما جرى إذ يخالف، ويتناقض مع كل الرسالات السماوية، بل ومع كل العقائد الوضعية المحترمة... ولكن المشكلة أن بعض الدول ـ وللأسف الكبرى ـ خاصة الولايات المتحدة الأمريكية ـ ترفض مبدأ المسئولية الدولية، وترفض التعاون الدولى فى مكافحة الإرهاب لكى تستمر وحدها فى احتكار تعريف: «ما هو الإرهاب؟» ـ «ومن هو الإرهابى».. وذلك وفق رؤيتها وطبقا لمصالحها... وأكاد أقول لكى تستثمر الإرهابى، وما يفعله فى دول أخرى لحساب استراتيجيتها للهيمنة والسيطرة... فتتدخل لتحقيق أغراض ظاهرة وخفية لها... وقد تدعو إلى تدويل مشكلة ما... وأكاد أقول ـ أن هذه المراوغات من التسويف والمماطلة... ومن الظاهر والخفى.. ومن اللقاءات السرية والعلنية مع قيادات المنظمات والحركات الإرهابية ـ ولا أقول المتطرفة ـ هى التى أدت إلى إطلاق أيدى الإرهاب المخضبة بالدم... وفى الوقت نفسه عرقلة عملية المكافحة.

وهنا نقول على الفور ونؤكد أن الإرهاب ظاهرة دولية ـ كما كتبنا منذ بدايات الثمانينيات من القرن العشرين ـ وهو يشكل جريمة مرتبطة، ومتداخلة مع الجرائم المنظمة الدولية مثل: تجارة السلاح والمخدرات والدعارة والتهريب.. وغيرها، ومن ثم ـ وباعتبارها متعدية الجنسية والحدود ـ بحاجة إلى تعاون دولى لتتبعها وإحباط مخططاتها وتوجيه ضربات استباقية إلى زعمائها وشبكاتها، وسرعة ضبط مرتكبيها أن حدثت.وهذا كله وغيره ينطلق من المسئولية الدولية والمشاركة الفعالة والمؤثرة فى تحقيق الأمن والسلم الدوليين فى إطار الأمم المتحدة ومواثيقها التى من المفترض أن تستهدف سلام العالم ورفاهيته.

وتأسيسا على ذلك نادت مصر مبكرا لعقد مؤتمر دولى عن الارهاب لتعريف مفرداته واتخاذ ما يلزم لمكافحته، وذلك فى إطار الأمم المتحدة.. لكن لم يسمع أحد ولم يتحرك.. ثم وفى العامين 1996 و1997 عقدنا فى «الأهرام» ثلاث ندوات ـ ويمكن القول إنها مؤتمرات دولية ـ شارك فيها ممثلون رسميون وخبراء من نحو أربعين دولة من الشرق والغرب ـ عدا الولايات المتحدة ـ وصدر عنها إعلان القاهرة حول الظاهرة الإرهابية.. كما صدرت توصيات حول: ما هو الإرهاب، ومن هو الإرهابى والتعاون الدولى والمسئولية الدولية على اعتبار أنه لا يمكن لدولة واحدة أن تحارب هذا الطاغوت الأحمق الذى هو بلا دين ولا هوية، وبلا جنسية، وهو شيطان مقطوع الرأس يعمل لأهداف سياسية مغرضة وغريبة. واليوم وقد حدث ما حدث.. فإن الدموع وإن كانت ترطب النفس.. لا تكفى، والادانة وأن كانت علامة تأييد.. لا تثمر وحدها... والجنازات والتظاهرات... أفعال طيبة، غير أن المطلوب الآن وفورا.. الدعوة إلى عقد مؤتمر دولى ليبحث ويناقش، ويضع الآليات التى تحقق التعاون الدولى الفعال انطلاقا من المسئولية. ولعلى أضيف أن هذا الذى أنادى به، والذى خرجت به ندوات «الأهرام»... قد تبنتها مؤتمرات لاحقة فى دول عديدة ـ تفضلت بعضها بدعوتى والتحدث فيها ـ وكانت من بين التوصيات.. توصية بانشاء المركز الدولى لمقاومة الإرهاب ومقره القاهرة، ليكون منظمة غير حكومية ترصد وتدرس وتحلل أحداث الإرهاب وعملياته... وتقترح سبل مواجهته الشاملة: ثقافيا ودينيا وإنسانيا واقتصاديا واجتماعيا إلى جانب العمل الأمنى، ولقد تحمست وفود الدول لهذا، وتم اختيار مجلس إدارة.. لكن عدم وجود امكانات مادية، حال دون التنفيذ!.

على أى حال.. أنه لا بديل امام المجتمع الدولى إذا كان حقا يريد مكافحة الإرهاب سوى عقد مؤتمر دولى يتفق فيه على كيفية التعاون، وما هى حدود المسئولية، وأختم وأصرخ، فأقول.. يا أيها العالم... تحرك قبل الطوفان... والتحرك ينتظر القرار أما التنفيذ فإنه يوجد عندنا فى مصر ـ وفى دول أخرى ـ خبراء على درجة عالية من الكفاءة.. ألا.. هل بلغت.. اللهم فاشهد.