عبدالله العوضي

تدخل الدولة في هذا اليوم ذرى المجد في أبهى حلة، حلة الشهيد الخضراء والمطرزة بالسندس حيث الحور الحسان وأنواع الجنان. لابد أن نصل إلى هذا الشعور، لتقوية المرابطين في أرض اليمن، والمدافعين عن شرعية الحق المبين، أن نكون معهم من زراع اليقين، وأن ما هم عليه هو واجب الحين وكل حين، حتى يقع برد السلام على الشعب اليمني ومن كان من خلفه سائرين.

&


هذا يوم مشهود سوف يشهد على أفعالنا عند رب العالمين على أننا لبينا النداء بعد أن قالت السيادة كلمة الفصل في إعادة الحق المغتصب في اليمن إلى أصحابه مهما كانت التضحيات، لأن عمر الأوطان لا يطول إلا بذلك.

الإمارات فخر الأوطان والأمم من حولنا ومآل الأجيال في مستقبلها الزاهر، إننا أمام تحديات عظام ذهبت من أجلها 68 شهيداً من أبناء الإمارات في اليمن ولازالت الدماء دافئة والمشاعر دفاقة لبذل المزيد منها إذا كان الواقع والحال لا يصلحان إلا بالمزيد من الشهداء الذين تروي دماؤهم مع دماء أشقائهم هناك في أرض اليمن التي أنَّت قبل أشهر من ظلم «الحوثيين» وظلمات «صالح» ومَن خلفهم مِن زمرة الارتزاق على أشلاء الأبرياء.

«هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم»، «رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فمنهم مَن قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلاً»، إن إخلاص هؤلاء لفرض الولاء والطاعة لأولي الأمر، هو الحكم العدل لما قاموا به من أدوار فاقت الإنسانية هدفاً وعلو الشأن مقصداً.

منذ أن سقط لنا أول شهيد في قلب جزرنا المحتلة طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى، والإمارات في تقدم بحرارة تلك الدماء في عروقها، فلم تثن التضحيات الدولة منذ ذلك العهد الأول أو تمنعها من أن تبادر إلى دفع رجالها البواسل إلى ساحة الوغى في أي بقعة إنسانية كانت، ففي غزو العراق للكويت كانت الدفعة الأولى من شهدائنا بسلاح غدر صدام لكل معاني القومية العربية التي كان يتغنى بها سنين عدداً حتى توارى عن الأنظار السياسية والقومية العربية في آن.

وفي لبنان لنا صولات وجولات، فقد فقدنا من الذين كانوا خبراء في نزع ألغام الغدر والخيانة والخديعة، بعد حرب أهلية طاحنة أكلت الأخضر فيها وتركت اليابسة بغير عمار.

وأما في البوسنة، فقد هب البواسل منا لوقف الفتنة القاتلة بين الصرب والألبان في معركة البوسنة والهرسك للعب دور الحياد الصعب وتقديم يد العون العاجل للمسلمين الذين ذاقوا الأمرَّين بين متعصبي الصرب وجزاريه، حيث كان الجندي الإماراتي هناك خير مثالٍ في أداء الدور الإنساني العالمي في القلب الأوروبي.

وقد يظن البعض بأن الشهيد هو مَن ذهب إلى لقاء ربه فحسب، بل الشهادة أعم من ذلك بكثير، فهو الشاهد على أن ظلم الإنسان لأخيه الإنسان إذا وجد من يضحي من أجل إزالته لن يدوم ولو طال ليله أكثر من نهاره، وهذا ما نلاحظه في عمليات «عاصفة الحزم وإعادة الأمل».

شهداؤنا الأحياء هناك في أرض المعركة يواصلون تحقيق أهداف النصر والانتصار الذي حفزهم عليه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان عندما قال: «في اليمن لا خيار لنا إلا الانتصار».. هذه الثقة الرائدة لكل جندي يرابط على تلك الأرض التي استعيد منها قرابة 75% من أيدي «الحوثيين» العابثين بمقدارت شعب آمن لم يكن ينقصه شيء وعلى رأس ذلك الحكمة التي نبعت من بين ثنايا العقول قرون عدداً. فلولا تضحيات الشهداء البررة من أبناء دولتنا البارّة ومن استشهد معهم من قوات التحالف وعلى رأسهم المملكة العربية السعودية الشقيقة، فيكفيهم شرفاً أنهم رفعوا رؤوس القيادة عالياً أمام الأشهاد في كل مكان.

فهنيئاً لمن نال هذا الشرف، وهنيئاً لمن نفسه تصبو لذات الشرف السامي، فحقاً هذا اليوم الأغر شاهد عدل على أننا على درب الحق سائرين، ولن نعود من أرض اليمن الشقيقة حتى تتخلص الشقيقة من رؤوس الحوثيين و«الصالحيين» والمرتزقة أجمعين.. وها نحن شهداء أيضاً على هذا اليوم المشهود.
&