مصر: &99٪ ممن فازوا بعضوية البرلمان دخلوا ليؤيدوا ويصفقوا ويباركوا… وشح في المعارضة الوطنية الجادة


حسنين كروم

&رغم كثرة وأهمية الموضوعات السياسية التي أبرزتها الصحف المصرية الصادرة أمس الخميس 26 نوفمبر/تشرين الثاني، فإنها لم تلق اهتماما كافيا من الأغلبية، باستثناء تتبع التحقيقات في الهجوم الإرهابي على الفندق الذي كان يقيم فيه القضاة في العريش وكيف تمكن الإرهابي الثاني من دخوله بعد تفجير سيارة الانتحاري، قبل أن تصل للفندق.
واهتم آخرون باستمرار المجمعات الاستهلاكية التابعة لوزارة التموين ومنافذ وزارة الزراعة والقوات المسلحة في بيع السلع بأسعار مخفضة، مع ملاحظة أنها تحقق ربحا من ورائها، وكذلك توسع وزارة التموين في خطة بيع الوجبة الكاملة التي تكفي أربعة أفراد بمبلغ ثلاثين جنيها، وتشتمل الوجبة على لحم أو دجاج مع أرز أو مكرونة وصنف خضار، وهي غير مطهية، وإرسال الوزارة سياراتها لعدد آخر من المحافظات في الأحياء الشعبية والعشوائية التي لا توجد فيها مجمعات استهلاكية.


ولقيت نتائج المرحلة الثانية والأخيرة من انتخابات مجلس النواب اهتماما أقل، وقد انتهت بفوز قائمة «في حب مصر» بالستين مقعدا الباقية، بعد أن فازت في المرحلة الأولى بستين مقعدا، أي أنها حصدت المئة والعشرين مقعدا المخصصة للقوائم.


أما في الدوائر الفردية وعددها مئتين واثنين وعشرين مقعدا، فقد حقق الفوز تسعة مرشحين فقط، وستتم الإعادة على مئتين وثلاثة عشر مقعدا في تسعة وتسعين دائرة انتخابية، من أصل مئة وثلاث دوائر. وبادر سامح سيف اليزل منسق قائمة «في حب مصر» بالإعلان عن أنه تتم الآن مشاورات مع النواب المستقلين الذين فازوا في الجولة الأولى، ومن المتوقع فوزهم في جولة الإعادة لتشكيل أغلبية أو أكثرية، خاصة أن أربعين من الذين نجحوا في قائمة «في حب مصر» ينتمون إلى أحزاب سياسية وسيعودون للالتحاق بكتل أحزابهم في المجلس.
ومن الأخبار الأخرى في الصحف المصرية نقرأ عن موافقة الحكومة على تأجيل تحصيل ديون المستثمرين في شرم الشيخ لمدة ستة أشهر أخرى، وإعلان وزارة السياحة أن اتصالات تجري مع بريطانيا وروسيا لاستئناف رحلات السائحين إلى مصر، ووعدت الدولتان بتحقيق ذلك قريبا. كذلك استقبال الرئيس لرجل الأعمال السعودي وصاحب «شركة المملكة» الأمير وليد بن طلال الذي تبرع ببناء عشرة آلاف وحدة سكنية للأسر المحتاجة والتنازل عن عشرة آلاف للدولة من مساحته في مشروع توشكي. وإلى بعض مما عندنا…


