عبد الحميد الأنصاري

في الوقت الذي كان المرشح الجمهوري للرئاسة الأميركية، الملياردير دونالد ترامب، يطلق تصريحاته العدائية تجاه المسلمين مطالباً بمنعهم من دخول الولايات المتحدة، كان رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو، يستقبل بنفسه أول مجموعة من (163) لاجئاً سورياً، في مطار تورونتو، وسط حفاوة بالغة واستقبالات رائعة من قبل الشعب الكندي.

ترامب لا يمثل إلا نفسه والمجموعة التي تؤيده من الحزب الجمهوري، وهو وإن كان أبرز مرشحي الحزب ولا يزال مؤيداً من قبل الغالبية داخله، فإن تصريحاته العنصرية المعادية للآخر، قضت على آمال الحزب في الوصول إلى الرئاسة، وسيضطر مرغماً لسحب تأييده ودعمه له، خاصة أن معظم استطلاعات الرأى تشير إلى أن غالبية الشعب الأميركي ضد تصريحات الملياردير وضد سياسته العدائية للعالم الإسلامي. فقد أشارت آخر الاستطلاعات إلى أن ثلثي الأميركيين ينظرون بإيجابية للإسلام والمسلمين، بل إن وكالات الأنباء نقلت أن مجموعة من الأميركيين نظمت حملة إلكترونية للتوقيع على عريضة تدعو للمقاطعة الاقتصادية لكافة مشروعات وفنادق ومنتجات ترامب، وقالت إن إهانة الأعراق والأديان ليست عملاً هجومياً أو خاطئاً أو يتعارض مع القيم الأميركية فقط، بل هو موقف يقلل من مكانة أميركا على الساحة العالمية ويضع أمنها القومي في خطر.

&


أعجبني تصريح رجل الأعمال الإماراتي الشهير، خلف الحبتور، والذي سبق وأن كتب مقالاً يدعم فيه ترشيح ترامب، لكنه فور صدور التصريحات العنصرية، سارع وأبدى أسفه واعتذاره، معبراً عن صدمته العميقة وخيبة أمله فيه، ولم يكتف بذلك، بل حذر الشعب الأميركي من خسارة 1.8 مليار مسلم إذا وصل ترامب للرئاسة، وأشار إلى التداعيات الخطيرة على الاقتصاد والوظائف في أميركا في حالة سحب المسلمين ودائعهم واستثماراتهم هناك، كما طالب الحبتور بقطع المسلمين كافة علاقاتهم التجارية مع ترامب ومقاطعة سلعه ومنتجاته.

وحسناً فعلت «داماك» بإزالة علامة ترامب عن مشروعها لنادي الجولف العالمي، والمنتظر من «داماك» وغيرها من الشركات العربية الأخرى التي تتعامل مع شركات ترامب، وبخاصة الشركات الخليجية التجارية والخطوط الجوية الخليجية التي تستأجر فنادق ومنتجعات مجموعة ترامب، قطع علاقاتها مع هذا الملياردير العنصري، إذ بعد هذه التصريحات لا أتوقع أن عربياً أو مسلماً سيتعامل مع مشاريع هذه المجموعة. وإذا كانت أسكتلندا قد سحبت منه لقب سفير الأعمال والدكتوراة الفخرية، كما بلغ عدد الموقعين على عريضة منعه من دخول بريطانيا أكثر من نصف مليون بريطاني، فأولى بالعرب والمسلمين أن يتخذوا خطوات عملية حازمة تجاه من يتعالى عليهم ويطلق تصريحات مسيئة لهم ولدينهم!

والمفارقة العجيبة أن هذا المشرح العنصري، جنى وما زال يجني أرباحاً كبيرة من مشاريعه المشتركة مع الشركات في العديد من الدول الإسلامية، وقد سبق أن كان معرضاً للإفلاس في منتصف التسعينيات، لكن أحد أشهر الأثرياء ورجال الأعمال العرب قرر حينذاك شراء أحد أكبر فنادقه (بلازا نيويورك)، مما أسهم في إنهاء ديونه!

ومن هنا أيضاً نحيي مجموعة «لاندمارك» الإماراتية، إحدى أكبر شركات التجزئة في الشرق الأوسط، والتي بادرت إلى سحب كل منتجات «ترامب هوم» من كل متاجرها في الكويت، والإمارات، والسعودية، وقطر، وباكستان، وليبيا، واليمن، وتنزانيا.

ختاماً: الكراهية، آفة خطرة، إذا أصيب بها إنسان، أصبح مصدر خطورة على أهله وأسرته قبل الآخرين، فكيف إذا كان سياسياً مرشحاً لقيادة دولة عظمى! إذ كيف يأتمنه الشعب الأميركي على مستقبل بلده؟ بل كيف يأمن العالم من نزواته العدائية المتقلبة؟!
&