محمد علي فرحات

لم ينتظر الإعلام النتائج الأولية للتحقيق في قتل المسلّح الأميركي ستيفن هيكس ثلاثة طلاب عرب أميركيين (شقيقتان من أصل فلسطيني وزوج إحداهما ذو الأصل الفلسطيني السوري). تسرّع الإعلام الأميركي في تهميش الجريمة وإحالتها على خلاف حول موقف سيارة، وتسرّع الإعلام العربي في إحالتها على بند العنصرية ضد المسلمين.

&

لكنّ العرب الأميركيين يدركون جيداً الفرق بين مجتمع وطنهم الجديد وسياسات حكومته المنحازة في الشرق الأوسط. هذا الإدراك غاب تماماً عن «الخليفة» رجب طيب أردوغان الذي انتقد، من المكسيك التي يزورها، ما سمّاه صمت الرئيس الأميركي ونائبه ووزير خارجيته تجاه الجريمة، وهددهم بأن «العالم سيلتزم الصمت تجاهكم». ويندرج نقد أردوغان في سياق اتهام الغرب، من دون تفريق بين الحكومات والشعوب، بكراهية المسلمين، فيما تتعمّد أصوات الإسلام السياسي إغفال مسؤولية بلاد المنشأ في التسبب بهذه الكراهية وإنمائها.

&

المسلمون الأميركيون، وبينهم عرب، لم يعرفوا مشكلات تميزهم عن غيرهم من الجاليات المهاجرة إلا بعد 11 سبتمبر، حين رُفع الإسلام شعاراً لعملية إرهابية هزّت أميركا والعالم. كان الإرهاب العالمي في ما سبق مقروناً بأحزاب هامشية متطرفة لم تؤدِّ جرائمها إلى وصم دين المخططين أو المنفّذين. وحدهم المتطرفون المسلمون أدخلوا الدين في حروبهم العمياء من دون أن يحترموا الإسلام أو يسألوا المسلمين عما إذا كانوا يقبلون استخدام دينهم علامة لجرائم لا تحفل بحياة الأبرياء.

&

هنا ينضم رجب طيب أردوغان إلى أيمن الظواهري وأبو بكر البغدادي، بل هو ينافسهما في استغلال جريمة المواطن الأميركي المتعصب، للوصول إلى قلوب المسلمين والعرب الأميركيين وعقولهم، لكنّ هؤلاء لن ينصاعوا لقادة الإرهاب الواقع والمحتمل، لأنهم يعرفون أميركا جيداً، ويُدركون أن مجتمعها يتمتع بمرونة وبتراث من قبول الآخر، خصوصاً العقائد الدينية القديمة والمحدثة، فما من بلد في العالم يحظى بالقدر من الجماعات الدينية الذي نجده في الولايات المتحدة.

&

أما مطالب مسلمي أميركا وشكاواهم كمواطنين فتتولى شأنها الجمعية العربية الأميركية لمناهضة التمييز ADC، ولا حاجة لآراء زعماء أو قادة من العالم الإسلامي يعجزون عن حل مشكلات مجتمعاتهم، فيمدون الأيدي لإصلاح المجتمع الأميركي. إن تأثير أرض المنشأ كان في معظم الأحوال وبالاً على مسلمي أميركا، فقد انحدرت صورتهم من كونها محببة جذبت نجوماً رياضيين (كريم عبدالجبار «فرديناند لويس أركندور» ومحمد علي «كاسيوس» كلاي) وقادة مناهضين للتمييز ضد ذوي الأصول الأفريقية. تلك الصورة الجذّابة تحلّ محلّها صورة الرائد الطبيب في الجيش الأميركي نضال حسن الذي يقبع في السجن بعدما أقدم في فورتوود (تكساس) على قتل 13 وجرح 10 من زملائه العسكريين بالرصاص، ملبياً «فتوى» أنور العولقي الذي هرب إلى بلد المنشأ (اليمن) ليقود هناك إرهابيين يرفعون الإسلام شعاراً، ثم تقتله طائرة أميركية من دون طيار.

&

قادة الحروب الإسلامية - الإسلامية ومدمّرو الدولة الحديثة ودعاة التعصب والتحامل والانكفاء عن الآخر وكراهيته، هؤلاء من يتوجه إليهم النداء: لا تورّطوا مسلمي أميركا بأفكار مفخّخة تورث ضحايا وخراباً. وهنيئاً لكم قضاياكم القانونية التي تؤمّن الخبز والمعرفة والحرية والسلام لشعوب تحكمونها، مثل دعوة الهيئة التركية الحكومية للإعلام إلى منع استخدام الترجمة الأجنبية للفظ الجلالة، والاقتصار على استخدام كلمة «الله» أياً كانت لغة النص أو الحديث. وسبقت الأتراك «فتوى» المحكمة العليا في ماليزيا التي منعت المواطنين غير المسلمين من لفظ كلمة «الله» وكتابتها ونشرها لأنها حكر على المسلمين وحدهم.

&

من يؤذي المسلمين حقاً هذه الأيام؟
&