سوريا لتوسيع العمليات الأردنية لتشمل النصرة و الإخوان يحذرون من استقرار حزب إلله والإيرانيين شمال المملكة

بسام البدارين

&حصل التناغم بالصدفة بين السفير السوري المبعد عن الأردن بهجت سليمان وموقف مسؤولين أمريكيين في الاتجاه المضاد لدخول الأردن تحديدا «حربا برية» داخل الأراضي السورية في إطار المواجهة مع تنظيم «داعش».
السفير سليمان المناكف دوما للحكومة الأردنية والمشكك بكل مواقفها واتجاهاتها بعدما طردته من عمان حذر على صفحته على «فيسبوك» الأردنيين من «فيتنام» ستواجههم إذا ما دخلو سوريا برا مستغربا ما أسماه بـ «النفخ» المقصود بقدرات الأردن العسكرية حتى يتورط بالأمر.


مداخلة السفير المثير للجدل تزامنت مع تصريحين سوريين صدر الأول عن الرئيس السوري بشار الأسد نفسه وهو يكشف لهيئة الإذاعة البريطانية تلقي «معلومات» بدون «حوار أو تنسيق» حول عمليات القصف داخل بلاده.
ومع تصريح آخر لوزير الخارجية السوري وليد المعلم رفض فيه مشاركة الأردن بحرب برية وأعاد اتهام عمان بالمشاركة في «توريد» الإرهابيين إلى بلاده وهو خيار رد عليه وزير الاتصال الأردني بالرفض، قبل ان تصدر حكومته تصريحا تؤكد فيه بأن كلفة استضافة اللاجئين السوريين بلغت ملياري دولار.
تساءلت كل القطاعات الأردنية الحيوية عن أسرار وخلفيات التصريحات السورية المتزامنة والمنسقة التي تحذر الأردن من حرب برية على تنظيم «داعش» خصوصا وان عمان لم تعلن إطلاقا حتى اللحظة على الأقل بأن عملياتها ضد «داعش» في سوريا ستتوسع برا.


الأردنيون بالتزامن سمعوا نصائح مماثلة من مسؤولين في واشنطن وصفت أي دخول بري للعراق أو سوريا بأنه سيكون «مقبرة» للقوات التي ستدخل.
موقف مسؤولي دمشق أثار الريبة أردنيا وفقا لفرضية الترحيب السوري المعتاد بأي جهود تحت عنوان قيام الآخرين بواجبات التصدي للإرهاب داخل سوريا.
لكن في دوائر القرار الأردنية العميقة يشار إلى ان «المعلومات» التي يتحدث عنها الرئيس بشار الأسد هي في الواقع «بلاغات أردنية» كانت تقدم قبل القيام بقصف لمراكز داعش داخل محافظة الرقة السورية.
عمان باتت تشعر بأن حماسها لمواجهة أخيرة مع «داعش» لا زال يقابل بأجندة أمريكية «غير متحمسة وغير داعمة» وبأجندة اعتراضية من دمشق التي كانت قد أبلغت مرات عدة بأن مشكلة الإرهاب في درعا هي مشكلة أردنية.
الخلاف مع دمشق سببه حصريا أن الطائرات الأردنية بعد إعدام الطيار معاذ الكساسبة بدأت تقصف في الرقة وليس في محيط درعا شمال الأردن.
لافت جدا قبل خمسة أيام ان الجيش النظامي السوري بدأ يحشد قطاعاته في محيط درعا الملاصقة للحدود مع الأردن، فيما قصفت الطائرات الأردنية قاتلي طيارها في الرقة.
انطباع وزير الخارجية الأردني ناصر جودة أن دمشق «غير راضية» عن ما تسميه أوساطها الضربات «الانتقائية» للطائرات الأردنية فهي تضرب «داعش» في الرقة بينما لا تتصدى لجبهة النصرة الأقرب في درعا.
من هنا يتحدث الوزير وليد المعلم عن استمرار تسهيلات الأردن للإرهابيين.
الأولويات الأردنية واضحة الملامح في هذا الاتجاه فالثأر مع «داعش» وليس مع النصرة والأدلة التي تسوقها دمشق وراء الكواليس تشير للإفراج عن منظر التيار السلفي الشهير الشيخ أبو محمد المقدسي صاحب النفوذ الكبير في صفوف جبهة النصرة والرجل الذي لا ترد كلمته عند مشايخ «النصرة».