البرلمان درس عملي&في الممارسة الديمقراطية


ونبدأ تقريرنا اليوم بالمعارك والردود التي ازداد عددها، وتعددت موضوعاتها، وانتشرت في كل الصحف، وكأن المصريين يأخذ بعضهم بخناق بعض، خاصة بسبب الانتخابات وما حدث فيها من تشاؤم البعض من مستقبل الديمقراطية، وآمال البعض في الأفضل، لأن الشعب بدأ خطواته الحقيقية، أو كما قال يوم الأربعاء في «الوطن» زميلنا في «الأهرام» الدكتور حسن أبو طالب: «أياً كانت ملاحظاتنا على الانتخابات البرلمانية فسوف يكون لدينا بعد شهر من الآن برلمان منتخب، يسعى إلى ممارسة دوره وفقاً لكفاءة وقدرة أعضائه على بناء التحالفات وتمرير القوانين ورقابة أعمال الحكومة. وسوف يكون البرلمان بشكل أو بآخر فضاء سياسياً جديداً، يحدث داخله نوع من الفرز الطبيعي، تبرز خلاله قيادات سياسية واعدة، ومهارات فردية وقدرات حزبية سيظل الوطن بحاجة إليها، طالما أن لديها القدرة على العطاء وإقناع الناس بقيمة ما يقدمونه، ومن ثم تتبلور شرائح اجتماعية تميل إلى هذا الحزب أو ذاك بصورة طبيعية، وبدون اصطناع سيكون البرلمان بمثابة درس عملي في الممارسة الديمقراطية، وفي البحث عن الصالح العام الذي تتوافق حوله غالبية محترمة تحوله إلى قانون يطبق بمهنية عالية أو ممارسة سياسية مقبولة من عموم المجتمع. هكذا تطورت الديمقراطية كنظام سياسي في البلدان التي تعرفها الآن، أياً كانت الخلافات في التطبيقات بين هذا النموذج أو ذاك، فالمهم أن يتطور التطبيق الديمقراطي من رحم المجتمع نفسه بقناعة أبنائه ورضاهم التام».


«العشرة المبشرون بالتعيين»


وفي يوم الأربعاء نفسه كتب زميلنا في «المصري اليوم» سليمان جودة عن المعينين في البرلمان قائلا: «قبل يناير/كانون الثاني 2011، كان رئيس الدولة يعين عشرة أعضاء في كل برلمان جديد، وكانت الصحف تطلق عليهم لقب «العشرة المبشرون بالتعيين»، وكانت وسائل الإعلام تظل، مع كل تشكيل برلماني مختلف، تضرب وتجمع وتطرح، وتخمن، لتتوقع بالضبط أسماء هؤلاء المبشرين! وكان الغرض من إعطاء الرئيس حق تعيين هذا العدد هو تعويض نقص من نوع ما، قد يراه رئيس الدولة في البرلمان!


لو أنت راجعت عدد الأعضاء الأقباط – مثلاً – بين هؤلاء العشرة، في كل مرة، فسوف تلاحظ أنه كان كلما زاد عدد الأقباط المنتخبين، قل عددهم بين المعينين، والعكس صحيح. وقد كان الحال هكذا أيضاً مع المرأة، قبل أن تتقرر لها كوتة كبيرة في برلمان 2010 ورغم أن الأعضاء العشرة عدد قليل جداً في برلمانات كان عددها الإجمالي يقترب من 600 عضو، إلا أن هذا العدد القليل جداً كان يعطي رئيس الجمهورية فرصة، ولو محدودة، فى إحداث نوع من التوازن السياسي داخل البرلمان.


الآن.. اختلف الوضع، وأصبح من حق الرئيس أن يعين 5٪ من إجمالي أعضاء مجلس النواب، وهي نسبة تعني أن 27 عضواً سوف يأتون معينين إلى برلمان الشعب! ولا أحد يعرف كيف سيختارهم الرئيس، ولا من بالضبط سعيد الحظ الذي سوف يكون من بينهم، ولم تبدأ الصحف، بعد، في تخمين أسمائهم، اللهم إلا تخمين اسم رئيس البرلمان نفسه، الذي تتجه النية، في ما يبدو، إلى أن يكون واحداً منهم، وفي هذا الشأن، فإن بورصة الأسماء طرحت أسماء كثيرة وكبيرة، ربما يكون أهمها عمرو موسى، وعدلي منصور، وأحمد الزند، وعدلي حسين، ومصطفى الفقي! ومع ذلك، فما يهمني هنا هو نوع النقص الذي سوف يكون على الرئيس أن يعوضه في البرلمان، قياساً على ما كان يحدث مراراً من قبل. إن الرئيس لم يعد في حاجة لتعويض نقص في عدد الأعضاء الأقباط، لأنهم فازوا انتخاباً، وقد كان شيئاً يبعث على التفاؤل الكبير، في هذه النقطة، أن تشهد إحدى دوائر المنيا إعادة بين قبطى وقبطي.. ولم يعد الرئيس، كذلك، في حاجة لتعويض المرأة، لأنها جاءت انتخاباً أيضاً.. وهكذا.. وهكذا! إذا سألني الرئيس، فسوف أصارحه صادقاً بأنه في حاجة إلى أن يعوض المعارضة في البرلمان، لأن 99٪ ممن فازوا دخلوا ليؤيدوا ويصفقوا ويباركوا.. وإذا كان هذا شيئاً يحتاجه الرئيس، فإنه يحتاج، بالدرجة نفسها، معارضة جادة ووطنية وصادقة معه، على الجانب الآخر، لأن فيها نقصاً واضحاً فى مجلس النواب، وأكاد أقول إن فيها شُحاً ظاهراً، ولايزال الرئيس أحوج الناس إليها! أقولها من باب الأمانة مع السيد الرئيس.. وأجرى على الله».
التلفزيون الناخب الأول


