مساعد العصيمي

نحن في زمن الشفافية والمعلومة الحقيقية، لا لبس ولا تصنع، وفي ذلك ومنه نؤمن أن بلادنا كما غيرها يطالها التغير رقيا وفكرا وتفاعلا مع العالم، سواء على مستوى القيادة أو ما يخص المجتمع والفكر والتفاعل مع الآخرين. لسنا في معزل ولسنا في إطار خصوصية مغلقة كما تلك التي ادعاها بعض المنظرين.


الحقبة السعودية الحالية حقبة جديدة وتحدياتها كبيرة، تحت قيادة خادم الحرمين الملك سلمان بن عبدالعزيز سترتكز على تطلعات ومعايير نثق في أنها ستكون الأفضل، وبلا شك أن الموقع المهم للمملكة العربية السعودية اقتصاديا وسياسيا هو ما يدفع إلى قراءات كل الملفات المحيطة، وهو عمل يحدث مع أي تغيير في بلد كبير ومؤثر، لكن أن يضع بعض المنظرين الأمور في غير نصابها، وكأن المملكة العربية السعودية قد نفضت كل ما كانت عليه خلال الحقبة السابقة، ففي ذلك ادعاء وتجنٍّ على الحقائق واستباق لشيء لم يعلن، وحتى لم يحدث.


تتصفح بعض الكتابات أو تستمع إلى آراء محللين من أولئك المنظرين فتجد أن كل الملفات التي تعنى بها السعودية قد حضرت، العلاقات الخليجية فيما بين دولها، والأحداث في اليمن، والعلاقات مع مصر، وما يجري في العراق وسورية، والسياسة النفطية، بل العلاقات مع الغرب، والشأن الداخلي، كل يراها بعين المتوقع الذي لم يستند على شأن ثابت، ولعل ما يثير الغرابة أكثر أن يميل البعض إلى الاستناد على آراء عُرفت بالكذب والتحيز وبما كشفه التاريخ كثيرا عنها، كالبريطاني ديفيد هيرست "صاحب مقولة إن مصر تريد احتلال ليبيا" ليقرأ أن التغييرات التي حدثت سعوديا ستغير في العلاقات الخليجية، وإن كان يستند على الأشخاص المتغيرين، إلا أنه لم يبن على التاريخ والأساسيات الراسخة التي ترتكز عليها دول المجلس في علاقاتها فيما بينها، وهو ما نحسب أنه قد دخل في باب التنظير والادعاء الكاذب.


نقول إنه من غير اللائق أن نقرأ عن توجهات المملكة بتلك النظرة المتسرعة جدا، أو حتى ننقل ما هو بعيد كليا عن الحقيقة لأن هذه البلاد ترتكز على مفاهيم ثابتة وجلية ولا تختلف عليها الحقب المتتالية فيما يخص مجلس التعاون والعلاقات مع مصر والعرب، بل في نظرتها الثابتة الرافضة للإرهاب والتسلط والقتل في سورية وغيرها.


ما يعلمه السعوديون قبل غيرهم أن الملك سلمان بن عبدالعزيز رجل عُرف بالروية وبعد النظر، بل إنهم يدركون تماما أنه رجل المرحلة والتفاعل التام مع المستجدات، وهو أحد الداعين دائما إلى محافظة هذه البلاد على منهجها الذي انتهجته على الصعيد الخارجي منذ عهد مؤسسها الراحل الملك عبدالعزيز آل سعود، والقائم على سياسة الاعتدال والتوازن والحكمة وبُعد النظر، ومع ذلك فإننا كمدركين أكثر لواقع بلادنا وفكر حكامنا أن تُعَزِّز المملكة في عهد الملك سلمان حضورها على الصعيد الدولي، والعربي وتواصل دعمها السلام والأمن عربيا ودوليا، بل إن بُعد نظر الملك يزيد من التفاؤل بأن يتنامى تأثير المملكة في الملفات الدولية، والرقي الداخلي، ولا شأن لنا بالمنظرين، بل بما نلمسه على أرض الواقع.