&
شدد الرئيس باراك أوباما على أن بلاده «لن تخضع لترهيب»، في وقت لم تكشف التحقيقات في جريمة قتل 14 شخصاً في مركز لرعاية المعوقين في كاليفورنيا وجود «علاقة تنظيمية» للزوجين المسلمين اللذين قاما بالجريمة، سيد فاروق وتاشفين مالك، وبين تنظيم «داعش» الذي وصفهما بأنها «مناصران». وأثار انعدام الأدلة على وجود مثل هذه الصلة مخاوف في أجهزة الأمن الأميركية من خطورة تأثير الأيديولوجيات المتطرفة لـ «داعش» على بعض المسلمين الأميركيين وهم في داخل منازلهم وتحويلهم إلى «ذئاب منفردة».


وتحدّثت وزارة الخارجية الأميركية عن «تهديد وشيك» لأمن قنصلية الولايات المتحدة في إسطنبول، في حين زادت المخاوف في بريطانيا من احتمال شنّ هجوم إررهابي إثر معلومات أوردتها صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية عن اتصال المدّبر المزعوم لاعتداءات باريس عبدالحميد أباعود (أباعوض)، بأشخاص يعيشون في بريطانيا. كما كشفت صحيفة «ذي غارديان» البريطانية أن أحد منفذي اعتداءات باريس زار هذه السنة العاصمة لندن ومدينة برمنغهام التي ذُكِرت سابقاً في قضايا لمتطرّفين، لكنها استدركت أن الأشخاص الذين تم الاتصال بهم «هم موضع تحقيق» يجريه جهاز الاستخبارات الداخلي (أم آي5) ووحدة مكافحة الإرهاب في الشرطة.


وبعد تأكيد مكتب التحقيقات الفيديرالي الأميركي (أف بي آي) انه يحقق في هجوم كاليفورنيا باعتباره «عملاً إرهابياً»، قال أوباما في خطابه الأسبوعي: «يحتمل أن يكون المنفذان تطرّفا لارتكاب هذا العمل الإرهابي. وإذا ثبت ذلك فإنه يُظهر خطر استسلام الناس إلى إيديولوجيات متطرّفة عنيفة». وزاد: «نعرف أن داعش ومجموعات أخرى تشّجع أشخاصاً في بلادنا والعالم على ارتكاب أعمال إرهابية، وهم يتصرّفون كذئاب منفردة غالباً، لكننا سندافع عن قيمنا الأميركية المتمثّلة في مجتمع حرّ ومنفتح، ونحن أقوياء ونتحلّى بصلابة، ولن نخضع لترهيب».
وكان الناطق باسم البيت الأبيض جوش أرنست صرّح بأن «من الصعب جداً منع أعمال إرهابية لأشخاص يتحرّكون بمفردهم».


وفيما يُعتبر هجوم كاليفورنيا الأكثر دموية في الولايات المتحدة منذ مذبحة مدرسة نيوتاون عام 2012، أورد «داعش» في نشرته الإخبارية الإذاعية باللغة العربية: «هاجم اثنان من أنصارنا قبل أيام مركزاً في مدينة سان برناردينو بولاية كاليفورنيا الأميركية، وأطلقا النار داخله، ما أدى إلى هلاك 14 شخصاً وجرح أكثر من 20». وأضاف: «ثم حدث تبادل للنار مع الشرطة التي طاردتهما لساعات وقتلتهما».
ويميز «داعش» بين «جنود الخلافة» أو «أسود الخلافة» الذين ينفذون هجمات وعمليات باسمه يتبناها في بيانات رسمية، وبين «الأنصار» الذين يُشيد بعملياتهم من دون أن يتبنّاها، علماً أن محققي «أف بي آي» أكدوا أن فاروق وزوجته «أعدا العملية بعناية، لكن لا مؤشرات إلى أن أنهما عضوان في مجموعة منظمة أو خلية».
وفي مقالة نادرة نشرتها على صفحتها الأولى، دعت صحيفة «نيويورك تايمز»، للمرة الأولى منذ 1920، إلى مراقبة أكثر صرامة للأسلحة النارية بعد إطلاق النار في كاليفورنيا. وانتقدت مقالة بعنوان «وضع حد لانتشار الأسلحة في أميركا» قرارات النواب في هذا الشأن، ودعت إلى منع المواطنين العاديين من حيازة بعض أنواع الأسلحة، إذ من العار أخلاقياً ووطنياً أن يُسمح لمدنيين بشراء أسلحة بطريقة شرعية بهدف قتل أشخاص بسرعة ووحشية».


لكن اللافت أن محمد أبورشيد وديفيد شيسلي، محاميي عائلة فاروق، قللا من خطورة الذخائر التي عثر عليها في شقة الزوجين. وقال شيسلي: «من الطبيعي في الولايات المتحدة امتلاك أسلحة في المنزل، وإذا زاول شخص الرماية يستطيع حيازة ألفي رصاصة في المنزل». كما حاول التقليل من أهمية ارتباط فاروق بشبكات إسلامية، وقال: «الإطلاع على صفحة إلكترونية لا يعني دعم ما كتب فيها»، داعياً إلى عدم إدانة المسلمين. ومعلوم أن زوجة فاروق، تاشفين، كانت بايعت تنظيم «داعش» على صفحتها على «فايسبوك». ونشرت وسائل إعلام أميركية أنها عاشت 20 سنة في المملكة العربية السعودية وتزوّجت من فاروق (المولود في أميركا) بعدما تعرفت عليه على موقع تعارف على شبكة الانترنت.


وأظهر أول استطلاع للرأي حول المسلمين الأميركيين بعد اعتداءات باريس وهجوم كاليفورنيا، أن 51 في المئة من الأميركيين ينظرون إلى المسلمين الذين يعيشون في الولايات المتحدة بالطريقة ذاتها التي ينظرون بها إلى أي طائفة أخرى، في حين اكتفى 14.6 في المئة منهم بالقول إنهم «خائفون».
وصرّحت أماني جمال، أستاذة العلوم السياسية في جامعة برنستون، بأن من الأمور «الصحية» رؤية الغالبية تنظر إيجاباً إلى المسلمين، لكنها حذرت من تزايد المخاوف، «ما يحقق هدف الإرهاب في زيادة الهوة بين المسلمين والغربيين».