ونبقى في موضوع الانتخابات ومقال رئيس تحرير «الشروق» عماد الدين حسين وقوله: «الإعلام عموما، والتلفزيون خصوصا، صار الطريق الأقرب والأقصر إلى الفوز في الانتخابات وأحيانا لتولى المناصب. من نتائج المرحلة الأولى ثم الجولة الثانية من الانتخابات النيابية يتضح لنا أن غالبية المشاهير حققوا الفوز أو دخلوا مرحلة الإعادة، والقاسم المشترك الأكبر بينهم هو الشهرة أو معرفة الناس بهم. ولا ينطبق ذلك على الأفراد فقط، بل على قائمة «في حب مصر» التي ضمت عددا كبيرا من المشاهير ونجوم المجتمع. بالطبع هناك أسباب أخرى كثيرة، لكن الشهرة كانت عاملا رئيسيا، حتى لو كانت شهرة سلبية مشينة، فليس كل مشهور شخصا جيدا أو محترما.


وبصفة عامة فإن غالبية من ترشحوا من المشاهير أمام مرشحين غير معروفين للعامة فقد فازوا، وبعضهم فاز من الجولة الأولى.
الشهرة توفر لأصحابها أكثر من نصف الطريق إلى البرلمان، وأصحابها قد لا يجدون أنفسهم مضطرين إلى الذهاب للناخبين، بل أن بعض الناخبين يأتون للمرشحين ربما أملا فى التقاط صورة مشتركة. الأمر لا يقتصر على ذلك، بل أن التلفزيون صار المورد الرئيسي للتوظيف السياسي. في السنوات الخمس الأخيرة كان العديد من التعيينات من مناصب مهمة سببها الجوهري أن صاحبها يظهر في التلفزيون، سواء كان ضيفا أو صاحب برنامج، وسمعت ذات يوم من مسؤول سابق كبير أنه استعان بشخص ما لأنه شاهده يتكلم بصورة جيدة في التلفزيون. هذا الأمر حدث أثناء المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وحدث أيضا في عهد الإخوان، وبعض من تم تعيينهم مستشارين للرئيس الأسبق محمد مرسي، كان السبب الرئيسي هو ظهورهم التلفزيوني، وهو أمر ليس مسيئا بطبيعة الحال، ثم تكرر الأمر خلال المرحلة الانتقالية الثانية بعد 30 يونيو/حزيران 2013. ما المغزى من كل ما سبق؟ باختصار، هذا الأمر يعني أننا نفتقد إلى الآليات والهياكل والأجهزة التي تفرز كوادر سياسية طبيعة يمكنها أن تترشح في الانتخابات، أو تتولى أي مناصب قيادية.


المؤكد أننا نعاني من نضوب وقلة هذه الكوادر في العديد من المجالات، وبالتالي وبدلا من أن يكون التلفزيون والبرامج الحوارية المصدر الوحيد للتعيينات، علينا أن ننشط المسارات الطبيعية لزيادة الكوادر المؤهلة.