غالبية أنصار التيار السلفي الجهادي الأردني من «أصدقاء» النصرة وقليل منهم يؤيدون داعش وعمان بعد إعدام الكساسبة لم تنفذ اي اعتقالات في صفوف النشطاء المؤيدين لجبهة النصرة.
دمشق تريد موقفا جذريا وليس تكتيكيا فقط وعمان تسعى لاستقرار نظام أولوياتها في مواجهة داعش ومعركتها ضد داعش داخليا وإقليميا من الصعب إكمالها بدون «تفاهمات» ولو مرحلية مع جبهة النصرة وأنصارها الكثر في الساحة الداخلية.
لذلك تبرز الخلافات بين العاصمتين في الكواليس رغم ان «التنسيق المعلوماتي» حاصل في مسألة الغارات الجوية وهو ما لم ينفه الرئيس الأسد.
المعنى سياسيا أن دمشق تريد «تفاهمات كاملة» وصفقة سياسية شاملة تنتهي أولا باستهداف جميع القوى المعارضة لها مع داعش أردنيا أوعبر التحالف، وثانيا بعدم ظهورها كدولة يستطيع الجار الأردني تحديد نطاق عمليات داخل أراضيها بدون «ثمن سياسي» من طراز إعلان الأردن لعودة العلاقات والتبرؤ من سياسات سابقة لا زال بعضها يسعى لإسقاط النظام السوري.
لذلك قرأت خطوة حشد القوات العسكرية في محيط درعا من الجانب السوري على انها محاولة لإعاقة «الاندفاع « الأردني لإعادة ترسيم حدود اللعبة وفقا لأسس التكافؤ، وهو مايفسر حملة التصريحات السورية المحذرة من مغامرات «برية». دمشق بهذا الإطار ليست ضد الحرب الأردنية على الإرهاب، لكنها تريد ان تشمل جبهة النصرة وأن تجري عبرها وبالتنسيق معها وعبر الاعتراف بنظامها، وهي خطوة كبيرة سياسيا على تحالفات ومصالح الأردن مع دول الخليج بهذه المرحلة.
على هذاالأساس يمكن اعتبار تحشيد قوات عسكرية في محيط درعا فجأة، وبعد أكثر من عامين من مطالبة عمان بذلك بدون فائدة، جملة «مناكفة» للنظام السوري لها أغراضها السياسية فرئيس الوزراء الدكتور عبدالله النسور مصر على ان المواجهة بين المعارضة المسلحة في درعا والجيش النظامي السوري عوائدها «سيئة» على الأردن بكل الأحوال فلو هزم المتطرفون في جبهة النصرة سيحاولون اللجوء للأردن ولو صمدوا او انتصروا ستتمركز قوتهم في خاصرة الأردن الشمالية وفقا للنسور كما سمعته «القدس العربي» مباشرة ومرتين على الأقل.


حتى «الأخوان المسلمين» في الأردن الذين «أدانوا» إرهاب داعش مرات عدة مؤخرا يريدون الحرص على أن لا يستفيد «النظام السوري» من نتائج المواجهة الحالية مع «داعش»،عبر عن ذلك لـ «القدس العربي» مسؤول الأخوان الإعلامي الشيخ مراد عضايلة وهو يسأل: توسيع العمليات لتشمل درعا يعني أن حزب الله اللبناني والقوات الإيرانية ستصبح في مواجهة الخاصرة الشمالية لنا بالأردن..هل هذا مقبول او مطلوب؟
ملاحظة العضايلة الأخيرة تدرس بعناية في الجانب الأردني وهو يحصي مكاسب ومخاسر المواجهة التي فرضتها داعش على الأردنيين. رغم ذلك ارتفع منسوب ما يسميه الأسد بتبادل معلوماتي عملياتي مؤخرا بين بلاده وطائرات التحالف ووصلت رسائل أردنية لدمشق مرات عدة وجرت مشاورات وتبادل معلومات فعلا ومستويات تنسيق على أساس تكرس قناعة الأردن بأن هزيمة الإرهاب تتطلب التعاون مع جيشين سوري وعراقي وهو ما أشار له الملك عبدالله الثاني علنا قبل أسابيع. مجمل الاعتبارات التي تحاول تفكيك لغز العلاقة بين عمان ودمشق في الأزمة المنفلتة الحالية يؤشر بوضوح على أن شعار دمشق في وجه الخيارات الأردنية « العبوا معنا وسنعترض ونناكف أي لعبة عبرنا وبدوننا، أما شعار عمان فلا زال سياسيا ودبلوماسيا يتبع قواعد الإيحاء الدائم بتوفر القدرة على «اللعب مع الجميع».

&