أناتول ليفين

يُثير تنظيم "داعش" نوعاً من الرعب في الأوساط الدولية، خاصة بعد تبنيه استراتيجية يشن خلالها هجمات ضد الغرب، مما حدا بالقادة الأوروبيين للتنادي لمواجهة تهديدات التنظيم ومحاولة إضعافه وإلحاق الهزيمة به. فاتفق الرئيس الأميركي باراك أوباما وعدد من القادة الأوروبيين، عقب هجمات باريس، على ضرورة تدمير تنظيم داعش، وعلى إعادة الاستقرار إلى كل من سورية والعراق وعلى خفض معدل تدفق اللاجئين إلى أوروبا.


وإذا كان تنظيما "داعش" و"القاعدة" وأنصارهما هم الأعداء الأبرز بالنسبة للغرب، فإن علينا التركيز عليهم والتحرك لسحق هؤلاء الأعداء، وإنه يمكن إجراء تسويات مع الجماعات الأخرى بحسب الضرورة.
تتطلب الحرب الناجحة التركيز والقسوة وتحديد الأولويات والرغبة في التخلي عن الشعارات القديمة والبحث عن حلفاء جدد، وعلينا أن نتذكر أن روسيا في هذه الحرب تعتبر حليفاً وليست عدواً.


وتُعد تركيا صديقاً للغرب، لذا ينبغي عليها مراعاة المصالح التركية بسورية، وإعطاء أنقرة ضمانات بأنه لن يتحول إلى دعم روسيا بشكل غير مشروط، وأن يثق الغرب بأن أنقرة لا تتعامل مع تنظيم داعش ولا تشتري النفط منه.


ويجب وضع استراتيجيات لمواجهة تنظيم داعش، واحدة من أجل التركيز على محاربة التنظيم، والأخرى لتهتم بالنظام السياسي في مرحلة ما بعد التنظيم، وضرورة تبني الغرب استراتيجية جديدة تكون مدعومة من الأمم المتحدة.


وعن كيفية وإمكان إلحاق الهزيمة بالتنظيم الذي تبنى إسقاط طائرة الركاب الروسية فوق جزيرة سيناء وتبنى هجمات باريس وهدد بشن مزيد من الهجمات في الغرب وداخل الولايات المتحدة نفسها، فينبغي على الغرب تصعيد الضربات الجوية على المنشآت النفطية التابعة للتنظيم في شرقي سورية، والعمل على تجفيف المصادر الأخرى التي يستخدمها التنظيم في التمويل، حيث إن التنظيم يجمع ضرائب من سكان المناطق الشاسعة التي يسيطر عليها في كل من العراق وسورية، وعن طريق السلب والنهب من البنوك، وعن طريق الفدية جراء عمليات الاختطاف، وكذلك عن طريق بيع الآثار. وبما أن داعش يعتمد أيديولوجيا معينة، فينبغي مواجهة هذه الأيديولوجيا ضمن الأشياء الأخرى.


إن القوة الحقيقية لتنظيم داعش لا تكمُن في استيلائه على مساحات شاسعة من الأراضي ولا في الإيرادات النفطية أو مرافق التدريب أو القرب من الغرب أو السيطرة على عدة ملايين من الناس، بل قوته تكمُن في مدى تأثيره في الجهاديين حول العالم.