المسار الأول هو تنشيط المؤسسات الحزبية، بحيث تلعب دورها الطبيعي وهو تربية الكوادر السياسية، بحيث يتنافسون على عضوية المجالس المحلية أولا، ثم البرلمان، وبالتالي يمكنهم أن يتولوا المناصب الوزارية إذا وصل حزبهم إلى السلطة. المسار الثاني هو أن تقوم هذه الأحزاب والحكومة أيضا ومراكز الأبحاث والدراسات ذات الصلة بإعداد دورات تدريبية حقيقية وورش عمل لتجهيز الكوادر الحزبية والشخصيات العامة على كيفية ممارسة العمل العام.
لو حدث ذلك، فإننا لن نكون بحاجة إلى البحث عن كادر سياسي وكأننا نبحث عن إبرة وسط كومة من القش، بل سنجد أكثر من مائة شخصية تصلح لتولى منصب واحد وليس كما يحدث الآن. قبل فترة قال لي أحد وزراء حكومة الدكتور حازم الببلاوي إنه نظم مسابقة من أجل منصب استشاري مهم في الوزارة، لكنه فوجئ بأن كل من تقدم لا يصلح لغياب الخبرات والمؤهلات باستثناء الفهلوة. غياب هذه الكوادر هو أحد أسباب المشكلات الكثيرة التب يعانب منها كثير من الهيئات والمؤسسات السيادية منها والعادية. اختيار كبار الموظفين من خلال برامج التلفزيون قد يكون صائبا مرة، لكنه قد لا يصح في أكثر المرات. ليس كل من يتحدث جيدا في برامج «التوك شو» يصلح بالضرورة للمنصب الكبير. الكلام المنمق والمنطقي شيء مهم، ويصلح للخطابة، لكنه قد لا يصلح لإدارة هيئة أو مؤسسة أو وزارة أو حتى مجلس أمناء عمارة. هذه المناصب تحتاج إلى أشخاص لديهم خبرات إدارية كثيرة، وعمل سياسي، ومؤهلات كثيرة أخرى. عندما ينجح مرشح لأنه يظهر في التلفزيون كثيرا، أو يتولى شخص منصبا مهما لأنه وجه معروف، فالمؤكد أن هناك مشكلة كبيرة سنعاني منها لفترة طويلة. تذكروا أن السبب الرئيسي في هذه المأساة شخص يدعى حسني مبارك أمم السياسة وقتلها وجرف التعليم وسائر المجالات، وما زلنا للأسف نحصد ما جناه».
شعبنا لا يملك


حلولاً حقيقية لمشاكله


لكن هذا التفاؤل الذي أبداه أبو طالب لم يقنع زميله في «اليوم السابع» عبد الفتاح عبد المنعم الذي قال له في يوم الأربعاء نفسه: «هل سألت نفسك من هم الذين يتصدرون المشهد العام في مصر منذ 25 يناير/كانون الثاني 2011 وحتى الآن؟ وهل سألت نفسك لماذا صمت الجميع عندما هرب خيرة شباب مصر للخارج للبحث عمن يقدر عبقريتهم، بعد أن تقزم كل شيء في مصر ولم يعد هناك عمالقة، إلا من ارتدى ثوب مراهقي يناير وأصبح ناشطًا أو ثائرًا مزيفًا؟ وهل سألت نفسك لماذا احتلت أخبار صدر صافيناز وهز بطن شاكيرا الصفحات الأولى وموقعي التواصل الاجتماعي فيسبوك وتويتر؟ وهل سألت نفسك لماذا أصبح الحديث عن عوالم مصر أهم من الحديث عن علماء مصر؟ ولن نصل إلى إجابة حقيقية تشفى صدورنا المملوءة بالأحزان، خاصة أن الأحوال في مصر مازالت متجمدة ومحلك سر، والحقيقة أننا كنا في عهد الرئيس المخلوع مبارك نتهم الحكومات وسياسات مبارك بأنها وراء هذا التجمد، ولكن بعد خلع مبارك اكتشفنا أن العيب في شعبنا الذي لا يملك حلولًا حقيقية لمشاكله، وأن هذا الشعب ينتظر قوة خارقة ليحقق أحلامه، وللأسف مازلنا ننتظر من يضع حلولًا لكل الكوارث التي حلت بنا منذ 25 يناير 2011 وحتى الآن».


رد لا يليق بقيادة سياسية


والتشاؤم ذاته أبداه في العدد نفسه من «اليوم السابع» زميله محمد الدسوقي رشدي بقوله عن المعركة العنيفة بين «التحالف الجمهوري» ممثلا في منسقته المستشارة تهاني الجبالي والفريق حسام خير الله، وبين سامح سيف اليزل منسق قائمة «في حب مصر» وعدد من قياداتها: « مصر تستحق سياسيين أفضل من هؤلاء، «فرش الملاية» ليس منهجهم، وحسن التصرف طريقهم، والقدرة على قراءة الواقع السياسي هدفهم.


