&فيصل الشيخ
&

البحرين ليست الدولـة الأولى فـــي العالــم ولن تكون الأخيرة التي تسقط الجنسية عن عدد من مواطنيها قاموا بخرق القوانين ولم يلتزموا بضوابط الدولة، فاستحقوا بذلك تجريدهم من جنسية البلد.
بالتالي المرسوم الصادر يوم أمس بإسقاط الجنسية عن 72 شخصاً يأتي كخطوة في الاتجاه الصحيح، وهو إجراء مطلوب أن تتخذه الدولة، خاصة حينما ندخل في إطار الحديث عن الحقوق والواجبات.
قبل التفصيل في هذا الشأن، من الضروري القول بأن البحرين يسجل لها التاريخ أنها من أكثر الدول التي امتلكت قيادتها ممثلة في جلالة الملك حفظه الله القدرة على الصبر والتعامل الحليم الأبوي مع أبنائها حتى من مارسوا ضدها أشنع المخالفات، سواء بالانقلاب عليها أو تشويه صورتها وحتى التطاول على رموزها. وهذه نقطة لا يمكن لأحد إنكارها، إذ البحرين تتعامل دائماً بأسلوب التسامح ومنح الفرص المتتالية على اعتبار أن من يخطئ يمكنه أن يراجع نفسه ويمتلك بالتالي فرصة الرجوع والعودة ليكون من ضمن نسيج المجتمع المتعايش والعامل على نهضة بلده.


بالنظر للأسماء التي أسقطت عنها الجنسية، يتضح منها أنها معنية بأناس كانت لهم علاقة مباشرة بعملية الانقلاب التي شهدتها البحرين، وهناك من صدرت بحقهم أحكام وهربوا من البلد، وهناك من هو مستمر في ممارساته المعادية للبحرين، إضافة لوجود أشخاص انخرطوا في تنظيمات إرهابية وتجمعات مسلحة صنفها المجتمع الدولي على أنها تجمعات إرهابية.
كل هذه الممارسات تدخل في إطار الإخلال بواجبات المواطنة، كلها تمنح المسوغ القوي لسحب الجنسية وعدم ربط هذه العناصر ببلد مسالم يدعو للتسامح والسلام مثل البحرين، فبلدنا ليست مصدرة للإرهاب ومباركة له، وليست دولة تبرر الأخطاء الجسيمة وتتغاضى عنها باعتبار التزامها بالقانون.


من انخرط في تنظيم إرهابي يعيث في الأرض الفساد منحت لهم أكثر من فرصة للعودة إلى البحرين وترك ما هم عليه، بعضهم رجع وبعضهم كابر وظل فيما هو عليه، أيضاً من مازال يمارس التحريض ويناهض الدولة ويشوه صورتها في الخارج سنحت له فرص عديدة ليوقف ممارساته هذه والعودة لبلده، لكن ما العمل مع من يصر على المضي في طريق غير سوي.
هي معادلة الحقوق والواجبات، فالمواطن في أي بلد لديه حقوق يجب أن تؤديها له الدولة، حقوق في الخدمات والمعيشة والصحة والتعليم والحماية والأمن وغيرها، لكن في مقابل ذلك هناك واجبات يجب عليه تأديتها، على رأسها الولاء للبلد والالتزام بقوانينها ونبذ التطرف والإرهاب والتحريض وعدم التحول لعنصر فاسد أو سيء في المجتمع، وهنا لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يطالب شخص ما بحقوقه طالما هو مخل وبشكل فاضح بواجباته، إذ الإخلال بالواجبات يسقط الحقوق على الفور، وهذا عرف موجود حتى في أعرق الديمقراطيات، وتتبعه حتى الولايات المتحدة وبريطانيا التي كانت واضحة وصريحة في تطبيق ذلك حينما وقعت أحداث شغب لندن.
البحرين بلد مؤسسات وقانون، وحتى تظل كذلك لابد من الالتزام بمعادلة الحقوق والواجبات، ومن يتخلى عن واجباته، لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يلوم الدولة ويقول لها: أين حقوقي؟!
التزم بواجباتك، بعدها لا يمكن لأحد أن يلومك على المطالبة بحقوقك عبر صور المطالبة المكفولة دستورياً والمتبعة للأساليب الحضارية الراقية التي لا تخرج عن إطار الوطنية.


&