&شملان يوسف العيسى

جاءت ردود الفعل العربية والدولية قوية إثر أحداث باريس المؤلمة، حيث اشتدت وتيرة المطالبات الدولية بمكافحة الإرهاب، وتعهدت القيادات في كل دول العالم بملاحقة الإرهابيين وبمصادرة تمويلهم وزيادة التنسيق الاستخباراتي، وزادت وتيرة الهجمات الجوية من دول التحالف الغربي وروسيا وفرنسا.


التساؤل الذي علينا طرحه في الخليج: هل نحن مستعدون لتحمل كل نتائج وأبعاد الإرهاب الدولي الذي أصبح يهدد دول العالم أجمع؟


نحن متأكدون أن المجهود الدولي المكثف سوف يقضي على التنظيمات الإرهابية الموجودة في الدول العربية والولايات المتحدة، لأن هذه الدول لديها استخبارات قوية ومراكز بحوث ودراسات وإمكانات بشرية ومادية قوية، تستطيع محاصرة الإرهابيين في بلدانهم والقضاء عليهم مهما طال الزمن.


السؤال: هل ملاحقة «داعش» وغيره من التنظيمات الإرهابية دوليًا ستؤدي إلى نهاية التطرف والإرهاب في بلداننا العربية بشكل عام والخليج بشكل خاص؟ هل يمكن القضاء أو محاصرة «البيئة الحاضنة» للإرهاب في بلداننا الخليجية، خصوصًا أن الأجهزة الأمنية في السعودية والكويت والبحرين والإمارات كشفت خلايا إرهابية نائمة.. تم اكتشاف بعضها قبل القيام بأعمال إرهابية.


وزارة الداخلية الكويتية أصدرت بيانًا تعلن فيه خبر اكتشاف شبكة تمويل «داعش»، حيث تحقق النيابة العامة مع متهمين ينتمون إلى جنسيات عربية منضوين تحت تنظيم داعش، وذلك بعد ضبطهم بتمويل التنظيم من داخل الكويت.. صحيفة «السياسة» الكويتية نشرت يوم الاثنين 6/ 11/ 2015 تقرير موقع «ستاتيك» في دراسة له حول أكثر الدول دعمًا لتنظيم داعش عبر موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، ويدعي هذا الموقع أن الدول العربية احتلت المراكز الأولى في دعم «داعش».. بما أن هنالك بيئة اجتماعية حاضنة للتطرف والإرهاب في بلداننا الخليجية، فإنه من الصعب، إذا لم يكن من المستحيل، القضاء على التطرف والإرهاب.. خصوصًا أن دول الخليج ومجتمعاتها ذات طبيعة محافظة.. يلعب الدين دورًا أساسيًا في طبيعة العلاقة بين الدولة والمجتمع من خلال العلاقات القبلية - والطائفية والمناطقية.


لا يمكن لدول الخليج الاعتقاد أن الحل الأمثل للقضاء على ظاهرة التطرف والإرهاب هو زيادة الجرعة الأمنية، وإهمال أهمية الثقافة في محاربة التطرف والإرهاب إهمالاً تامًا، لذا ينبغي تشجيع الأدب والفن والمسرح والموسيقى والسينما بين الشباب الخليجي.


جماعات الإسلام السياسي من إخوان مسلمين وحركات راديكالية تم احتضانها في دول الخليج سابقًا لمحاربة التيار القومي والوطني والليبرالي.. اليوم، وجدت دول الخليج نفسها محاصرة من تيارات الإسلام السياسي المتطرف التي قامت بعدة عمليات إرهابية في بلدانها.


هنالك تحول في أساليب الإرهابيين وطرقهم في تنظيم القاعدة أو «داعش» وغيرهما، فالضربات الجوية المكثفة على كل من سوريا والعراق وليبيا دفعت بالكثير من المجندين المتطرفين الأجانب إلى العودة إلى بلدانهم وبدء عمليات إرهابية فيها، والدليل على ذلك ما حصل في باريس وحالة الاستنفار في بلجيكا.. ماذا عنا نحن دول الخليج؟ هل نحن مستعدون لمواجهة المتطرفين الخليجيين العائدين إلى بلدانهم؟ الأجهزة الأمنية وحدها لا تستطيع ملاحقة المتطرفين العائدين.. المطلوب جهود خليجية ودولية تعمل على تنسيق سياساتها لمواجهة الخطر المقبل، ولكن الأهم من كل ذلك هو وجود حركات مجتمعية مدنية تؤمن بالاستقرار في بلدانها.
&