الأزمة هنا ليست أزمة المستشارة تهاني الجبالي فقط، بل ظهرت بشكل أوضح في ردود قيادات قائمة «في حب مصر» الذين لم يرتقوا أبدًا بمستوى تصريحاتهم، فخرج أسامة هيكل برد لا يليق أبدًا بقيادة سياسية، حينما رد على اتهاماتها بالقول: اعقلي يا تهاني.


يشكو أسامة هيكل وزير الإعلام السابق دومًا من تدني الحوار في وسائل الإعلام واستخدام الألفاظ غير اللائقة، لكنه لم يخجل من السقوط في البئر نفسها، حينما تعرضت مصالحه السياسية للخدش واستخدم الأسلوب نفسه الذي يرفضه ويتهم من يستخدمه بأنه يشوه سمعة مصر. لا تدفن رأسك في الرمل يا صديقي، وتعال نعترف بأن عددًا كبيرًا جدًا من أهل الحل والعقد وأهل الأحزاب والسياسة والقوى الثورية يعانون نقصًا حادًا في خلايا الإخلاص وإن وجدت فهي في الأغلب خلايا فاسدة».


مجدي يعقوب&أيقونة وطنية إنسانية


وأرادت زميلتنا الجميلة في «الأهرام» ماجدة الجندي المشاركة في المعركة بطريقتها الناعمة التي تجرح بنعومتها فقالت في يوم الأربعاء نفسه: «بينما كانت الاتهامات المتبادلة بين قائمة «في حب مصر» و«التحالف الجمهوري» تسير على وتيرة التصاعد بصورة مفاجئة ولافتة للنظر، كان قطاع ملحوظ من الناس مشغولا على الوسائط الاجتماعية وقلقا بشأن الإنسان النبيل أو الملاك المتواري في صورة إنسان، الدكتور مجدي يعقوب، أكاد أجزم أن المصريين في عمومهم، ومع كل الصريخ والصراخ بتاع جبهة «في حب مصر» أو «التحالف الجمهوري»، كانت قلوبهم، تدعو الله أن يسلم لهم القلب الماسي، وصاحبه الدكتور مجدي يعقوب. يعقوب الأيقونة «منح.. أعطى.. أسهم.. تبرع.. أغدق.. فاض وأفاض بالخير على مصر بدون شعار واحد، بدون حب شفاهي.. ألقى بياضه وعلمنا وضرب المثل.
قلق الناس على مجدي يعقوب، قلق مدرك لقيمة عطاء الرجل، قلق محب على من يحب، مجدي يعقوب أيقونة وطنية إنسانية، لم يحتج إلى أن يشرح نفسه للناس، الناس تفهم وتعي وتحس صدقه. ومع احترامي الكامل، لفريقى قائمة حب مصر والتحالف الجمهوري، ربما يهتم الناس لكنه اهتمام.. غير الاهتمام… «.


أبواق إعلامية


وامتدت المعارك كذلك إلى الإعلام والصحافة وبدأها يوم الاثنين زميلنا وصديقنا في «الأخبار» ورئيس تحريرها الأسبق جلال دويدار بالقول: «لا يمكن لأحد يعمل في المجال الإعلامي أن ينكر وجود بعض الوسائل الإعلامية التي تم تأسيسها لتكون بوقا لأصحابها، تدافع عنهم وعن مصالحهم وعما يتصل بهذه المصالح. وبعض العاملين في هذه الأبواق الإعلامية وفي سبيل إرضاء رأس المال يلجأون إلى الكذب والخداع والتضليل. لفت نظري إلى هذه الحقيقة المؤلمة تلك المعركة الدائرة حول شركة الاتصالات المصرية، التي كانت قد تعرضت لتغييرات جذرية في إدارتها، هذه المعركة مسرحها إحدى الصحف الخاصة، منفردة بعكس ما يتم نشره من أخبار في الشركة بعد هذه التغييرات، التي قد تكون صحيحة أو غير صحيحة. كان من الطبيعي وعلى أساس أنني لا أعلم العلاقة القوية بين الذين أصابهم هذا التغيير وأصحاب هذه الصحيفة، أن أصدق ما يقال ويشاع، مستهدفا تشويه الإدارة الجديدة لهذه الشركة المملوكة للدولة المصرية، بنسبة ثمانين في المئة. إنني لسوء حظ هذه الصحيفة أعلم ومعي عدد غير قليل أن هناك علاقة وثيقة جدا بين أصحاب الصحيفة والطرف الذي يزودها بالأخبار».


