&

& أحمد الفراج

&
كلما حاولنا التخلص من الاتكاء على نظرية المؤامرة، أعادوها لنا جذعة، إذ لا جدال في أن داعش تنظيم إرهابي، يتكئ على فلسفة لها جذور تراثية، ولا خلاف على أن لداعش مريدين، بعضهم يدعمها عن قناعة، وبعضهم عن جهل، وبعضهم من باب المعارضة السياسية. هذا، ولكن علينا أن نتساءل عن ماهية من أوجدها، ومن دعمها إعلاميا، ونفخ في صورتها، ولا يزال، ففي الوقت الذي كنا نسخر من هذا التنظيم الإرهابي المحدود القدرات، كان الإعلام الغربي - ذاته - هو من ينفخ في صورتها، ويؤكد على شرعيتها، من خلال تسميتها بالدولة، ويبالغ في قوتها، ويزيد، ويعيد، مؤكدا على أن الحرب عليها ستستغرق سنوات!!، وكان ذات الأعلام هو الذي قدم لنا الخليفة البغدادي، ونقل خطبته، وكان صعبا جدا على الإستخبارات الغربية، بكل تقنياتها، أن تعرف مكانه حينها، ولا زال مكانه عصيا عليها!!.

لقد ذبحت داعش مواطنين أمريكيين، ثم بريطاني، ثم فرنسي، وبعده ياباني، وهكذا وزعت عداوتها، بكل مجانية، على أركان الكرة الأرضية !!، ويريدنا البعض أن نصدق أن تحالفا دوليا، يضم أعتى، وأشرس القوى العالمية، لم يستطع خلال أشهر، أن يحرر أكثر من واحد بالمائة من مساحة دولة داعش العظمى!!، والتي يتسلح مقاتلوها بالسواطير، والسكاكين، مع أن أمريكا لوحدها هزمت، واحتلت دولة بحجم العراق، وشردت جيشها الجبار، خلال أسابيع قليلة، وعينت عليها حاكما يفخر بوشم يده، وتبعه حاكم آخر، يلبس الحذاء الرياضي مع البدلة الرسمية، حتى كدنا أن نصدق أن داعش ستفتح روما عما قريب، ولا زال البعض مندهش من هذه القوة الخرافية لهذا التنظيم الذي يرعب جبابرة الكون !!.

إنها - ايها السادة - داعش، التي تذبح، وتحرق، وتصور أفعالها الإجرامية بأعلى تقنية ممكنة، حتى إننا لم نستطع التفريق بين أفلام جرائمها، وأفلام المخرج العظيم، أوليفر ستون، والغريب أن فيلمها الأخير، عن ذبح المصريين الأقباط، تم تصويره في الهواء الطلق، حينما كان المذبوحون يرتدون زيا برتقاليا فاقعا، والذابحون يرتدون زيا فاقع السواد، مع أن الخبراء العسكريين يؤكدون على أن هذين اللونين - تحديدا - لافتان لانتباه طائرات الاستخبارات، ولكن هذه الطائرات لم تلتقط المشهد، وفوجئت، مثلنا، بالفيلم!!، فما الذي يجري أيها السادة؟!!، وهل يحق لنا أن نعود لنظرية المؤامرة مرة أخرى؟!، أم أننا مخطؤون، وتنظيم داعش، بالفعل، أخطر، وأقوى من أن تقضي عليه قوات التحالف الدولي، والتي تضم أعتى، وأشرس قوة عالمية: الولايات المتحدة الأمريكية؟!!.
&