&محمد خروب


يقترب السابع عشر من اذار «الاسرائيلي» فيما «تَتَظهّر» الخريطة الحزبية على نحو مفاجئ, لا يترك للمتابع فرصة لاعادة تجميع اجزاء الصورة المركبة, التي بدت بعد انهيار ائتلاف نتنياهو اثر قراره إقالة وزير المالية يئير لبيد زعيم حزب يش عتيد (يوجد مستقبل) ووزيرة العدل تسيبي ليفني رئيسة حزب هتنوعاه (الحركة), ما ادى الى حلّ الكنيست رقم 19 نفسه والذهاب الى انتخابات مبكرة, ظن كثيرون انها ستطيح نتنياهو الذي لن يجد له حليفاً (أو حلفاء) بعد الانتخابات هذه, سوى الاحزاب الدينية المتطرفة, اضافة الى حزب «المستوطنين» المسمّى البيت اليهودي بزعامة نفتالي بينيت الاكثر تطرفاً وعنصرية في الساحة الصهيونية.


الانتقادات اللاذعة التي يوجهها كثيرون في وسائل الاعلام, من ساسة وكتّاب ومواطنين عاديين لنتنياهو, فضلاً عن تصريحات قادة الاحزاب المنافسة وبخاصة في المعسكر الصهيوني (اطلق زعيم حزب العمل اسحق هيرتسوغ وحليفته رئيسة حزب الحركة تسيبي ليفني على تحالفهما هذا الاسم, الذي أنكره عليهما قادة اليمين الصهيوني باعتبارهما يساريين (...) ويعارضان الفكرة الصهيونية, كما زعم هؤلاء).. إضافة الى التسريبات حول فساد نتنياهو وزوجته سارة واحتمالات تضررهما من الدعوى التي اقامها عليهما مدير منزلهما, ناهيك عن حكاية «القناني» المُسترجعة نقداً لصالح سارة شخصياً, دون إهمال بالطبع للآثار المترتبة على قرار نتنياهو تلبية دعوة رئيس مجلس النواب «الجمهوري» له, لإلقاء خطاب في الكونغرس قبيل فترة الانتخابات في اسرائيل, ودون علم اوباما, ما دفع الناطق باسم الاخير الى التنصل من الدعوة, والاعلان أنه لن يقابل نتنياهو عند قدومه الى واشنطن بحجة أن واشنطن لا تستقبل قادة يخوضون الانتخابات في بلادهم!
كل هذا لم يؤثر (وفق الاستطلاعات) في شعبية نتنياهو (رئيساً للوزراء), كذلك في عدد المقاعد التي سيحصل عليها حزبه الليكود, في الوقت ذاته الذي تتراجع فيه فرص تقدم (المعسكر الصهيوني) في عدد المقاعد, فضلاً عن أن امكانية ترؤس اسحق هيرتسوغ للحكومة الجديدة لم تعد واردة, إلا إذا وفّرت له القائمة العربية الموحدة «شبكة امان» كما فعلت مع حكومة اسحق رابين اوائل تسعينات القرن الماضي.
هل قلنا القائمة العربية الموحدة؟
نعم.. فهذه القائمة التي «وُلِدَتْ» في شكل مدهش يدعو للاعجاب وربما الاستغراب، اذا ما عدنا للعقود السابقة، حيث كانت «العداوة» بين الاحزاب والقوائم العربية في اسرائيل، اشد ضراوة وحقدا مما هي مع القوائم اليهودية بل والصهيونية العنصرية ووجدنا من يصوت من الجمهور العربي لصالح احزاب صهيونية متطرفة مثل الليكود واسرائيل بيتنا والمفدال، نكاية بالخلافات «العربية» التي يصعب تجاوز حقيقة ان معظمها شخصي وتصفية حسابات جهوية او مناطقية او طائفية، واذ «الفضل» يعود الى افغيدور ليبرمان رئيس حزب اسرائيل بيتنا الذي فقد بريقه وتراجعت شعبيته بعد فضائح الفساد التي تحقق فيها النيابة العامة، حيث هو «ليبرمان» من اقترح قانون رفع نسبة الحسم لتصبح 25ر3% بهدف شطب القوائم العربية، فان ما «اجترحته» الاحزاب العربية في اسرائيل من معجزة التوافق على قائمة موحدة، يجب ان يؤسس لتعاون جديد مستقبلاً, ينهض على احترام التعددية وحق الاختلاف والالتقاء عند الجوامع والمشتركات التي تفيد المجتمع الفلسطيني في اسرائيل وتنتزع حقوقه من براثن الدولة العنصرية.
نقول: القائمة العربية الموحدة تتعرض الان الى «تصويب» من قِبَلِ معظم ان لم تقل كل الاحزاب الصهيونية (باستثناء ميرتس بزعامة زاهافا غال اون) وتتهمها بالعنصرية (..) وعدم الاهتمام بالناخب اليهودي, بل وتسعى الى شطب اسم البرلمانية الشجاعة حنين الزعبي, بزعم انها تساند الارهاب وتقول عن نفسها انها فلسطينية أولاً ثم اسرائيلية، والاغرب هنا هو تأييد تحالف المعسكر الصهيوني (هيرتسوغ وليفني) للدعوى المرفوعة لدى محكمة العدل العليا الاسرائيلية بشطب اسم حنين الزعبي ما يثير التساؤل حول جدية هذا «المعسكر» الذي يوصف باليساري احيانا ويتمنى مناصروه (من داخل اسرائيل وخارجها بمن فيهم بعض العرب والفلسطينيين) ان يَهزِمَ نتنياهو ويشكل حكومة اسرائيل الجديدة التي ستكون مؤيدة لعملية السلام (اكثر من نتنياهو) فيما الحقيقة السياسية والحزبية لدى هذا التحالف الانتهازي الضعيف... غير ذلك تماما.
صحيح ان هيرتسوغ وليفني جمّدا تأييدهما الدعوى لدى المحكمة

ضد حنين الزعبي, إلاّ ان ذلك لم يغيّر شيئا من واقع مواقفهما التي لا تختلف مع مواقف نتنياهو إلاّ في بعض التفاصيل الثانوية، الأمر الذي التقطه على نحو ذكي معلق سياسي بارع معروف (جدعون ليفي)، يوم امس في مقالته بصحيفة «هآرتس» تحت عنوان «المعسكر الازدرائي».. «.....يكفي احيانا اتخاذ قرار سيء واحد حتى يُشير الى السلوك بكامله.. هكذا كان قرار المعسكر الصهيوني لدعم فصل حنين الزعبي من حق الترشح للكنيست، مع يسار كهذا-يستطرد ليفي-لم تَعُدْ هناك حاجة الى افغيدور ليبرمان حتى ياريف ليفين، عاد فائضاً عن الحاجة».
هل يعود نتنياهو رئيساً للوزراء لولاية «رابعة»؟.. يبدو-حتى الآن-أن الجواب.. نعم.

&