طابور خامس إعلامي مهمته&تخريب علاقات مصر بالخارج


أما صديقنا الكاتب وأستاذ الجراحة الدكتور صفوت حاتم «ناصري» فقد ترك ما تتعرض له شركة الاتصالات المصرية، وهاجم في مقال له في مجلة «المصور» القومية التي تصدر كل أربعاء ما تتعرض له روسيا والسعودية من هجمات قال عنها:


«بمجرد أن أعلنت روسيا توقف رحلات السياح الروس لشرم الشيخ، انطلقت جوقة من الإعلاميين تفتح النار على روسيا وقياداتها، بأقذع الأوصاف، فكتب صحافي مخضرم على الصفحة الأخيرة من جريدة «الأهرام» المصرية مقالا ينضح بالكره والحقد على روسيا، وكأن روسيا اعتدت على مصر، أو أعلنت الحرب عليها، أو أنها كانت المسؤولة عن سقوط الطائرة الروسية، بينما راح إعلامي ثان ينتمي للمؤسسة الصحافية الرزينة نفسها، يهاجم في برنامجه المتلفز الرئيس الروسي بألفاظ لا تتردد إلا في الحواري المتدنية، بينما تخصص إعلامي ثالث في سب قيادة عربية خليجية بشكل شبه يومي في برنامجه التلفزيوني. وكانت إعلامية رابعة قد أساءت للعلاقات المصرية ـ المغربية، حينما وصفت الاقتصاد المغربي بالاعتماد على الدعارة كمصدر أساسي للدخل، ويمكن سرد عشرات المقالات أو الإساءات التي توجه لعلاقات مصر الخارجية يوميا، وأنا لست من الذين يعتقدون بعفوبة هذا النوع من السلوكيات في هذا التوقيت بالذات، أو أنها تصدر عن عشوائية المواقف، لا أنا أعتقد بوجود طابور خامس إعلامي مهمته تخريب علاقات مصر الخارجية مع دول معينة، وبشكل أكثر تحديدا تخريب علاقات مصر مع روسيا والسعودية».


برامج تلفزيونية&تهلل للرئيس صباح مساء


ومن هذا الطابور الخامس الذي كشف عنه صديقنا صفوت إلى طابور سادس أخبرنا به في اليوم نفسه زميلنا في «الأهرام» أشرف مفيد، تخصص في تخريب علاقة الرئيس مع الشعب، وهو طابور المنافقين، حيث قال عنهم كلاما مفيدا كاسمه وهو يضع يديه فوق رأسه لحمايتها من تساقط النفاق عليها: «انهالت فوق رؤوسنا فجأة تلك النوعية من البرامج التلفزيونية الموجهة، التي تتسبب في حرق دم المشاهدين، ولن أكون مبالغا إن قلت إنها أصبحت ـ وللأسف الشديد ـ تمثل أحد أهم وأبرز أسباب تراجع نسبة شعبية الرئيس بعض الشيء. إن معظمهم ينافسون مسيلمة الكذاب في تلك الصفة غير الحميدة، وخطورة تلك النوعية من البرامج التي تهلل للرئيس صباح مساء، أنها تهدد مصداقيته وتضعف ما يقوم به من خطوات جادة تستهدف في المقام الأول تحقيق الاستقرار للمجتمع. المواطن يا سادة ليس في حاجة إلى هذا الإعلام الرخيص، الذي يشبه إلى حد كبير ما يتم داخل الشقق المفروشة من أفعال فاضحة يعاقب عليها القانون، المواطن لا يأكل أو يشرب كلاما فارغا، إنما هو في حاجة إلى أن تصبح السلع الأساسية في متناول يده ليكون قادرا على إدارة شؤون أسرته براتبه المتواضع الذي يحمد الله عليه».


