فواز العلمي

في عهد سلمان بن عبدالعزيز، سنواصل العمل لتخفيف اعتمادنا على النفط كمصدر وحيد للدخل، وتمكين قدرات قطاعنا الخاص لتنويع مصادر دخلنا وتوطين وظائفنا، وتسريع فتح أسواقنا المحلية للاستثمار لتوسيع قاعدتنا الإنتاجية ورفع مستوى القيمة المضافة المحلية

&


في تاريخنا المعاصر قلما نجد دولة في قريتنا الكونية مثل المملكة العربية السعودية، التي تتمتع بقدراتها الذاتية في نقل السلطة وتوحيد الكلمة وتحديد الرؤية، ليس لكون السعودية تعيش اليوم مرحلة مفصلية محاطة بالتحديات الخطيرة، وإنما لتمتع المملكة بعمق استقرارها السياسي وترابط نظامها المؤسساتي. فانتقال السلطة بشكل سلس وحاسم لم يفاجئ العالم أجمع بهدوئه وتنظيمه فقط، بل قضى بسرعة الضوء على كافة التأويلات والإشاعات والتحليلات، وأثبت أن مكانة المملكة وأهدافها وطموحاتها لن تتأثر بانتقال السلطة.


فخلال عهد عبدالله بن عبدالعزيز، طيب الله ثراه، حققت المملكة عضويتها بجدارة في مجموعة العشرين ومنظمة التجارة العالمية، وأطلقت 14 مبادرة محلية وإقليمية ودولية، أهمها مبادرة الحوار بين الأديان، والمبادرة العشرية بين الدول الإسلامية، ومبادرة الاتحاد الخليجي. كما أكملت المملكة 245 إصلاحاً اقتصادياً، وواصلت تصدرها لدول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في جذب رؤوس الأموال، وتقدمت عالميا إلى المرتبة الـ4 في الحرية المالية والمركز الـ7 لأفضل النظم الضريبية تحفيزا للاستثمار في قريتنا الكونية. وهذا أدى لتضاعف ناتجنا المحلي الإجمالي بنسبة 280% وارتفاع عدد مصانعنا بنسبة 175% وعدد جامعاتنا بنسبة 300%، فأصبحت المملكة اليوم مثالا للاقتصادات الناشئة في سرعة تكيفها مع المتغيرات العالمية، ليس لامتلاكها 25% من احتياطي النفط العالمي فقط، بل لتمتعها بأكبر الأسواق التجارية الحرة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، التي فاقت قيمتها 25% من مجموع الناتج المحلي الإجمالي العربي.


وكما كنا نتحدث بالأمس عن قدراتنا الاقتصادية، التي أملتها في المقام الأول مكانتنا الفريدة كأكبر مخزون للنفط في العالم، فكنا نشير أيضا إلى أقوى اقتصاد في العالم العربي، والثامن عشر على مستوى العالم. ونحن اليوم، نتحدث عن نفس الدور الذي ستلعبه السعودية مستقبلا، معتمدا في المقام الأول على قدراتنا الذاتية في خوض التنافسية العالمية لتحقيق نتائجنا الملموسة وأهدافنا الطموحة.
لذا فإننا، في عهد سلمان بن عبدالعزيز، سنواصل العمل لتخفيف اعتمادنا على النفط كمصدر وحيد للدخل، وتمكين قدرات قطاعنا الخاص لتنويع مصادر دخلنا وتوطين وظائفنا، وتسريع فتح أسواقنا المحلية للاستثمار لتوسيع قاعدتنا الإنتاجية ورفع مستوى القيمة المضافة المحلية.


وفي عهد سلمان بن عبدالعزيز، سنسعى لتصبح أسواقنا الملاذ الآمن المميز لأفضل بيئة أعمال استثمارية في العالم وأكبر قوة تنافسية في المعمورة، والموطن الرئيس لصناعة وتصدير أجهزة تقنية المعلومات والهواتف الذكية وقطع غيار محطات التحلية والكهرباء ومعدات النقل ومواد البناء، لتأمين مستقبل أجيالنا وتنمية صادراتنا غير النفطية.


وفي عهد سلمان بن عبدالعزيز سنكثف جهودنا لتتألق مكانتنا المميزة في مجموعة دول العشرين، خاصة أن صندوق النقد الدولي أعلن في نهاية العام الماضي أن السعودية حققت في السنوات الخمس الأخيرة أفضل أداء من بين دول مجموعة العشرين. فالرصيد السعودي للمالية العامة استقر على قمة الأرصدة بين اقتصادات المجموعة، ومتوسط معدل النمو في الناتج المحلي الإجمالي للمملكة حقق المركز الثالث بعد الصين والهند بواقع 6%، والانخفاض في نسبة الدين التراكمي إلى إجمالي الناتج المحلي وصل إلى 7,5%، لتتفوق المملكة على الصين التي سجلت دينا نسبته 20% وروسيا التي سجلت 10%. وفي نمو القطاع الخاص الغير النفطي احتلت المملكة موقعا متقدما بين مجموعة دول العشرين تفوق نسبته 7,6% خلال العام الحالي.


وفي عهد سلمان بن عبدالعزيز سنواصل سباقنا مع دول العالم في الاستثمار المعرفي، حيث أكد تقرير البنك الدولي أن المملكة سبقت أكثر دول العالم تقدما في تصنيفها العالمي، وقفزت 26 مرتبة منذ عام 2000 لتحتل المركز الـ50 من بين 146 دولة تضمنها التصنيف. كما قفزت المملكة في العام الماضي للمرتبة الـ30 بين 181 دولة في عدد براءات الاختراع، وحققت المرتبة الأولى بين الدول العربية في اعتماد 50% من إجمالي براءات الاختراع، لتحقق المملكة أعلى نسبة ارتفاع في المعدل السنوي للنشر العلمي للدراسات العلمية والأبحاث بمقدار 33%، تلتها الصين بمقدار 13%، ثم البرازيل بنسبة 9%، وكوريا الجنوبية بنسبة 7%.


وفي عهد سلمان بن عبدالعزيز سيؤدي دمج قطاعات التعليم بالمملكة إلى تحصين الفكر وإثراء المعرفة، فطبقا لإحصاءات منظمة اليونيسكو الصادرة في العام الحالي، حققت المملكة المرتبة الأولى عالميا في نسبة الصرف على التعليم من الميزانية السنوية تفوق 26%، وحققت المركز الأول دوليا في نسبة المبتعثين لعدد السكان بنسبة تزيد عن 0,03%. كما جاءت المملكة في المرتبة الرابعة بعد الصين والهند وكوريا الجنوبية في عدد الطلاب المبتعثين خارج أوطانهم، لتتقدم السعودية بذلك على اليابان وأميركا الشمالية والجنوبية وجميع الدول الأوروبية. لذا تربعت المملكة على المركز الخامس بين 135 دولة في أسرع دول العالم تقدما على مقياس التنمية البشرية خلال العقد الماضي.


وفي عهد سلمان بن عبدالعزيز سنواصل دورنا التنموي على المستوى العالمي، لتبقى المملكة متصدرة أفضل المراتب بدعمها لمشاريع التنمية في العالمين العربي والإسلامي، من خلال رصد نسبة 4% من ناتجها المحلي الإجمالي لتمويل المشاريع التنموية الموزعة على أكثر من 60 دولة حول العالم.


وكما حصدنا نتائج أعمالنا في عهد عبدالله بن عبدالعزيز، طيب الله ثراه، سنحصد في عهد سلمان بن عبدالعزيز ما زرعه مؤسس دولتنا الملك عبدالعزيز، رحمه الله.
&