وقد أخطأ عندما ظلم مسيلمة واتهمه بالنفاق لأن مسيلمة أدعى النبوة لنفسه ليتبعه قومه، ومثله فعلت مدعية النبوة سجاح، واتفقا على الدخول في مناقشة ليقنع أحدهما الآخر بمن هو النبي واجتمعا فعلا في خيمة وخرجت سجاح لتعلن نبوة مسيلمة الذي قتل، ونجت سجاح بعد أن تراجعت عما هي فيه. مسيلمة كذاب وليس منافقا ولذلك كان مصيره القتل.
مصر والسعودية


وتكرار المصير المأساوي للوركا


ومن بين المعارك التي اشتعلت تبادل الهجمات مع بعض وسائل الإعلام السعودية، إذ يبدو أن هناك حساسية بين الإعلاميين المصريين والسعوديين، لاعتقاد كل فريق أن حكومته هي التي تحركه لانتقاد الأوضاع في مصر والسعودية، فيسارع بالهجوم على النظام بدلا من الرد على الصحافي أو الإعلام وما أثاره، ففي «أخبار» الاثنين قالت زميلتنا الجميلة عبلة الرويني: «لم يقلق بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة من الحكم الصادر من إحدى المحاكم السعودية بإعدام الشاعر الفلسطيني أشرف فياض بتهمة الإساءة للذات الإلهية، وهو الذي سارع إلى إعلان قلقه بعد ساعات قليلة من احتجاز السلطات المصرية للناشط الحقوقي المصري حسام بهجت، فالحرية ليست للجميع في عرف الأمين العام للأمم المتحدة، والعالم يميل بموازينه حيث لاحق ولا عدل ولا حرية، هل يمكن أن نتكلم عن إرهاب داعش وتطرفهم وجنونهم، من دون الحديث (عن أنظمة مجنونة تكرر المصير المأساوي للوركا) كما قال الشاعرالع

راقي صلاح فائق؟.. هل يمكن أن تلقى دعوة الشاعر المصري محمد حربي (تحرير شاعر من المقصلة بقصيدة) التي يطالب فيها شعراء العالم بكتابة قصيدة تندد باعتقال أشرف فياض وتطالب بحريته؟».
الإعلام والفصل بين السخرية والحقائق


وقامت «المصري اليوم» في يوم الاثنين نفسه بنشر تحقيق لزملائنا منصور كامل ومحمد طه وباهي حسن في صفحتها الأولى جاء فيه: «بثت قناة العربية برنامجاً، تحت عنوان عصير انتخابي سخرت فيه من الانتخابات البرلمانية ونتائجها، وقالت المذيعة نيكول تنوري: العصير مستمر والعصرة الثانية من الانتخابات اللهم أعطنا على قد نيتنا في العصر واجعلها مزهزهة بالحضور الانتخابي، ولا تكسر بخاطرها مثل الجولة الأولى. وأذاعت عدداً من العناوين الساخرة منها: مرتضى يستجوب مرتضى ومصطفى بكري يؤكد: مش جايين نطبل، واستراتيجية حكومية لسحب الناخبين من تحت الأغطية هتدفعوا 500 جنيه، في إشارة إلى الغرامة المالية المقررة على من يتخلف عن الاقتراع. وتهكمت المذيعة على فوز أحمد مرتضى منصور وعبد الرحيم علي عن دائرة الدقي بقولها: مينفعش كل المطبلاتية دول ينجحوا، من دون رقاصة، فكان لازم تدخل سما المصري. كما سخرت من عدد المُشاركين في الجولة الأولى للانتخابات.


من جانبه قال اللواء رفعت قمصان مستشار رئيس مجلس الوزراء لشؤون الانتخابات خلال حواره لبرنامج «الحياة اليوم» على «قناة الحياة» أن القناة اتبعت أسلوباً مزج الهزل بالسخرية بحقائق مغلوطة، وهو أمر لا يليق من قناة مفترض أنها جادة ومحترمة. مؤكداً أن الإعلام يلعب دوراً مهماً في التوعية ونشر المعلومات لكن لابد من الفصل بين السخرية والحقائق».
هجمة سعودية متعمدة ضد الانتخابات المصرية


وفي «الوفد» لم يفوت رئيس تحريرها التنفيذي زميلنا وجدي زين المناسبة فقال في اليوم نفسه: «الفيديو الذي بثته قناة العربية للسخرية من الانتخابات البرلمانية المصرية عشية إجراء انتخابات المرحلة الثانية لمجلس النواب، مرفوض جملة وتفصيلاً، من الفضائية المملوكة للسعودية موعد إذاعة هذا التقرير لا يمكن أن يكون مصادفة، وإنما هو عملية مقصودة بنسبة 100٪ للتأثير على المصريين الذين يدلون بأصواتهم وبهدف إحداث شوشرة بين الناخبين ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن يخرج الأمر عن هذا الموقف كما أن هذا التقرير تعمد نشر مغالطات عندما قال إن نسبة التصويت في المرحلة الأولى 6٪ في حين أن النسبة كانت 26٪، وهي نسبة في الانتخابات في أي بلد مقبولة. الهجمة الشرسة التي تقوم بها الفضائيات المملوكة للسعودية على مصر في هذا التوقيت، تؤكد بما لا يدع أدنى مجال للشك أن هذا أمر متعمد للإساءة ليس للانتخابات فحسب، إنما هناك أسباب أخرى تتعلق بموقف مصر السياسي مؤخراً؟ على كل حال أتمنى أن يكون ما فعلته العربية بعيداً عن الموقف السياسي السعودي».
برنامج ساخر يتناول الانتخابات المصرية


وفي اليوم التالي الثلاثاء دخل زميلنا محمد الباز رئيس التحرير التنفيذي لـ«البوابة» المعركة رافعا مستوى الهجوم بالقول: «المذيعة اللبنانية نيكول تنوري تعمل في قناة العربية، المفترض أنها قناة تقدم مضمونًا جادًا، لكن ربما لحاجة في نفس القائمين عليها قررت إدارة القناة أن تقدم برنامجًا ساخرًا يتناول الانتخابات المصرية، وقبل أن تتعجب وتقول ولماذا لا تتناول الانتخابات في السعودية مثلا؟ سأقول لك: وهل هناك انتخابات في السعودية أساسا! لا يمكن لأحد أن يقنعنا باستقلالية قناة العربية عن أهداف ومصالح مالكها الشيخ وليد الإبراهيمي، الذي ربما يعتقد أنه يمكن أن يكون مؤثرًا في الحياة السياسية المصرية، وإذا كان وليد الإبراهيمي صاحب التاريخ المعروف للجميع يريد السلامة فليس عليه إلا أن يلم مذيعاته فالملفات كثيرة ومفتوحة».


مصر ستستيقظ بعد سنوات قليلة وقد جف نهر النيل


وننتقل الآن إلى «الشروق» عدد يوم الأربعاء ومقال الكاتب أشرف البربري الذي ترجم مخاوفه على مصر في مقاله هذا قائلا: «أغلب المؤشرات تقول إن شعب مصر قد يدفع حياته بكل ما تحمله الكلمة من معنى ثمنا لهذا الأداء الحكومي البائس في التعامل مع مشروع سد النهضة الإثيوبي، الذي تتفق معظم التقارير الدولية على أنه يفتقد الحد الأدنى من الدراسات، التي تضمن تقليص أي آثار سلبية له، سواء على مصر أو حتى على منطقة حوض النيل ككل.


إن طريقة تعاطي النظام الحاكم لدينا مع هذا الخطر الذي يكاد يكون الوحيد المستحق لوصف «الخطر الوجودي على مصر» بالطريقة الفاشلة نفسها، التي تعامل بها مع الكثير من الملفات، تؤكد أن مصر ستستيقظ بعد سنوات قليلة وقد جف نهر النيل، بعد أن تحجز إثيوبيا الماء عنه، خاصة أن هناك دراسات علمية تؤكد أن السنوات المقبلة ستشهد موجة جفاف عنيفة في منطقة هضبة الحبشة والقرن الأفريقي، في حين ستحجز إثيوبيا المياه القليلة خلف سدها الجديد.


وقد تداولت وسائل الإعلام خلال الأيام الماضية تصريحا منسوبا إلى وزير خارجية إثيوبيا تيدورس ادهانوم في جريدة أديس أدماس الصادرة باللغة الأمهرية في إثيوبيا يقول فيه إن مصر أضعف من أن تهاجم إثيوبيا، وإنها وافقت على كل اتفاقيات سد النهضة على عكس ما تروجه في وسائل الإعلام المصرية. وبدلا من أن تستدعي الخارجية المصرية سفير إثيوبيا وتطلب منه توضيحا لهذه التصريحات، أو نفيا لها، نرى المتحدث الرسمي باسمها أحمد أبوزيد يقول إن التصريحات الإعلامية غير صحيحة. والمطلوب منا كشعب طيب أن نكتفي بنفي وزارة الخارجية المصرية لتصريحات منسوبة لوزير خارجية إثيوبيا وكأن وزارتنا تعمل لحساب الوزير الإثيوبي…».
&